في يوم الأحد 25 محرم 1426ه - 6 مارس 2005م صرح لجريدة «الرياض»، الأستاذ الدكتور علي الغامدي رئيس اللجنة الوطنية لسلامة المرور، مؤكداً ارتفاع نسبة حوادث الوفيات وكذلك حوادث الاصابات المرورية في المملكة بشكل لافت خلال العام المنصرم للتو «1425ه». وقد سجلت الزيادة حوالي 18٪، للأشهر التسعة الأولى ورافق ذلك ارتفاع عام في أعداد الحوادث بما يقارب 14٪ ويتوقع انعكاس ذلك على حصيلة الضحايا المرورية بشكل ملحوظ». كلنا يعلم أن أسباب حوادث السيارات موزعة بنسب مختلفة ما بين المركبة والطريق والقائد، وكلنا نتفق على أن السرعة من قبل قائد المركبة تحتل النسبة الكبرى للوفيات والإعاقات، حيث يمكن لقائد المركبة حين يكون ملتزما بالسرعة النظامية المحددة السيطرة على السيارة عند حدوث طارئ في الكثير من الأحيان. على مستوى مدينة الرياض، أدى تطبيق نظام مراقبة السرعة على طريق العاصمة إلى الحد من حالات الوفيات والإعاقات، الإدارة العامة للمرور تعلم علم اليقين ان السرعة تعني الموت، فبدأ رجال المرور خطة السلامة المرورية بمدينة الرياض بنظام مراقبة السرعة، تلك الخطة التي بدأ عامها الأول في 1425ه. فكانت النتيجة ان بلغ عدد الوفيات في مدينة الرياض 36 حالة وفاة شهريا مقارنة ب 40 حالة وفاة لعام 1424ه، حقيقة هذه جهود تشكر عليها إدارة مرور الرياض، ولكنها ليست المعنية الوحيدة بالمشكلة، كما ان هذه الانتفاضة كما هي حال الدنيا لن تستمر ولن تغطي مساحة مدينة الرياض. السؤال كيف ستكون النتيجة حين تطبق بشكل فعلي على الطرق الطويلة التي تصنف على انها منبع ومرتع خصب لحالات الوفيات والإعاقات لوجود المحرض والدافع للسرعة لاسيما إذا علمنا ان المملكة مساحتها واسعة فهي شبه قارة حيث لا تقل المسافة ما بين شمالها وجنوبها عن 1800 كيلو، وكذلك شرقها عن غربها لا يقل عن 2000 كيلو، السؤال الذي من اجابته نعلم اننا نسير بالاتجاه الصحيح أو العكس هو هل لدى الإدارة العامة للمرور القدرة على السيطرة على هذه الخطوط الطويلة على مدار السنة ليل نهار. حقيقة بعد وطول المسافات ما بين المناطق والمحافظات والغياب التام لوسائل المواصلات مثل القطارات، أو قليلة التكلفة والمتوفرة على الدوام مثل الطائرات، وأيضا عدم اكتمال ازدواجية بعض الطرق الطويلة، أدى كل هذا بدون شك إلى حصولنا بكل جدارة على المركز الأول عالميا للوفيات والإعاقات. النظام المروري ينص على ان السرعة القصوى على الخطوط الطويلة هي 120 كلم في الساعة، ومن يزيد على ذلك يستحق الغرامة المتفق عليها، ما دام الحال كهذه من حيث اننا متفقون على تحديد السرعة القصوى، ومتفقون على اننا نخسر سنوياً ما يخسر في حروب ضروسة، فكم من أناس أعزاء كانوا بالأمس بيننا، اليوم فقدناهم بسبب هذه السرعة، وليس بسبب انفلونزا الطيور. وبالتالي أجزم لو ان كثرة الحوادث مشكلة عالمية كما هي انفلونزا الطيور لكان هناك تدابير عالمية لمجابهتها ما دامت مشكلتنا فقط لماذا لا نفكر في حلول أخرى ونترك الآخرين الذين لا تعنيهم مشكلتنا لأنهم لا يشاركوننا بها، إن كثيرا من الأفكار تبدو للوهلة الأولى غير منطقية بل ساذجة ولكن تثبت الأيام انها هي ما كان يبحث عنها، إذن والحالة كهذه لا سبب يجعلنا نتردد بوضع حلول من نوع آخر أو على أقل تقدير تطرح للبحث وللدراسة والمناقشة. السؤال الذي يطرح نفسه يقول والحال كما ذكر، لماذا لا يكون هناك حماية للسائق والركاب عن طريق المركبة نفسها. ولماذا لا نعالج حوادث المرور من الجذور فنبدأ بتلقي الدواء بعد ان نعترف بمكمن الداء، وهي السرعة حتى نحصل على أفضل النتائج والحلول. وبالتالي لماذا لا يصدر نظام يمنع استيراد السيارات التي تزيد سرعتها على 120كم في الساعة، فتثبت السرعة عبر المحركات من بلد المنشأ حسب الطلب، ويشرع فوراً باعطاء مهلة للسيارات المتواجدة على أرض الوطن لعمل التعديل المطلوب ميكانيكيا لتثبيت السرعة، أما عبر محركات السيارة أو من خلال تضييق الفجوة ما بين دعسة الوقود ونهايتها، فلكل سيارة ما يناسبها حين التعديل، شريطة ألا تزيد السرعة عن 120 كم في الساعة، ويكون هذا من المواصفات والمقاييس التي تطبقها الهيئة بحذافيرها ويعاقب من أهملها من قبل الإدارة العامة للمرور. أكاد أجزم ان هذا من الحلول الجديرة بالبحث والنقاش، وأكاد أجزم اننا بحاجة لنحمي أنفسنا من أنفسنا، لقد أمرنا رسولنا عليه الصلاة والسلام ان نعقلها ونتوكل، وأمرنا ان نعمل الأسباب ونترك الباقي على رب الأرباب. نحن شعب غالبيته مصاب بجنون السرعة والجنون فنون ولكن قد يحتاج أحيانا صاحبه إلى وثاق، وكم نحم اليوم نحتاج إلى هذا الوثاق ونشتاق إليه، وإلا كيف نشتري بأموالنا ما يكون سببا لهلاكنا، هذه سيارة سرعتها 200 كم في الساعة، وتلك 300 كم في الساعة، ثم يرن الجوال الو نعم فلان يطلبك الحل الوعد جامع الراجحي. إذا لم نجد هنا بصمات هيئة المواصفات والمقاييس أين سنجدها، وكيف نستورد الممنوع بطوعنا ثم نضع لها غرامة وكيف تضيع اجتماعاتنا عن هل الغرامة رادعة أم نضاعفها، ونحن نعلم اننا بهذا الطرح لم نعالج أساس المشكلة، وان كان يرى البعض انه علاج فلا يخرج بكل تأكيد عن كونه مسكنات ومهدئات. كيف تمسح عوائل مسحا عن بكرة أبيها من الوجود من غير الافراد ونحن نتفرج ولا نحرك ساكناً، أما خارج المملكة فخلال سنة أو سنتين نسمع عبر وسائل الإعلام العالمية خبرا عاجلا محتواه ان حافلة بها 7 أشخاص سقطوا بالنهر، وكأنه خبر غريب نادر الحدوث، ألا يعلمون ان لدينا عشرات الأنفس التي يومياً تسحق سحقاً وتزهق زهقاً على الأزفلت الذي يفور ناراً. أجزم ان التطبيق الاجباري لمثبت السرعة سيحد من حوادث الوفيات بالجملة الذي تتعرض له المعلمات والطالبات بل قد تختفي، وأجزم أن مستشفياتنا التي تزدحم بالمنومين من جراء الحوادث ستقدم خدماتها لآخرين هم بأمس الحاجة لخدماتها، كما ان هذا سيوفر الكثير من الأموال المرصودة للمستشفيات. طبعاً يستثنى من تثبيت السرعة، سيارات الدوريات والنجدة والمرور والطوارئ الخاصة، والدفاع المدني، والهلال الأحمر، وهذه أيضاً سوف تحسب ميزة لسيارات الأمن حين تتعقب المجرمين، وأيضا تستبدل مخالفة سرعة بمسمى المخالفة الجديدة «مخالفة مثبت سرعة» وتكون المخالفة بمبلغ كبير يتناسب مع حجمها بحيث لا تقل عن 5000 ريال في المرة الأولى وفي الثانية 10000 ريال والثالثة تصادر السيارة. إن تضافر الجهود لتحقيق الهدف المنشود، من اكتمال لشبكة الطرق الطويلة المزدوجة ووجود وسائل مواصلات حديثة وغير مكلفة داخل المدن لتخفيف الزحام، وايضا ما بين المناطق والمحافظات للحد من الحوادث.. وتثبيت سرعة المركبة من خلال المحركات بحيث تكون السرعة التي تزيد على 120 كم في الساعة ليست من خيارات قائد المركبة، مع حزم مروري بدون شك سيكون من نتائجه الباهرة الحد بشكل كبير من حالات الوفيات والاعاقات، وذلك كله بحول الله وقوته، وأسأل الله السلامة للجميع.