مقدمة.. عزيزي.. أبا نبيلة.. تحياتي.. هذا هو النص في صورته الأولى يهمني جداً أن تتآلف معه، أن تحبه، ربما مشكلته أنه طويل، وهو أمر قد يدفع بقارئه أو يغريه إلى إشعال سيجارة في اللحظة الأخيرة. لديّ إصرار وشبه يقين أن هذه الرسالة بشكلها النهائي سوف تدخل كل البيوت، كل المقاهي والمدارس - لذلك أريد رأيك قبل.. مع حبي. صالح العزاز 27/3/2002م تذوق طعم الحياة بنكهة الحب هذا هو صديقي الرائع الذي كان وسيماً جداً، صديقي الذي أحبه كثيراً، عاد من شهر العسل متعباً منطفئاً كأن الحياة سرقت من عينيه. بعد زواج متأخر بسبب شروطه ومقاييسه الباذخة، بعد حفلة زفاف نادرة توجت حكاية حب عاصفة وممطرة وسريعة، جلس يروي لي الحكاية، كيف تبخرت الأحلام وماتت عصافير الدهشة كأنها لم تغرد في يوم من الأيام. كأن حديقة قلبه لم تعرف العواصف والبروق والأمطار وقوس قزح. يقول لي صاحبي. بعد مرور الأسبوع الأول على وصولنا إلى هناك لنبدأ شهر العسل في رحلة الأحلام. شعرت أنها تكرهني ولا تطيق رؤيتي أو أن تشم رائحتي، جلسنا غريبين في محطة قطار وقد ضاع منهما العنوان. صاحبي يروي لي الحكاية وهو ينفث مرة من أنفه، ومرة من فمه خيط دخان. سيجارته المحترقة ترتعش بين أصابعه المنهكة، يتذكر وجهها وبريق عينيها ولون شعرها فيبدأ بالنحيب والبكاء. يقول لي: كنا مثل طفلين صغيرين، البحر لعبتهمل المفضلة والسماء الزرقاء والبحر والعيون.. لكن حبيبتي انفجرت كأنها البركان، وإذا بها تكرهني.. تكرهني. كان صاحبي يروي لي الحكاية وهو يشعل سيجارة وراء سيجارة. قلت له: اسمع يا صاحبي: والله لو كنت أنت الآن في مكاني لغفرت لها وعذرتها بأن تكرهك وتكره الحياة معك!.. وإذا به ينفجر قائلاً: تكرهني وتكره الحياة معي، أنا ابن جلا؟! مهلاً يا صديقي: سأروي لك الأشياء التي رأيتها وأنت جالس أمامي محطماً ومتعباً، رأيت وجهاً كالحاً، سمعت صوتاً يابساً، رأيت فماً كأنه منجم قديم، وأسناناً كأنها سور الصين العظيم.. لقد أشعلت يا صديقي ألف سيجارة وسيجارة. اتق الله يا صديقي.. دخلت في حديقة الحياة الرائعة المفعمة بالورد والرمان والياسمين، لكنك تصرفت وكأنك في حديقة الحيوانات المغلقة!! هذه امرأة رائعة وفاتنة تمنحك صباح مساء المسك والعنبر وفوقهما السكر. وأنت تعيد لها «طفاية» السجائر من بقايا سهرة البارحة. لماذا يا صديقي الذي كان وسيماً جداً تحرم نفسك من مذاق طعم الحياة الرائعة الذي لم تجربه منذ غادرت صدر أمك؟! سر الحياة في القبلة الرائعة، بريقها وشمها وأنت تريدها فراشة ميتة، وشهوة عابرة مثل قبلة عاجلة قد تكون جربتها في رحلة عابرة في الشوارع الخلفية لمدينة صاخبة في آخر ساعة قبل موعد الطائرة. يا صديقي، افتح نافذة غرفتك للشمس والهواء. أطفئ سيجارتك الأخيرة. استعد طعم الحياة وأغنيتها الرائعة الأصيلة.. زقزقة العصافير وبريق الحياة في العيون، في السماء والحديقة. يا صديقي، أرجوك أطفئ سيجارتك الأخيرة لكي تعود إليك حبيبتك الرائعة الجميلة ومعها طيور الحب وعنقود العنب وشجر الرمان، فتأخذك إلى الحديقة. هناك يا صديقي تكون أنت تينة طازجة ولذيذة. تحبك الطيور وتمطر السماء وتعزف الرعود والبروق، فتبدأ قصة حب برائحة مميزة ورائعة وجميلة. أطفئ سيجارتك الأخيرة فكلنا من حولك لا نحب هذه الرائحة اللعينة.