بدأت وسائل الإعلام الأمريكية، المكتوبة والمرئية والمسموعة، في التحدث عن قيام القوات العراقية، بتسلم زمام المبادرات الهجومية ضد ما يسمونهم بالمتمردين العراقيين. وقد جاء هذا الموقف، في أعقاب الخطاب الذي ألقاه يوم الأربعاء الماضي الرئيس الأمريكي، جورج بوش، أمام فوج من المتخرجين من الأكاديمية البحرية في مدينة: أنابوليس، عاصمة ولاية ماريلاند، والذي تحدث فيه عن إستراتيجية الإدارة الأمريكية لتقليص قواتها في العراق، بعد أن أصبح في الإمكان الاعتماد على القوات العراقية باستلام الأمن في البلاد. وقد أشارت معظم القنوات التلفزيونية والإذاعات الرئيسية في الولاياتالمتحدة، إلى أن مزيدا من القوات العراقية قد بدأت تأخذ مواقعها في الخطوط الأمامية ضد من يسمونهم بالمتمردين، الشيء الذي يشير إلى أن تقليص عدد القوات الأمريكية في العراق اصبح في متناول اليد. وقالت شبكة الإذاعة«بسيفكا» التي تبث على مستوى القارة الأمريكية، ان خطاب بوش في الآكاديمية البحرية، يشير إلى تراجع واضح في موقف الإدارة الأمريكية بالنسبة للعراق، وأن اعتقاد الرئيس بوش بأنه أحرز انتصارا في بلاد الرافدين هو مجرد خيال، وأن السبب الرئيسي في اتخاذ الإدارة الأمريكية هذا الموقف يعود إلى المقاومة العراقية، وزيادة عدد القتلى الأمريكيين. وتقول صحيفة «واشنطن تايمز» في عددها يوم الخميس، ان قادة الجيش الأمريكي في العراق مقتنعين أنه في إمكان القوات العراقية أخذ المبادرة إلى أيديهم، مع دعم من القوات الأمريكية الشيء الذي يسمح بسحب عدد من القوات الأمريكية المتواجدة في العراق. وفي تعليق خاص ل«الرياض»، قال المحلل السياسي الأستاذ خليل جهشان حول هذا الموضوع، أن خطاب الرئيس بوش، : «لم يأت في معزل عن النمو المتزايد في المعارضة الشعبية للحرب في العراق ولسياسة الإدارة عامة. فكان بمثابة الدفاع عن النفس أمام هذه الانتقادات المتزايدة في وسائل الإعلام، وأروقة الكونغرس ومراكز الأبحاث». وبالنسبة لما يقال عن إمكانية تسلم القوات العراقية زمام المبادرة والدفاع، قال السيد جهشان: «الرئيس بوش جعل من هذه المهمة هدفا أساسيا للولايات المتحدة في العراق، وبنى عليها مستقبل الوجود الأمريكي العسكري هناك. ولكن بصراحة، الوصول إلى هذه النتيجة حيث تقوم القوات العراقية بالحفاظ على أمن واستقرار وسيادة العراق لوحدها، مازال حلما بعيدا لن يتحقق خلال السنوات الخمس أو العشر القادمة في أفضل الأحوال». وقالت شبكة التلفزيون الأمريكية «إيه . بي . سي.» في نشرة الأخبار صبيحة الخميس، ان خطاب الرئيس بوش كان شاملا، ولكن الواقع على الأرض يشير إلى عكس ماكان يهدف إليه الرئيس. وشاركة شبكة التلفزيون «إن بي .سي» زميلتها بقولها، ان التحدث عن أي انتصار في العراق هو أمر غير واقعي بعد، طالما أن عدد القتلى الأمريكيين في ازدياد مستمر.. وكان رأي صحيفة «نيويورك تايمز» في عددها يوم الخميس، أن الرئيس بوش حاول في خطابة إنجاز«إنتصار داخلي»، وأضافت أنه منذ شهور والشعب الأمريكي يعرف أن الحرب الدائرة في العراق لا تسير بشكل جيد لصالح أمريكا. كما قالت ان الرئيس بوش كان متفائلا جدا بالنسبة للقوات العراقية. وتعتقد صحيفة «واشنطن بوست» في عددها يوم الخميس، أن سياسة «القطع والهرب» (cut and run ) لن تكون ناجحة. وأضافت أن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يوجه إلى الرئيس بوش، والذي لم يجرؤ حتى الآن أن يسأله حتى أعضاء الكونغرس هو: هل هذه الإستراتيجية هي إستراتيجية لإنهاء الاحتلال؟.