رغم مسحة الأمل والتفاؤل العريضة التي صاحبت الإعلان عن "خطة التحول حتى العام 2030م".. إلا أن المخاوف تظل كبيرة والرؤية غير واضحة بالكامل حول وطأة هذه النقلة النوعية التي قد تولد أعراضاً تضخمية من نوع أو آخر بعد تنفيذ الخطة بكامل عناصرها خلال الخمس عشرة سنة القادمة.. لكن من يطلع على الرؤية ويتفحصها ويُدرك مدى الجهد الضخم الذي يتطلبه العمل على تنفيذها.. لا بد وأن يقتنع بأن هذه المخاوف سوف تزول مع الأيام إذا تضافرت الجهود.. وتحرك المجتمع بصورة أسرع.. وعملت كافة أجهزة الدولة ومؤسسات القطاع الخاص بتعاون كبير على الحد من السلبيات.. وبعض المظاهر التي ستصاحب عملية الانتقال السريع من الوضع الذي نحن فيه إلى المستوى الذي ننشده.. والذين فهموا (بالخطأ) أن الأمير محمد بن سلمان قد قلل من أهمية مشكلتي البطالة بين الشباب وندرة توفر السكن لمحدودي ومتوسطي الدخل.. لابد وان يصححوا هذا المفهوم بمجرد النظر إلى الرؤية من كافة جوانبها.. وينظروا في الأهداف الكلية والنهائية التي تعمل على تحقيقها.. فالأمير في كل أحاديثه ركز على أهمية تغيير البنية الاقتصادية.. وتوسيع مجالات الاستثمار.. وبالتالي تنويع مصادر الدخل المتحققة من المشروعات الضخمة التي ستنشأ على جميع المستويات وفي مختلف القطاعات الصناعية.. والتجارية.. والعسكرية.. والموانئ.. والمطارات.. والخدمات الصحية والتعليمية.. باستغلال جميع الثروات والطاقات غير المستثمرة حتى الآن بصورة كاملة وبجدوى اقتصادية عالية.. وهو ما تسعى الرؤية الاقتصادية الجديدة إلى معالجته.. وبالتالي خلق ملايين الفرص الوظيفية أمام طالبي العمل وبالذات في ضوء تحسين مستوى مخرجات التعليم لترقى إلى مستوى متطلبات سوق العمل الجديدة المتسمة بالتنوع والحيوية.. وعندما ترتفع عوائد الاقتصاد واستثماراته وفقاً للخطط والبرامج التي ستفعل هذه الرؤية.. فإن مشكلة الإسكان ستحل تماماً.. وكذلك كل المشاكل الأخرى التي يشكو منها المواطن البسيط من ذوي الدخل المحدود.. وزيادة أعباء المعيشة وكلفتها. وعلى سبيل المثال.. فإن الرؤية وضعت في حسابها العمل على تطوير قطاع التعدين.. ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 97 مليار ريال.. وبالتالي زيادة عدد فرص العمل في هذا القطاع إلى (90) ألف فرصة وظيفية بحلول العام 2020، أي بعد أربع سنوات من الآن فقط.. كما عملت الرؤية -في نفس المدة- على إضافة (مليون) فرصة عمل للمواطنين في قطاع التجزئة فقط.. هذان قطاعان مرشحان لتوفير هذا العدد الكبير من الوظائف فما بالنا ببقية القطاعات التي تسعى الرؤية إلى خصخصتها بقوة.. وفي مقدمتها مجالات الصحة.. والتعليم.. والموانئ الجوية والبحرية.. والنقل.. فضلاً عن التوسع المنشود في قطاعات الصناعة العسكرية.. والمدنية.. والغذائية.. والطاقة المتجددة.. وفي مجالات السياحة.. وتوسيع نطاق الأنشطة المتصلة بالحج والعمرة والعمل على استقطاب (30) مليون معتمر وزائر بنهاية مدة الخطة (2030).. وبمعنى آخر.. فإن واحدة من أكبر المشكلات التي تقلقنا ممثلة في تزايد معدل البطالة.. سوف لن تكون كذلك في المستقبل وبالتالي بعد زوال هاجس الوظيفة.. والدخل المناسب.. واستيعاب مئتي ألف مبتعث وربما يصلون إلى ثلاث مئة الف بنهاية الخطة أو أكثر بعد ان كانت أحد أسباب التحول عندما تجد العقول الجديدة فرصتها في العمل وإثبات الوجود ونقل المعرفة الجديدة التي اكتسبتها من الخارج أو من مؤسسات التعليم المحلية بعد تطويرها.. إلى سوق العمل العريضة.. والمتصفة بالحيوية.. ودعم وتشجيع روح الابتكار.. ومضاعفة الإنتاجية.. واحترام العمل.. والتخلص من الاتكالية.. واللامبالاة.. وعدم الجدية التي تسيطر على قطاعات العمل الحكومية في الوقت الراهن وانتقلت عدواها حتى إلى القطاع الخاص بصورة مخيفة.. كما أن تحريك السوق.. وتنشيط دورة العمل.. وتوسيع دوائر مساهمات القطاعات البنكية.. والصناديق المتخصصة بالمعونات أو القروض.. وبوضع يد الدولة على ملايين الكيلومترات من الأراضي وتوظيفها لصالح المواطن البسيط ومتوسط الدخل سوف لن تصبح لدينا مشكلة سكن.. وسوف يتضاعف من يملكون منزلاً بنهاية الخطة أيضاً.. والمهم هو.. ان تتحقق بنود وأهداف الخطة بتضافر جهود الجميع مع الدولة.. وبتعاوننا مع هذه المنهجية الجديدة في التفكير وان تحقق ما نسبته (70%) مما اشتملت عليه الرؤية في العام (2030).. لأن ذلك كفيل بأن يؤمن بلادنا.. ويحقق السلامة لها أكثر فأكثر.. وان يجعلنا واحدة من بين دول العالم المتقدمة حقاً.. شريطة ان نغير الكثير من انماط التفكير.. والسلوك الانهزامي.. أو المغلق.. وان نستوعب حركة التاريخ في التغيير وعدم الجمود.. وان لا نُعيق الجهود المخلصة لفتح المزيد من الآفاق الرحبة للاندماج في العالم الجديد وان نفتح الأبواب المغلقة على انفسنا.. وننتظر الفرج من الغير.. ونستمر في الاعتماد عليه.. ونواصل ما نحن فيه وعليه من سلوك استثماري.. وذلك لن يتحقق الا بإحداث تغييرات جذرية واسعة في الكادر الحكومي وفي غير الحكومي.. لإدارة دولاب الحياة بروح المسؤولية الجديدة بعيداً عن الأداء البيروقراطي العقيم.. وطغيان المصالح الخاصة والفئوية على المصلحة العامة.. وتقديم الخدمات للمواطن على أنها حقوق مكتسبة.. لا يتفضل بها مدير الإدارة أو المرفق أو الموظف عليه.. ويعامله بعنجهية مؤذية لكرامته. والأهم من كل ذلك هو.. ان يلمس المواطن ان هناك احتراماً للوقت.. واختصارا للإجراءات.. وحصولاً على الخدمات والتراخيص في أسرع وقت.. وعبر وسائل وبرامج إلكترونية.. بدل استنزاف جهده.. ووقته.. وطاقته.. واضاعتها بين دائرة وأخرى.. وبما يؤدي إليه ذلك من تعطيل مصالحه أو مشاركته فيها.. كل ذلك وضعته الرؤية في حسابها.. ونعتقد ان التحدي الأكبر الآن هو تحقيق تفاصيلها بآليات.. وأدوات قوية وكافية.. وقادرة على مواجهة مقاومة التغيير التي تعترض -في العادة- الخطط والبرامج والسياسات الجديدة والجادة.. وذلك بوضع قوانين ضابطة.. وعقوبات مشددة.. واجراءات حازمة ضد كل من يعمل خارج إطار المصالح العليا للوطن والموطن. *** ضمير مستتر: [ لا قيمة لأي خطة.. إذا هي لم تحقق الأهداف المرسومة لها.. بتعاون الجميع معها.. نهوضاً بالوطن.. ورقياً بمستوى معيشة المواطن وأمانه فيه]. [email protected]