لم تغتسل الدمام جيداً، كل ما حدث رشة مطر، بعض رعدات غنت بسرعة، فرقصت لها قطرات تدفقت عاجلة. سكبت دلاء جميلة بتكتكات اشتقنا لها، ثم مضت. الدمام كانت تحمل ليفتها وصابونها ومسكها والعنبر، لكنها لم تلحق، سرعان ما غادرت الغيمات السود، ومضت.. لكن الدمام كانت تشتاق للكثير من المطر، يغسل أدرانا لحقت بها منذ العام الماضي. كل الذي حدث نزول غبار عام مضى، من فوق السطوح من مظلات السيارات، ومن على أشجار الشوارع وتكاتف مع ما في أرض الشوارع وراح يتصادم بعضه ببعض ويقول لكل من يمر أنا هنا، أنتظر مجرى أو طريقاً لأذهب حاملاً بعض غبار الأمس. البلدية تحب منظر الشوارع وقد صارت جميلة بالمطر الذي نزل من سماء ربه أبيض فاسودّ وأصبح يلطم بعضه ببعض في الطرقات والحارات بعد ان شاركته تدفقاً بلاليع المدينة وقفت السيارات بكل جانب تحية إجبارية. منظر لا يتكرر الا كل عام مرة، رجال يرفعون ملابسهم من ألوان وأجناس مختلفة، سودانيون ومصريون وبنغاليون وطبعاً هنود وبمن فيهم مواطنون يحتارون بسياراتهم الرابضة من غيط، المغتربون كانوا يجلسون على نواصي الشوارع يسترزقون عملاً لساعة أو ساعتين، فاستعاضوا عنه بدفع السيارات الواقفة، حتى الشرطة شاركتهم ذلك، وما نرى الا على الأرصفة نعال أصحابها تعمل أياديهم في وسط البرك المائية لدفع السيارات واللهم زد وبارك. الأطفال فرحون وكأنه العيد، يقفون يصفقون للسيارات وهي تسبح ويخوضون بمرح يتقاذفون الماء، يستحقون لوحة جميلة تخطها أنامل الفنان الاحسائي (أحمد المغلوث). الدمام بدأت تغرق برشة مطر. رشة مطر أحالت الدمام لبندقية الشرق، لم يبق هناك داع للسفر فالبندقية أتت هنا أما المباني والوجوه فالبركة في التخيل نتخيلها والتخيل لن يضر لكنه ينفع فإلى الذين تلح عليهم زوجاتهم وبناتهم بالذهاب إلى هناك، ليس عليكم الا ان تركبوا السيارات وهيلا هوب على الدمام. أريد ان أنصح نصائح عدة أولها احرصوا ان لا تحتاجوا مطلقاً لحمامات الطريق، فقد حدثتكم عنها بمقال سبق. تعلموا كيف تضبطون ايقاع أجسادكم. أما الشقق المفروشة في الدمام فهي كثيرة ولا أستطيع ان أحدثكم عن أسعارها، فالمقيم لا يسكنها ولا يدري عنها شيئاً. لا تحضروا معكم خارطة البندقية، لن تحتاجوها، أهل الدمام طيبون جداً وسيدلونكم على كل الطرق، كل أنواع الأطعمة موجودة وبكل الأسعار، ولكن إياي وإياكم أن تقربوا بعض المنتجعات، هناك النصب عينك عينك وبأسلوب يسمونه «حضاري» لا تتصلوا بالسياحة، فلا يوجد هناك بالسياحة من يهتم لأمر إنسان، إنهم ينادون بالسياحة الداخلية ويتركون وسائل النصب مفتوحة. إذا لم تعجبكم جداول بندقية الشرق السوداء فلا بأس هناك البحر، وكلمة حق شاطئ الدمام جميل، أما النظافة فنتمنى تفعيل الغرامة على كل من يرمي شيئاً، كما أنني أريد منكم أيضاً كضيوف أعزاء ان تراقبوا الصغار جيداً، ليس خوف الغرق فقط ولكن أيضاً خوفاً من ان يساهموا برفع منسوب القمامة. على كل هي رشة مطر قد تشفطها صهاريج البلدية قبل ان تلحقوا ولكن قد تتدفق السماء ثانية، فلا تنسوا أحضروا معكم مجاذيف لسياراتكم فلا نعلم متى تزيد السماء من عطائها وتتأخر البلدية في ضماد جروح البلاليع فتتدفق شمالاً وجنوباً. لا تتصورا ان هناك مشكلة مياه وان العالم كله يشكو من قلتها بما فيها تلك الدول التي على بحيرات مهولة من المياه، فنحن نستمتع بالمياه السوداء والتي يشاركها اسوداد تدفق المجاري. كل رشة مطر وأنتم بخير، وكل رشة مطر والبلدية لا تستيقظ الا عندما يهطل المطر. فهي تستحق قصة أكتبها للأطفال واسميها الجميلة والمطر ويا دمام عذراً فهي مجرد رشة مطر.