هذه الأسئلة التي تحمل عنوان «السرد.. على الناصية الأخرى» قد تكون تحمل طابع الخفة، لكن إجاباتها تمنح لذة استكشاف تفاصيل ذاكرة كتاب السرد التي تضيء نافذة للقارئ لكي يستدل على الروائيين والروائيات الذين كان لهم تأثير في تاريخ الرواية، وكذلك يتعرف إلى مفضلات المبدعين من روايات وعبارات وشخصيات روائية. *من هم الروائيون العظماء الذين كان لهم، في اعتقادكِ، تأثير ملموس في تاريخ الرواية؟ - من وجهة نظري أرى أن دستويفسكي وألبرتومورافيا ونجيب محفوظ من أعظم الروائيين في العالم، هي وجهة نظر لكني قرأت مؤلفاتهم ووجدت أنهم حققوا إعجازاً كبيراً في نقل الرواية، سواء من حيث النظر إلى الأحلام الثورية واليوتوبية، والكشف ما وراء هذه الأحلام، إلى جانب أن لديهم اكتشافات صادمة، محررة، انهم مبدعون حيث استخدموا قوتهم الكاملة الخيالية في الكتابة الروائية، لذا استطاعوا أن يصلوا بعوالمهم إلى أعمق أعماقهم بسهولة، فبدت رواياتهم ذات هوية واضحة وخارقة للعادة. * ما هي الرواية التي غيّرت مفاهيمك ورؤيتك للحياة؟. - بالتأكيد رواية "الخبز الحافي" للراحل المغربي محمد شكري، بالرغم من أني قرأتها في عمر مبكر جداً، حتى اني حصلت عليها وقد تم نسخها، أي أنني لم أقرأ الرواية في ذلك العمر الصغير، كما هي الآن بغلاف جميل وأوراق نظيفة، إلا أن شكري قد استطاع أن يؤثر بي بشكل مخيف للغاية، في حديثه عن والده، وعن الفقر والدعارة في طنجة، كل تلك التناقضات الدقيقة في حياة شكري وحياة وطنه التي ذكرها في الرواية، جعلتني لفترة طويلة أعاني من تفاصيلها الجريئة، وربما هي السبب الذي دفعني لكي أعشق قراءة الروايات والسير الذاتية. * ما هو المشهد الروائي الذي قرأتِه وتمنيتِ لو أنكِ من كتب هذا المشهد؟. - أكثر من مشهد في أكثر من رواية، لكن لربما هناك عدد من المشاهد في رواية "لوليتا"، تمنيت بقوة أن أصل إلى ذات العمق النفسي، أن تعيش دوراً آخرَ، أن تتصرف ضد مصلحتك الشخصية، أن تشعر بالمتعة في الألم، أن تبدأ فجأة في الدفاع عن المضاد تماماً لما هو متوقع منك، هذا ما كنت أجده في رواية "لوليتا" على سبيل المثال، وما جعلني أشعر بالرغبة في أن أكون أنا صانعة الرواية. * ما هي الرواية التي قرأتِها أكثر من مرة؟ - أعشق جداً "أليف شافاق"، لذا فلا بأس أن أقرأ رواياتها لأكثر من مرة، كما فعلت مع روايتها "لقيطة أسطنبول". * من هي الشخصية الروائية التي ما زالت تستحوذ على تفكيرك؟. - البطل "خوسيه" في رواية "ساق البامبو" لسعود السنعوسي، "آسيا" في رواية "لقيطة أسنطبول" لأليف شافاق، "مصطفى سعيد" في رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" للطيب صالح، السيد أحمد عبدالجواد في ثلاثية نجيب محفوظ، بطل رواية بهاء طاهر "الحب في المنفى". * ما هي العبارة التي دونتها من رواية لأنها أثرت فيك أو شعرت أنها يمكن أن تمثل لك فلسفة في الحياة؟ - عبارات كثيرة جداً، لكن يمكنني أن اختار لك أجمل وأعذب ما كتبه بهاء طاهر في روايته "الحب في المنفى" على لسان البطل الذي حاول أن يخفي اسمه، "عندما تغادرك الروح وأنت لا زلت على قيد الحياة، عندما تعجز عن فهم ما يدور حولك أو يحدث في هذا العالم البليد المليء بالجنون. عندما يدفعك الغرور لتظن أنك ضحية الظروف وإنما أنت بريء مما ينسبون، أو عندما تتلذذ بعذاب الضمير وتتفنن في القسوة على ذاتك لتقنع نفسك بطريقة ما أنك شهيد! عندما تنسحب من العالم المحيط بك وتستأثر بعالمك بكل أنانية بحثاً عن سعادة موقتة، بل وتدعي أنك وجدتها! ولكن.. أي منفى هذا الذي يضم كل منا بداخله! أي منفى هذا الذي يصر الإنسان على التشبث به للنهاية؟! * من هو الروائي الذي استحوذ عليك بأعماله في بداياتك، ثم شعرت لاحقاً بأنه لم يعد يستهويك؟ - لكل مرحلة من حياتي روائيون مختلفون، كنت في مرحلة من حياتي شغوفة جداً في قراءة روايات المشرق العربي، بعدها انتقلت إلى الروايات المترجمة، وفي فترة كنت أبحث عن أي رواية سعودية، وهكذا، لم أمر في مرحلة واحدة، بل كنت أبحث دائماً عما يليق بذائقتي، لذا ارتباطي العاطفي بالروائي محدود، لكن يبقى ارتباطي أكثر قوة مع أبطال الروايات. * من هي الشخصية الروائية التي تشعرين أنها يمكن أن تمثل رمزاً حياتياً؟. - سؤال جميل جداً، لكن الإجابة صعبة للغاية، ربما أقرب شخصية كنت أتمنى أن تكون بالفعل جزءاً من حياتي، وتأثرت جداً لأن الطيب الصالح قد أخفاه في نهاية الرواية، وأظن أنني لم أكتفِ بالتأثر بل وصل الحد لأن أبحث عن هذا الشخص رافضة أن البطل مجرد بطل ورقي، أظن أنه "مصطفى سعيد" في موسم الهجرة إلى الشمال. * ما هي الرواية التي عرفتك على مدينة وأحببت تلك المدينة؟ - "لقيطة اسطنبول" لأليف شافاق، جعلتني أتوق للحياة في اسطنبول. * ما هي الرواية التي ترغبين في أن تشاهديها سينمائياً؟. - للأسف لا أحب تحويل الروايات التي أحبها إلى أفلام، لأن السينما تقتل أحياناً خيال القارئ. * ما هو أجمل نموذج للحب قرأته في رواية ما؟ - طبعاً في رواية "اذهب حيث يقودك قلبك" للكاتبة الإيطالية سوزانا تامارو. لم أجد مثل جمال حب الجدة لحفيدتها التي قررت أن تتركها وتسافر إلى أمريكا لكي تكمل دراستها. لقد حركتني هذه الرواية تجاه مفهوم الحب المختلف، هذه الرواية تبدو لنا حتى في أقل تفاصيل الحياة العادية مرتبطة بالأفكار العظيمة لمعنى الحب. * من هو الروائي الذي تمنيتِ أو تتمنين أن يجمعك به لقاء؟ - طبعاً بالتأكيد إليف شافاق وأورهان باموق وإدوار الخراط.