يأتي قرار مجلس الوزراء الأخير الذي عقد يوم الاثنين الماضي والذي ينص على إلزام المستفيدين بالتوصيل في شبكة الصرف الصحي، يأتي لصالح الصحة العامة ولحماية الطبقات الجوفية الحاملة للمياه من تلوث تلك الطبقات، وأيضاً حماية شبكات أخرى مثل شبكة تصريف مياه السيول وشبكة تصريف المياه السطحية من تلاعب واستغلال البعض لتلك الشبكات لصرف مياه المجاري إليها.. هذا القرار الذي تبنته وزارة المياه يخص أصحاب المباني القائمة، والتي تستخدم البيارات سيشملها البند ثانياً من القرار حيث تقسط المبالغ عليها خلال 36 شهراً وهي مبالغ تتراوح في غالبها ما بين 3000 - 6000 ريال وهذه الفئة هي أكثر الشرائح المستفيدة لأن الأمر يتعلق بالصحة العامة حيث تحولت بعض شوارع المدن إلى ما يشبه الشعاب والغدران نتيجة نزف وطفح البيارات والروائح الكريهة التي تنبعث من بعض المنازل إما بسبب طفح البيارات أو محاولة السكان تحويل وصرف (سيح) البيارات إلى إحدى فتحات تصريف مياه السيول أو شبكة تصريف المياه السطحية مما يجعل الأمر يتطور إلى مستنقعات وبؤر عفن على حافات الشوارع والطرقات تهيئ لوجود بيئة ضارة بالصحة تتوالد وتكثر فيها الحشرات وتستوطن الأمراض وتؤثر على الصحة العامة. ومن جانب جمالي فقد تأثرت كثيراً المجمعات السكنية والمطاعم والمحلات التجارية الواقعة في صراع طويل وعناد ما بين ملاك المباني والمستأجرين وشكواهم من طفح البيارات وصعوبة التخلص منها لينتهي الأمر إلى ترك مياه المجاري «تسيح» في الشوارع وتؤثر على الاقتصاد المحلي ومصالح الأشخاص. وهناك أمر أكثر تعقيداً وهو محاولة صرف أمانات المدن أو الشركات مياه الصرف الصحي إلى الأودية ومجاري السيول السطحية أو تحايل بعض المواطنين والشركات على الأنظمة وحفر آبار ارتوازية لتصريف مياه الصرف الصحي لتستقر في الطبقات القريبة من السطح وربما التسرب إلى الطبقات الجوفية العميقة مما يترتب على ذلك تلوث طبقات المياه والخزانات الجوفية التي يعتمد عليها في الشرب أو الاستخدام البشري في الطعام والغسيل عبر استخدامه مباشرة في بعض المدن والقرى والمساكن التي تستخدم الآبار المنزلية أو شبكات المياه القديمة التي لا تغطيها مياه التحلية. كما أنها تؤثر على الآبار التي تستعمل لخلط المياه العذبة في معامل التحلية.. لكن السؤال المطروح هو: هل وزارة المياه ستعجل في تنفيذ شبكات الصرف الصحي في جميع المناطق في زمن قياسي وعاجل أم ان هناك إجراءات طويلة وترحيلاً في الميزانيات، وتطويلاً في مدد تنفيذ شبكات الصرف؟.. هذا التأخير إن حدث سيوسع من دائرة الأضرار الصحية التي تستهدف الأفراد والمجتمع وتجعلنا داخل مستنقع كبير من نزف وطفح، واجراءات روتينية حتى لو كانت قيمة الخدمة مدفوعة مقدماً كما في المنشأة الجديدة أو مقسطة على ثلاث سنوات في المنشآت القائمة.. ما نتمناه من وزارة المياه ان تعجل وتسرّع في قرار تنفيذ شبكة الصرف الصحي لعلنا على أقل تقدير نتخلص نهائياً من صهاريج شفط البيارات التي اصبحت شرخاً في جماليات المدن بما تبعثه من روائح متنقلة داخل الشوارع.. وزارة المياه عليها التعجيل في إتمام البنية التحتية لشبكة الصرف الصحي وهذا أمر بلاشك إذا تم؛ فهو إنجاز حضاري نفخر به ونعتز.