يعيش من بقي على قيد الحياة -حتى الآن- من مواطني جمهورية بوروندي بأفريقيا مأساتهم المرعبة دون مساعدة أو تدخل من أي جهة دولية أو منظمات ومجالس عالمية تدافع عنهم وتحميهم من وحشية المليشات العسكرية المتمردة التي تحكم أطلال بلادهم أو على الأقل تعينهم على الخروج من جحيم الحياة هناك واللجوء إلى مناطق أكثر أمناً وتهيئة للعيش. وحتى في وسائل الإعلام المتنوعة والمختلفة فإن الأخبار والتقارير والمتابعات لما يحدث حالياً في تلك الجمهورية الداخلية الواقعة بوسط القارة الأفريقية هي قليلة ومتأخرة زمنياً عن الواقع الفعلي وذلك بسبب صعوبة وشبه استحالة الدخول إلى جمهورية بوروندي لتعنت وسيطرة الحكومة المحلية على البلاد وتسلط المليشيات العسكرية المتوحشة على الأوضاع هناك. ومنذ ما يزيد على الثلاثة أعوام تقريباً وذلك وفقاً لما ينشر ويعلن في وسائل الإعلام وبوروندي تعاني من أزمة صراع سياسية داخلية وحرب أهلية حقيقة أدت بالإضافة إلى تدهور حال البلاد بشكل عام إلى قتل الآلاف من الأبرياء وتشريد مئات الآلاف الآخرين وفقدان الكثيرين وتردي مستوى المعيشة وانعدام الأمن الداخلي وغيرها الكثير من التبعات السلبية. وتتكرر كل يوم في جمهورية بوروندي مشاهد المعارك بين الأقطاب والأحزاب السياسية المتناحرة وتزداد كل يوم حصيلة الضحايا من قتلى ومصابين ومفقودين نتيجة للاشتباكات الدموية التي تحدث وتحصل داخل ووسط الأحياء السكنية والمناطق الحيوية التي يتواجد فيها أولئك المدنيين الأبرياء الذين يخشون على حياتهم ومهددين بفقدانه في أي لحظة وفي كل حين. ويعاني أولئك المدنيين الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ وعجرة ومرضى وغيرهم بالإضافة إلى رعبهم الدائم من بؤس الحياة المدنية اليومية مع استمرار تدهور الأوضاع الداخلية لبلادهم فيحاول بعضهم ممن يجد سبيلاً إلى ذلك الهرب واللجوء إلى بعض البلدان والدول المجاورة لهم لغاية واحدة فقط وهي البقاء أحياء قبل تحولهم إلى أرقام في إحصائيات القتلى. وتبذل بعض الجهات الدولية الإنسانية المتواجد في بعض الجمهوريات الأفريقية المجاورة لبوروندي مثل تنزانيا جهوداً يسيرة وغير كافية في مساعدة اللاجئين منها وذلك لعدم توافر ما يمكنهم من تقديم العون الكافي وشح الإمدادات والإعانات التي لا تكفي حتى لنصف عدد أولئك اللاجئين الهاربين من الموت قتلاً أو جوعاً أو مرضاً والحالمين بحياة أفضل. ومن الإبادة الجماعية إلى التعذيب والخطف والقتل الجائر الاستبدادي يروي بعض اللاجئين البورونديين الناجين من الموت في معسكرات الإيواء بتنزانيا قصصاً كارثية لما تعرضوا له من وحشية التصرفات الهمجية اللاإنسانية لأفراد الميليشات العسكرية التابعة للأطراف السياسية المتناحرة على الرغم من عدم دعمهم أو انتمائهم أو مساندتهم لأي جهة. ولا يبدو بأن الأوضاع المتأزمة في تلك الجمهورية التي يحكمها الرئيس الحالي بيير نكورونزيزا ستشهد قريباً أو حتى بعد حين ليس ببعيد أي استقرار أو هدوء وستستمر حالة العنف السائدة والمتصاعدة هناك في تأزمها مع رفضه للحلول السلمية والتدخل الدولي ومواصلته لقتال من يصفهم بأعدائه السياسيين ممن يحاولون الإطاحة بحكمة والانقلاب عليه. وبناءً على استمرار الأزمة التي تعيشها بوروندي فقد أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة أن تدفق اللاجئين من تلك الجمهورية إلى حدود الدول المجاورة لها والتي ليس بأحسن حالاً منها سيتواصل إلى أجل غير مسمى وسيتحول احتمالاً وبمرور الوقت وبعد خروج الأمر عن السيطرة إلى مشكلة عالمية قد تتفاقم لتعاني منها دول كثيرة. وبالرغم من إدانة مجلس الأمن الدولي لواقع الحال الخطير في بوروندي وانتقاد بعض رؤوساء الدول الغربية مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا لما يحدث هناك من مآسي إلا أن الأمر في الحقيقة لا يتجاوز بعض التصريحات التي تقال على هامش اللقاءات والاجتماعات ودعم مادي بسيط للمنظمات الإنسانية العالمية العاملة هناك دون تدخل فعلي لحل المشكلة. لوغو جريدة الغارديان