هذه الأسئلة التي تحمل عنوان «القارئ.. على الناصية الأخرى» قد تكون تحمل طابع الخفة، لكن إجاباتها تمنح لذة استكشاف تفاصيل ذاكرة قارئ الروايات والتي تضيء نافذة للقارئ الآخر لكي يستدل على الروائيين والروائيات الذي كان لهم تأثير في تاريخ الرواية. وكذلك يتعرف على مفضلات القراء من روايات وعبارات وشخصيات روائية. وضيف الزاوية لهذا الأسبوع هي القارئة غادة العبدالله والتي تقدم مباهج ذاكراتها في رحلتها القرائية مع الروايات. * من هم الروائيون العظماء الذين كان لهم، في اعتقادكِ، تأثير ملموس في تاريخ الرواية؟ - لن تكون إجابتي مقصورة فقط على قراءاتي الشخصية؛ لأني لا أعتقد أني قرأت بالشكل الكافي لتصنيف الروائيين بهذا الشكل. لذا، سأعتمد أيضاً على ما علق بذاكرتي من نقاشات الأصدقاء والمهتمين. من الروائيين العرب سأختار: نجيب محفوظ وغازي القصيبي، ومن الروائيين العالميين سأختار: فرجينيا وولف وشكسبير وهرمان هسه، كافكا، وميلان كونديرا. * ما الرواية التي غيّرت مفاهيمك ورؤيتك للحياة؟ - ومن الروايات (القوقعة) لمصطفى خليفة، (قواعد العشق الأربعون) لإليف شافاق، (الخبز الحافي) لمحمد شكري، (حياة باي) ليان مارتل. * ما المشهد الروائي الذي قرأته وتمنيت لو أنك من كتب هذا المشهد؟ - لا يوجد مشهد روائي بحد ذاته، بل رواية بأكملها تمنيت لو أنني من كتبها؛ تلك هي رواية (تاريخ الحب) لنيكول كرواس. استطاعت الكاتبة أن تبادل الأصوات داخل الرواية بين ليو 80 عاما وإلما 14 عاما، دون أن يؤثر أحدهما على تفرد الآخر. كانت تجمع بين أصواتهم عندما يتحدثان عن حالة الوحدة التي يعانيها كل منهما، وبنفس الوقت تعود لتفصل بينهما بطريقة مشوقة و فردانية.الرواية تتحدث عن كتاب داخل كتاب يلخص حياة كل منهما مقدما للقارئ حبكة رائعة و مفاهيم حياتية عميقة. * ما الرواية التي قرأتها أكثر من مرة؟ (من أنت أيها الملاك) لإبراهيم الكوني وَ (لقيطة إسطنبول) لإليف شافاق * ما الشخصية الروائية التي ما زالت تستحوذ على تفكيرك؟ - قرأت رواية من فترة طويلة ولم تنفك شخصيتها عن طرق مخيلتي خصوصاً عند طرح المواضيع الاجتماعية المشابهة لموضوع الرواية؛ الشخصية هي (همبرت) والرواية هي (لوليتا). قراءة تفاصيل الرواية كانت مثيرةً للغثيان، وربطها بالواقع وتخيّل أمثال همبرت بيننا كان مخيفاً. استطاع فلاديمير نابوكوف أن يكتب الجزء الأول بطريقة مشوقة تضمن له وفاء القارئ لبقية الرواية. توقفت وعدت لقراءتها عدة مرات. دقّته بسبر أغوار هذا الرجل المريض بشهوته الجنسية تجاه الأطفال مع حرصه على الظهور بمظهر اجتمعي متحضر كان كفيلاً بجعل هذه الشخصية ودواخلها تستحوذ على تفكيري. * من هو الروائي الذي استحوذ عليك بأعماله في بداياتك، ثم شعرت لاحقاً بأنه لم يعد يستهويك؟ - أغاثا كريستي و محمد حسن علوان، أغاثا كانت تمنحني ما أحتاجه للقراءة كمراهقة وهو التشويق. لذا كنت مهووسة بالقراءة لها ومناقشة أحداث رواياتها، لكن بعد ذلك لم أعد أهتم بالأحداث نفسها، وبدأ يستهويني ما وراء الأحداث. أما بالنسبة لعلوان، فقد قرأت كل رواياته، وأعني حرفياً كلها، يعجبني فيه حساسيته وطريقة تصويره لشخصياته، لكن عدا استنتاجه لأفكاره، فلا أشعر أني أخرج من رواياته بمفاهيم عميقة عن الحب والحزن. مشكلة علوان من وجهة نظري أنه مغرم بالتعبير عن هذَين المفهومَين والاسهاب بوصف حال العاشق أثناء العلاقة و بعدها، لكنه لا يستنبط الأفكار منها أو يستثير القارئ تجاهها على الأقل. * الشخصية الروائية التي تشعر انها يمكن أن تمثل رمزاً حياتياً؟ - شمس التبريزي في قواعد العشق الأربعون، * ما الرواية التي عرفتك على مدينة وأحببت تلك المدينة؟ - منتصف مارس لجورج إليوت، ورغم أن المجتمع الإنجليزي الذي تصفه بطبقاته لم يعد موجوداً بشكله السابق، إلا أنني أحببت المدينة التي كانت موجودة آنذاك. من الروايات الحديثة لقيطة إسطنبول لإليف شافاق. * ما الرواية التي ترغب في أن تشاهدها سينمائياً؟ - عندما أقرأ رواية وتعجبني، دائماً ما أتخيل الممثل أو الممثلة المناسبة لتمثيل شخوص الرواية في السينما، لكنّي أعود وأقول ليتها تظلّ رواية و لا تشوّه سينمائياً. *ما أجمل نموذج للحب قرأته في رواية ما؟ - من أجمل النماذج ما جمع بين إليزابيث بينيت و دارسي في رواية كبرياء وتحامل لجاين أوستن، أحب هذا النموذج لأنه لم يصور الحب كشعور يجبرك على التذلل و ترك مبادئك للحصول عليه. إليزابيث ظلّت محافظة على كرامتها رغم تحامل الظروف ضدها ولم ترتبط به إلا بعد أن تأكدت من مكانتها لديه. * من هو الروائي الذي تمنيت أو تتمنى أن يجمعك به لقاء؟ لا أعتقد أن الروائيين يناقشون في لقاءاتهم العادية تلك المواضيع الفلسفية التي يطرحونها في رواياتهم، لذا أنا دائما مأخوذة بالرواية نفسها لا بالروائي. لا أتذكر أني تمنيت يوماً أن ألتقي أحدهم.