استمرارا لظاهرة الانفلات الأمني التي تسود المجتمع الفلسطيني اختطف مسلحون صباح أمس أجنبيين أحدهما استرالي والآخر هولندي خلال توجههما إلى عملهما حيث يدرسان في المدرسة الأمريكية الدولية شمال مدينة غزة. وقام أربعة مسلحين ملثمين باختطاف مدير المدرسة الأمريكية الدولية في مدينة غزة هندرك تاتجن «هولندي الجنسية» ونائبه بريان امبروجيو الاسترالي الجنسية من أمام مقر شركة (هونداي) في شارع النصر بالمدينة بعد أن اعترضوا سيارتهما التي كانا يستقلانها ومن ثم اقتادوهما إلى جهة مجهولة. ويعتبر مدير المدرسة الأمريكية من المتعاطفين مع الشعب الفلسطيني حيث كان سبق أن قام بتقديم رسالة احتجاج شديدة اللهجة إلى الإدارة الأمريكية محتجاً فيها على تواصل الغارات الوهمية في سماء القطاع واصفاً إياها بالعقاب الجماعي. وفور وقوع عملية الاختطاف شرعت الأجهزة الأمنية الفلسطينية بأعمال البحث عن المختطفين, ومحاولة معرفة الجهة التي نفذت عملية الاختطاف. وقد أعلنت الجبهة الشعبية مسؤوليتها عن عملية الخطف. وأفرجت في وقت لاحق عن المخطوفين. وعلى الصعيد ذاته اقتحم أكثر من 100 مسلح من كتائب شهداء الأقصى «لواء الشهيد جهاد العمارين» التابعة لفتح يوم الثلاثاء مقر تنظيم حركة فتح وسط محافظة خان يونس وتمرسوا على نوافذ المقر واعتلوا المبنى وأطلقوا النار في الهواء . وأكد نصر الله عابدين مسؤول المجموعة أن اقتحامهم جاء رفضاً لسياسة التمييز والعنصرية التي اتبعتها السلطة الفلسطينية في قضية تفريعات الأجهزة العسكرية على الأجهزة الأمنية، مشيراً إلى أن لواء مجموعات العمارين في شهداء الأقصى لم ينالها نصيب من تلك التفريعات الظالمة على حد وصفه. وقال: «منذ خمسة أشهر ونحن نطالب المجلس الثوري لفتح ومكتب التعبئة والتنظيم واللجنة الحركية بالتسريع في إجراءات تفريغ أبنائنا على الأجهزة الأمنية، وناشدنا كل المسؤولين بإيصال صوتنا حتى للرئيس عباس ولكن لا حياة لمن تنادي فكل الأساليب السلمية باءت بالفشل لمماطلتهم لنا ولم يبق أمامنا إلا الأساليب الإجبارية لتنفيذ مطالبنا». وهدد عابدين بمواصلة فعالياتهم الاحتجاجية واحتلالهم لمقر التنظيم إلى حين تنفيذ مطالبهم، مشدداً على أن هذه المرة لن يبرحوا المبنى كما فعلت الأجنحة العسكرية الأخرى في اقتحاماتها السابقة إلا بتنفيذ خطوات عملية بالنسبة لمطالبهم وأنهم لن يقبلوا بأي وعود. وأشار إلى أن حالة الاحتقان والقلق تسود عناصر كتائب شهداء الأقصى عامة من جراء سياسة التمييز المتبعة، معتبراً أن عناصر كثيرة تم تفريغها على الأجهزة الأمنية لا تمت لحركة فتح بصلة وليس لهم أي باع في أجنحتها العسكرية ،ولكن لهم واسطة في الحركة أدرجت أسماءهم في الكشوفات على حساب عناصر آخرين أكثر فعالية. كما احتلت الكتائب في وقت لاحق مقر محافظة خان يونس وطردت الموظفين العاملين فيها وذلك على مرأى من قوات الأمن الوطني والشرطة الفلسطينية المكلفين بحراسة مقر المحافظة. واقتحم المسلحون والملثمون غرف وشرفات المحافظة ونصبوا أسلحتهم الخفيفة عليها وأطلقوا النار في الهواء، وأكدوا أنهم لن يغادروه إلا بعد تلبيةمطالبهم بتفريغ عناصرهم في الأجهزة الأمنية أسوة بباقي الأجهزة العسكرية الأخرى التابعة لحركة فتح. على صعيد آخر، ما زالت وتيرة العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة تتواصل وسط التهديدات بقطع التيار الكهربائي عن قطاع غزة في حال استمرار إطلاق المقاومة الفلسطينية للصواريخ باتجاه منشآت حيوية مهمة في اسرائيل. فقد قصفت قوات الاحتلال المتمركزة على الحدود مع شمال القطاع مساء الثلاثاء بقذائف المدفعية مناطق مفتوحة قريبة من مدينة الشيخ زايد السكنية ومنطقة العطاطرة مما ادى الى احداث أضرار مادية في المناطق التي استهدفتها القذائف الا انه لم يبلغ عن وقوع اصابات في صفوف المواطنين. وقد اصيب طفل فلسطيني بجراح بنيران قوات الاحتلال اثناء لهوه وصديقه بالقرب من خط التحديد شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة. واطلقت قوات الاحتلال نيرانها باتجاه الطفل محمد خضر سعدون (15 عاماً) مما ادى الى اصابته بجروح طفيفة في القدم، في حين نجا صديقه (15 عاماً) من الموت بأعجوبة بعد أن فر هارباً من المكان بينما كانا يلهوان في المنطقة. في غضون ذلك دعت وزارة الداخلية والأمن الوطني الفلسطينية إلى التوقف الفوري والتام عن إطلاق القذائف والصواريخ محلية الصنع، والالتزام بالتهدئة كخيار وطني توافق علية الجميع وطنياً وفصائلياً. وطالبت الوزارة في بيان صحافي الجميع بتحمل المسؤوليات الوطنية والأخلاقية في سحب الذرائع والمبررات الإسرائيلية في ضرب وتدمير البنية التحتية والخدماتية لشعبنا. وأشارت الوزارة إلى استمرار الادعاءات الإسرائيلية والمزاعم المستمرة بتصعيد قوات الاحتلال عدوانها وعمليات القصف بالمدفعية وصواريخ الطائرات للمناطق الحدودية وما ينتج عنه من تدمير وتخريب يصيب البنية التحتية لشعبنا. ودعت المواطنين إلى التصدي لكل الخارجين على الإجماع الوطني الذين يقدمون الذرائع والحجج مجاناً لحكومة الاحتلال وآلته العسكرية لاستباحة كل شيء فلسطيني بدلاً من تعرية وفضح الاحتلال وجرائمه البشعة والعمل على وقفها بما يحمي مصلحة الوطن والمواطن. وأكدت الوزارة أن قوات الأمن والشرطة لن تتوانى في التعامل بحزم مع هذه الممارسات الخارجة عن الإجماع الوطني والتصدي لها بكل قوة بما يحفظ المصلحة الوطنية العليا. من جانبها عبرت كتائب شهداء الاقصى التابعة لحركة فتح عن رفضها لبيان وزارة الداخلية، وقالت ان القصف جاء «ردا على البيان الذي أطلت به علينا وزارة الداخلية الفلسطينية واصفة رجال المقاومة الفلسطينية بالخارجين عن الإجماع الوطني مطالبة لهم بسحب الذرائع من العدو وكأن العدو كان بحاجة لذرائع ليرتكب ما ارتكبه على مدار التاريخ الفلسطيني».