مع المعرض الذي تنظمه اعتبارا من السبت الماضي وحتى 12 نيسان - ابريل المقبل بعنوان «الف عام من الفنون التركية» تنقل الاكاديمية الملكية في لندن الزوار إلى حقبة كانت فيها مدن مثل بغداد والموصل اللتين اصبحتا اليوم مرادفا للحرب، مراكز ثقافية مشعة في ظل الامبراطورية العثمانية. هذا المعرض الأهم في هذا المجال في اوروبا يقود المشاهد في «هذه الرحلة عبر الف عام من التاريخ التركي، من 600 إلى 1600» بعصا سحرية متتبعا خطى علاء الدين إلى اصقاع شاسعة من الصين إلى منغوليا مرورا بافغانستان وايران والعراق وطاجيكستان وبالتاكيد تركيا الحديثة. ويقدم المعرض في بيكاديللي بقلب لندن حوالي 350 قطعة فنية متنوعة من المنحوتات والخزفيات والرسوم والسجاد المصنوع في ورش القبائل الرحل في آسيا الوسطى اضافة إلى ابواب مرصعة بالأحجار الكريمة واعمال سينان الذي يعتبر بمثابة «مايكل انجلو» الامبراطورية العثمانية. يبدأ المعرض بالاويغور، شعوب البدو الرحل في آسيا الوسطى التي كانت اول من سميت بالترك لينتهي بالسلطان العثماني سليمان القانوني كما يوضح ديفيد روكسبيرغ. وشعوب الاويغور التي وصلت حتى بلاد فارس (ايران اليوم) والاناضول اعتنقت الاسلام خلال تجوالها قبل ان تؤسس امبراطورية تعاقب عليها السلاجقة ثم التيموريون ومن بعدهم العثمانيون، في تاريخ تميز في الغالب بالعنف بسبب الحروب الكثيرة التي دارت بين السلالات الحاكمة. لكنه ايضا تاريخ شعب تميز بثقافة فريدة انتجت الفنان محمد قلم او «محمد صاحب الريشة السوداء» الذي تخرج اعماله للمرة الأولى من تركيا. وفي الواقع لا يعرف الغرب الكثير عن هذا الفنان الذي كان يعمل «بعيدا عن البلاط وعن كل التقاليد» في القرن الخامس عشر على ما يؤكد ديفيد روكسبيرغ معتبرا مع ذلك ان لوحاته عن المسنين تعد من روائع المعرض. والأمر المؤكد هو ان هذه الوجوه التي تذكر في بعض جوانبها بالوجوه المخيفة التي رسمتها ريشة الفنان الاسباني غويا، تعتبر من الوثائق البالغة الأهمية التي تشهد على تشعب وتعقد وغنى ثقافة مهمة تشكل موضوع أهم معرض للاكاديمية الملكية منذ المعرض عن شعوب الازتيك في العام 2002.