إلى عهد ليس بالبعيد، لم يكن السعوديون ليتقبلوا العمل الميداني بمخاطره وصعوباته المتناهية، إلا أن الواقع تغير كثيراً، فكم شركة اليوم فريقها الميداني كله من السعوديين، إلا أن تفاعل الشباب مع العمل الميداني لم يقابله تقدير حقيقي لطبيعة ذلك العمل، فأغلب المواطنين الذين يعملون في الميدان يتعرضون لمشكلات وتعديات ومقاومة أحياناً من قبل المواطنين بعضها قد وصل إلى الاعتداء عليهم بالضرب في بعض الأحيان، فكم مراقب منعه مواطن من كتابة مخالفة على منزله بالقوة، وكم من موظف شركة يمارس دوره في الميدان يتم تجاهل تعليماته ولا يتفاعل مع دوره المهم في مباشرة الحالات التي يتطلبها عمله، وكم من حارس أمن يتم التعدي عليه بشكل مباشر، كل ذلك لم يشفع لأولئك الشبان العاملين في الميدان في أن يتقاضوا رواتب مجزية، تراعي صعوبات العمل الميداني، وتراعي المخاطر التي قد يتعرض لها أولئك الموظفون الميدانيون. وعلى الرغم من تقبل الشباب للوظائف التي تتطلب طبيعتها عملاً ميدانياً تحت ظروف البطالة والعوز، إلا أن ذلك لا يعني أنهم مستقرون في تلك الوظائف، فتسرب الشباب من العمل الميداني يعد إحدى المشكلات التي تواجه الشركات التي يعتمد عملها على الميدان، الأمر ينبئ بصعوبة المهمات التي يقم بها أولئك الموظفون، مما يتطلب مراجعة تلك الشركات لمستوى الرواتب التي تمنحها لفريق عملها الميداني من المواطنين. وتعرف الوظائف الميدانية بأنها الأكثر صعوبة، وترتبط بشكل مباشر بالاحتكاك بالجمهور، مما يزيد من صعوبتها، ويجعلها مرتبطة بالمخاطر، مما يجعل تلك الوظائف أعلى رواتب من الوظائف المكتبية، إلا أن أغلب الشركات المحلية تتجاهل كل تلك المعطيات، وتزج بمواطنين في عمل ميداني يتصف بالصعوبة الكبيرة والمخاطر الكثيرة، برواتب لا ترقى وصعوبة ومخاطر تلك الأعمال، الأمر الذي يهدد استقرار أولئك المواطنين في تلك الوظائف. وحسب مراقبين لن تجد تلك الشركات بداً من رفع رواتب موظفيها الميدانيين، وتحسينها، وتضمينها مزيداً من البدلات بغية المحافظة على استقرار موظفيها في وظائفهم تلك، وتشير تجربة شركات الحراسات الأمنية التي كانت تمنح موظفيها أقل الرواتب حتى أتت عليها مرحلة لم تعد تجد فيها موظفين يتقدمون لوظائفها، الأمر الذي أطرها خلال الثلاث سنوات الأخيرة إلى رفع رواتب العاملين لديها بنسب تصل إلى 100% في بعض الوظائف.