كشفت دراسة علمية أجرتها مختصة نفسانية جزائرية بمناسبة اليوم العالمي للإيدز، أن الهجرة غير الشرعية تعد أحد أهم ثلاثة عوامل تتسبب في زيادة عدد المصابين بالمرض في الجزائر، إلى جانب تجارة المخدرات والدعارة. وأشارت «زهرة بكحولة» أن أول مصاب في الجزائر بمرض فقدان المناعة العام 1985 كان مهاجراً جزائرياً مدمناً. وأظهرت دراسة ميدانية استشفائية أعدتها جمعية «تضامن إيدز» أن 70٪ من المصابين بالإيدز يقطنون خارج العاصمة الجزائر، من بينهم 32 طفلاً، وهؤلاء ينحدرون من عائلات متوسطة ومستواهم لا يتعدى مرحلة الإبتدائي، فضلا عن إصابتهم بالمرض عن طريق العلاقات الجنسية غير الشرعية وغير المحمية. وبينت أرقام الدراسة التي تمت بالتنسيق مع مصالح الدرك الوطني، أن ولاية تمنراست الواقعة على بعد 1950 كلم أقصى الجنوب الجزائري، تحتل المرتبة الأولى على المستوى الوطني من حيث تدفق الهجرة غير الشرعية للأفارقة، التي شهدت في السنوات الأخيرة تزايداً مقلقاً، إذ تشير أرقام الدراسة أنه خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة الحالية، عالجت مصالح الدرك الوطني 997 قضية في هذا الصدد وأوقفت على إثرها 4750 رعية أجنبية، وتمثل ولاية تمنراست، التي تعتبر بوابة الصحراء الإفريقية لمجاورتها بلدان الساحل، تمثل لوحدها حسب الأرقام الرسمية 11٪ من الحالات المعلن عنها وطنياً، في حين قدرت نسبة المهاجرين الحاملين لفيروس الإيدز 55٪، وكانت إحصائيات صادرة عن مديرية الصحة والسكان مؤخراً أحصت أزيد من 350 مصاباً بداء الإيدز على مستوى ولاية تمنراست منذ العام 1995، وأشارت أن 50٪ منه أجانب من أصل 15 بلدا إفريقيا. وتشير إحصاءات الدرك الوطني، أن الملفات ذات العلاقة بالدعارة، التي تعد هي الأخرى أحد أهم الأسباب في انتشار مرض الإيدز وانتقاله من شخص إلى آخر، بلغ عددها 41 قضية خلال الأشهر القليلة الماضية، إذ تم ايقاف 137 متهماً، 80 من جنس الذكور و57 امرأة، علما أن العنصر النسوي الافريقي يتعاطى الدعارة كوسيلة لجمع المال بالأخص بالمناطق الجنوبية الحدودية مع دول المال والنيجر وكشف من جهته البروفيسور مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث أن ما لا يقل عن 50٪ من المتاجرين بالجنس في الجزائر لا يتقيدون بالشروط الوقائية، مما يعرضهم لمختلف الأمراض الجنسية وفي مقدمتها الإيدز، ويجعلهم يشكلون خطراً حقيقياً على الآخرين. وكشف البروفيسور خياطي في لقاء قصير مع «الرياض» أن الجزائر استفادت هذه السنة بمساعدة مالية من طرف (ONU SIDA) في إطار البرنامج الأممي العالمي الموجه لمكافحة الإيدز، واشار أن الجزائر تحصلت على 1 مليون دولار يسمح لها باقتناء الدواء لكل المرضى، متوقفا عند مسألة تكلفة علاج مرضى الإيدز، إذ أن علاج مريض واحد في السنة يكلف الدولة ما يقارب 20 ألف دولار. هذا علماً أن عدد المصابين بالمرض خلال الشهور التسعة الأولى من السنة الجارية بلغ 34 مصاباً، و47 شخصاً حاملاً للفيروس، ليكون العدد الإجمالي للمصابين وفق إحصائيات رسمية إلى غاية سبتمبر / أيلول الماضي، 767 حالة إصابة و1868 حامل فيروس، منهم 125 حالة سجلت بعاصمة الغرب الجزائريوهران. وكانت الجزائر احتضنت في الفترة ما بين 13و 16 نوفمبر المنصرم أول ملتقى إقليمي علمي وتوعوي حول تمكين ودعم الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشري في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومن المقرر أن يتم قبل نهاية العام 2006 إنشاء مركز للكشف السري والمجاني على مستوى كل ولاية من ولايات ال 48 للجزائر، مثلما أعلن عنه وزير الصحة عمار تو، وذلك ضمن استراتيجية العمل الجديدة التي ستعتمدها السلطات المختصة لتوفير المناخ المناسب للمصابين للكشف عن إصابتهم بصفة مجهولة، تجاوزاً لحالة اللاخوف في التصريح، احتراماً للحريات الفردية. هذا علماً أن الجزائر تتوفر لحد الساعة على 7 مراكز مرجعية للكشف فتحت أبوابها منذ العام 1996، في كبريات العواصمالجزائرية، وهذا بالتعاون المستمر مع هيئة الأممالمتحدة. الأئمة والخطباء يخوضون المعركة ومن جهتهم استغل الأئمة والخطباء، ضمن الحملة التي قادتها وزارة الشؤون الدينية في الجزائر دورهم التأثيري على المجتمع، لينضموا هم أيضاً لحملة التحسيس التي أطلقتها هيئة الأممالمتحدة هذه السنة تحت شعار «لا تديروا ظهوركم للإيدز» ولقد خاض هؤلاء طيلة هذه السنة في موضوع الوقاية من داء الإيدز بانتهاج الوعظ ورسائل المحبة، عبر 15 ألف مسجد يؤمها 14 مليون مصل عبر الوطن، ولقد منح وزير الأوقاف الجزائري الدكتور عبد الله غلام الله، وساماً تقديراً، ونصباً رئيساً شرفياً ل «جمعية الحياة» إحدى أهم الجمعيات الجزائرية الناشطة في مجال مكافحة مرض الإيدز، وسفيرا عن المصابين بالإيدز، وناطقاً رسمياً باسمهم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من قبل هيئة الأممالمتحدة.