أعرب الرئيس محمد حسني مبارك في كلمته أمام القمة الاستثنائية الثالثة لمنظمة المؤتمر الإسلامي في مكةالمكرمة عن مشاعر الشكر والامتنان لخادم الحرمين الشريفين وللشعب السعودي على الحفاوة وكرم الضيافة، وعلى اقتراح عقد هذه القمة الهامة، والدعوة اليها واستضافتها في رحاب مكةالمكرمة. مشيراً الى ان هذه القمة الاستثنائية تنعقد وعالمنا الإسلامي يمر بمنعطف دقيق.. ووسط ظروف اقليمية تموج بالازمات والمخاطر، ومعترك دولي يطرح العديد من التحديات. واضاف ان ما تواجهه امتنا الإسلامية من معطيات جديدة على الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية انما يفرض علينا التمعن في حاضر الامة ومستقبلها والخلوص الى مواقف مشتركة تكفل الدفاع عن قضايانا ومصالح شعوبنا، والتغلب على ما نواجهه من تحديات ومخاطر. يقتضي كل ذلك تعزيز تضامننا وتفعيل العمل المشترك فيما بيننا، وتطوير إطاره المؤسسى، المتمثل في منظمة المؤتمر الإسلامي، تدعيماً لدورها وفعاليتها واساليب عملها. وقال: إننا نواجه سوياً تحديات مشتركة ما بين القضايا العالقة كالوضع في فلسطين وبؤر التوتر الراهنة كالوضع في العراق، والنزاعات المستمرة في العديد من بقاع افريقيا وآسيا. تتوازى مع ذلك التحديات الاقتصادية والاجتماعية للعولمة، وتحديات ثقافية تحاول النيل من هويتنا، وتسعى لوصم الإسلام بالإرهاب والتطرف، وكأن أمة برمتها في موقع الاتهام والترصد. وأضاف : يؤسفنا جميعاً ما نراه من دعاوى صدام الحضارات وتصاعد المشاعر المعادية للإسلام والمسلمين، وما تتعرض له الجاليات المسلمة من مضايقات، في تجاهل للجوهر الحقيقي لديننا الحنيف وسماحته ولما اسهمت به الحضارة الإسلامية في تراث الإنسانية وتجاهل مماثل لحقيقة ان الإرهاب قد صار ظاهرة عالمية، لا ترتبط بوطن او دين، ولم يعد احد محصناً من شرورها على اتساع العالم. وقال ان دول عالمنا الإسلامي تعاني - كغيرها - من الإرهاب ومخاطره.. وتذكرون انني دعوت منذ عام 1986 لعقد مؤتمر دولي تحت مظلة الاممالمتحدة.. كي يضع الاسس لتعاون دولي فعال يحاصر قوى الإرهاب. واطلقت هذه المبادرة منذ سنوات طويلة، تحول الإرهاب خلالها لظاهرة عالمية.. تتطلب تحركاً عالمياً عاجلاً لاحتواء تهديداتها ولقد عاودت مصر تأكيد هذه المبادرة والتذكير بها.. امام قمة التعاون الاورومتوسطي الاسبوع الماضي في برشلونة.. اقتناعاً بأننا جميعاً - مسلمين وغير مسلمين - نقف في خندق واحد، في مواجهة هذا الخطر المشترك. وقال: كما نتذكر جميعاً مؤتمر الرياض الناجح حول الإرهاب في شهر فبراير الماضي، والإعلان الصادر عنه وما تضمنه من مقترحات وتوصيات، من اجل تعزيز جهود مكافحة الإرهاب، على المستويين الاقليمي والدولي. إن عالمنا الإسلامي يعي ما يمثله الإرهاب والتطرف من تهديدات ومخاطر، ويعي في ذات الوقت ان استمرار العديد من الاوضاع والقضايا العالقة، انما يغذي قوى الإرهاب ويوفر لها الغطاء والذرائع، وان التناول المتوازن والعادل لهذه القضايا، هو متطلب رئيسي في المعركة التي نخوضها مع العالم ضد الإرهاب. وشدد على حاجة امتنا الإسلامية لتوضيح كل هذه المواقف، وللاستمرار في دعم الحوار بين الثقافات والحضارات والاديان، كبديل لدعاوى ونظريات الصراع فيما بينها، تشتد الحاجة الآن لنقل الصورة الحقيقية لشريعتنا السمحة، ومواجهة المشاعر المعادية للإسلام والمسلمين. وأثق ان منظمة المؤتمر الإسلامي مؤهلة للعب دور رئيسي في تحقيق ذلك. وقال: ان تحديات العولمة تقتضي تضافر جهودنا للحاق بركب التقدم التكنولوجي الذي اصبح سمة العصر، ومدخلاً رئيسياً من مدخلات القدرة التنافسية للاقتصادات الوطنية. كما يتعين علينا ان نستفيد من المزايا الاقتصادية التي نملكها، وان نعمل على توثيق وتدعيم روابط التعاون فيما بين الدول الإسلامية، في مجال التجارة والاقتصاد والاستثمار، كي نتمكن من رأب الهوة الآخذة في الاتساع فيما بيننا ودول العالم المتقدم. واضاف: إن إدراكنا لما يحيط بنا من تحديات، يصاحبه اقتناع راسخ بقدرتنا على مواجهتها.. وانني على يقين بأن ما تمتلكه امتنا الإسلامية من امكانات، كفيل بتجاوز معطيات الوضع الراهن ومشكلاته، وتحقيق طموحات المستقبل وآماله. واشار الى اننا جميعاً نتطلع لحاضر ومستقبل افضل لشعوبنا، ونؤمن بأن الطريق الى ذلك هو إصلاح وتطوير وتحديث مجتمعاتنا، نمضي على هذا الطريق بخطى ثابتة، كل بحسب ظروف مجتمعه وخصوصياته. ومن ذات المنطلق.. فإننا ندعم قضية تطوير منظمة المؤتمر الإسلامي.. بما يتفق والمرحلة الراهنة لمحيطنا الاقليمي والدولي، وبما يعزز قدراتها في التعامل مع مقتضيات هذه المرحلة، والحفاظ في ذات الوقت على المبادئ والاهداف التي تأسست المنظمة عليها. وقال: اننا في حاجة للتوصل لرؤية متكاملة ومنهج واضح، يؤديان بنا لهذا التطوير المنشود، واسمحوا لي ان اطرح امامكم ما قد يعيننا في بلورة هذه الرؤية وهذا المنهج: اولاً: ضرورة توافر الالتزام بتفعيل وتعزيز عمل المنظمة، وتوفير الدعم اللازم، كل حسب طاقاته وإمكاناته. ثانياً: اهمية تحديد اولويات واضحة في خطة عمل المنظمة، والتوصل الى برامج تنفيذية محددة لتحقيق هذه الاولويات بمشاركة جميع الدول الأعضاء ومن خلال الدراسة المدققة، بغية تجنب تشتيت الجهود والموارد. ثالثاً: تفعيل الآليات القائمة حالياً داخل المنظمة، وتحقيق اقصى درجات التنسيق فيما بينها، قبل البت في مدى الحاجة لاقامة آليات او هياكل جديدة. رابعاً: ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق بين دول منظمة المؤتمر الإسلامي، في اطار المنظمة وباقي المحافل الدولية والتجمعات الاقليمية التي تجمعهم، او تجمع عدداً منهم. واختتم مبارك كلمته بالتأكيد على ان أمتنا تجتاز مرحلة حاسمة في تاريخها، تواجهها تحديات صعبة، وتحدوها آمال مشروعة لحاضر ومستقبل افضل. نتحمل جميعاً مسؤولية وامانة كبرى امام شعوبنا، ونسعى لمكانة نستحقها في عالم يموج بالتحولات، لابديل امامنا سوى التمسك بتضامننا، وتعزيز وحدة صفوفنا ومواقفنا وعملنا المشترك.