تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من المعرفات التي تسعى إلى بث البلبلة والفرقة بين الناس من خلال رسائل غير موثوقة ولاتنتمي لجهات رسمية، وتدار أكثرها من الخارج، إذ تحذر الجهات الأمنية دائما من مخاطر ما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل (تويتر)، و(واتس آب) وغيرها، مشددة على خطورة ما تحمله في كثير من الأحيان من أفكار منحرفة. ويرى كثيرون أن الحل يكمن في الوعي لأنه الرادع الأول حول ما يكتب عبر هذه الوسائل، محذرين من الاستعجال في إرسال ما يصل قبل التثبت من مصداقيته ومصادره، لأن ذلك يعرضهم للمساءلة والعقوبة. تهديد اللحمة وحول خطورة هذا الأمر حذر فيصل بن سعد الحربي -محامي- من خطر إعادة الرسائل التي ترد عبر شبكات التواصل الاجتماعي وخصوصا "تويتر" أو "الواتس آب" سواء كانت مقاطع لفيديوهات أو أخبار، موضحا أن مانشهده في الآونة الأخيرة من تزايد انتشار الرسائل المتنوعة والتي عادة مايكون أغلبها مسيسا لجهات لاتريد لنا الخير، وأخطرها ما يخل بعقيدتنا ويهدد اللحمة الوطنية، وللأسف أن أغلب هذه الرسائل مجهولة المصادر، مؤكدا على ضرورة عدم الانسياق وراءها، لأنها تؤدي إلى غزو الفكر وعدم الاستقرار وشق الصف وبث الرعب وزعزعة الأمن، مشددا على أن الأنظمة والقوانين الآن لا تعفي معيد إرسال الرسائل مهما كان نوعها واعتباره شريكاً في عواقبها، كما أن فقدان الوازع الديني وعدم تقوى الله عز وجل فيما يَكتب أو يبث هؤلاء هو ما يظهر نواياهم السيئة، متسائلا: كيف يسمح الشخص لنفسه أن يكون جسرا يمرر من خلاله رسائل قد تخل بالعقيدة أو بأمن وطنه إذ أن كثيرا من تلك الرسائل يصنعها ويحكيها متربصون بنا من أعدائنا، وقد نساعدهم في تمريرها كما يريدون وهم بذلك يستطيعون بث الأباطيل والأكاذيب والخزعبلات بين الناس. إعادة الإرسال وأضاف: في مناسبات كثيرة أجد من يستوقفني ويتساءل حول نظامية إعادة إرسال الرسائل التي تصل إليهم، حيث أكد لي أحدهم أن كثيراً ما يرد من رسائل عبر "الواتس آب" يطالبونه بإعادة إرسالها إلى عدد معين من الأشخاص وإلا أصابه كذا وكذا، أو أن مرسلها يستحلفه بالله أن يقرأها ويرسلها لجميع أصدقائه، وكان جوابي لهم دائما أن من يرسل أي رسالة بدون تفحص لمضمونها فإنه شريك في تبعاتها، وطالب كل من يقوم بإعادة إرسال مثل هذه الرسائل التأكد أولا من مصدرها، وهل هو مصدر موثوق، وهل يتبع جهة رسمية، أم هي مجرد معلومات مغلوطة متداولة فقط، كما أن استقبال الرسائل وإعادة إرسالها مرة أخرى مسؤولية مجتمعية وأخلاقية قبل أن تكون مجرد عادة على "الواتس آب" أو غيره، فإذا قمنا بإعادة ما يردنا من رسائل مختلفة دون التثبت فإننا نكون مصدرا خصبا للشائعات والأخبار المغلوطة، سواء بقصد أو بدون قصد، لذلك لا بد أن لا ننساق وراء الرسائل التي تصلنا من مصادر مجهولة. ويرى الحربي أن الحل في التوقف عن ترويج الأكاذيب والشائعات وما في حكمها، يكمن في الوعي لأنه الرادع الأول حول ما يروج له عبر هذه الوسائل، كما أوصى بأخذ الحيطة والحذر وعدم الاستعجال في إرسال ما يصل للشخص قبل التثبت من مصداقيتها ومصادرها، لأن المرسل قد يرسل ما يصل إليه من محاذير دون التثبت فيقع تحت طائلة المساءلة والعقوبة، مبينا أن الجهات الرسمية لديها طرقها في كشف أي رسائل سواء كانت صادرة من جهات أو أفراد، وتقوم بمحاسبة ومراقبة كل من يثبت تسببه في بث أكاذيب أو أباطيل لزعزعة الأمن بين الناس ولو بمجرد إعادة إرساله أيا كان نوعها، ولن يُصَد هؤلاء إلا بالاتحاد والتلاحم والتراحم وإعلاء مصلحة الوطن. الوعي والتحري بدوره شدد محمد بن عبدالله السهلي -المحامي والمستشار القانوني- على أهمية توافر الوعي لدى أفراد المجتمع من ضرورة التحري عن أي معلومة يتم تلقيها والبحث عن المصادر الرسمية والموثوقة للخبر أو المعلومة، لأن تشكل الإشاعة خطرا كبيرا على الفرد والمجتمع وتأخذ أبعادا عدة وتتراوح خطورتها على المتلقي تبعاً لحجم ونوع الإشاعة وقد ازدادت خطورة الإشاعة مع ازدياد مصادر المعلومة، من تناقل الإشاعة في المجالس إلى تناقلها عبر مواقع وبرامج التوصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت عموماً، فاختلفت طبيعة ونوع وسرعة الإشاعة عمّا كانت عليه في السابق، مما حتّم على السلطة التشريعية في المملكة سنّ أنظمة تحدّ من خطورة الإشاعة ونقلها ومعاقبة من يقوم بخلق الإشاعة أو حتى نقلها، فبخلاف أحكام الشريعة الإسلامية التي تحرّم نقل الإشاعة الكاذبة عن سوء النية وتحريم الإضرار بالآخرين، وما يترتب على ذلك من معاقبة القائم بتلك الأفعال بعقوبات تعزيرية تتناسب مع الواقعة المعروضة عليه، وذلك من قبل القضاء الشرعي، وقد تضمن نظام مكافحة جرائم المعلوماتية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/17 وتاريخ 08/03/1428ه أحكام تعاقب مروجي الإشاعات وناقليها، حيث نصت المادة الثالثة من النظام على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة لا تزيد على خمس مئة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص يرتكب إحدى الجرائم المعلوماتية الآتية ومنها التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنية المعلومات المختلفة. كما أن من العقوبة تزداد في حق من قام بإنتاج الإشاعة وكان مصدرها الأول فقد نصت المادة الخامسة من النظام على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص يرتكب أياً من الجرائم المعلوماتية التالية ومنها إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية أو الآداب العامة أو حرمة الحياة الخاصة أو إعداده أو إرساله أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي. ولا شك أن هناك أنواعا من الإشاعات تمس النظام العام خصوصاً مع ما تمره به مملكتنا الغالية من أحداث داخلية وخارجية لا تخفَ على الجميع، مع التأكيد على أن إيقاع أي عقوبة نظامية أو تعزيرية على من يقوم بإنشاء الإشاعة أو ترويجها ونقلها يشترط فيه توفر القصد الجنائي، وهو العلم بعناصر الجريمة مع اتجاه الإرادة إلى تحقيقها أو قبولها أو هو اتجاه إرادة الجاني نحو ارتكاب الجريمة مع العلم بتوافر أركانها، ويقع عبء إثبات نفيها على المتهم. المواطن الواعي يتفحص مضمون أي رسالة قبل إعادة إرسالها المستندات السرية بدوره أكد د. عبدالقادر الحميري -عميد شوون الطلاب جامعة تبوك- أن ثورة برامج التواصل الاجتماعي التي ظهرت على السطح بالعديد من القضايا التي غفل الناس عنها كثيرا، غير ملقين لها بالا وهي تفت في عضد ديننا ووطننا ومجتمعا وأخلاقنا إن لم نحسن التعامل معها، فمثلا هناك من يدعي حب النبي صلى الله عليه وسلم ويجتهد في نشر كل ما يصله عنه بغية الأجر لكن في الحقيقة أنه يسيء له عليه أفضل الصلاة والسلام من حيث لا يدري، فينشر الأحاديث المكذوبة عليه وينسب للدين ما ليس منه دون التأكد من صحتها، وقد قال صلى الله عليه وسلم (من حدث عني بحديث يرى -أي يظن- أنه كذب فهو أحد الكاذبين) رواه مسلم، وقال (كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ماسمع) رواه مسلم، فالكاذب المتعمد في النار والجاهل آثم ﻷنه أقدم على نسبة شيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم دون علم، لذا أقول يجب أن لا نتلقف الأخبار من المغرضين والمجهولين، أو نقوم مثلا بتصوير المستندات السرية أو ننشرها وندعي حب الوطن، فهل هذا هو واجب الأبناء تجاه أوطانهم، ومن أمثلة ذلك أيضا: أن هناك من يصور الحوادث والفواجع وينشرها ولا يكترث بكمية الألم التي أنزلها بذويهم، ويضيف: كلنا رأينا المقاطع التي انتشرت لحادثة التدافع بمنى هذا العام وسرعة انتشارها وتجاهل من نشرها أو أعاد إرسالها مشاعر أهالي مليوني حاج وما سببه لهم من فزع وحزن وألم (تخيل مليوني حاج كم يبلغ عدد أهاليهم)، كما أن البعض هداهم الله يهتك أستار الله على الناس وينشرها بل ويخوض في أعراضهم وهي أغلى ما لديهم بعد الدين، ولا يلتفت لهم طرف ولاينتبه لهم جنان، وللأسف لا يتذكرون حديث (أترضاه لأمك أترضاه ﻷختك) فكما لا نرضى الفواحش بأعراضنا لا نرضى الأقاويل فيهم وإن صحت، وكذلك هم الناس لا يرضون. فيصل الحربي محمد السهلي معاً لوقفها من جهته طالب د. علي دبكل العنزي -عضو مجلس الشورى سابقا- بتقنين نشر الإشاعات ومحاسبة مروجيها، داعيا إلى أن نتكاتف جميعا لوقف ترويجها وتناقلها بدون علم، ويرى أن ذلك من أهم الخطوات لوأد الإشاعات وللحيلولة دون الانجرار وراءها، كما يرى أن عدم تكرارها أو الحديث عنها أو عدم إعادة إرسالها ولذلك يسهم في قتلها في مهدها، أما تداولها والمساهمة في سرعة تداولها فإن ذلك يساعد على نشر الإشاعات أو الجرائم، لأن من دواعي الانتشار تكرارها والحديث عنها وترويجها، فالمطلوب هو أن يكون لدى الناس وعي بالتحقق من أي أخبار أو معلومات قبل نشرها وأن لا نكون فقط ناقلين بل أيضا نخضع كل ما يصلنا للتمحيص والتدقيق، مضيفا إن خاصية وسائل الاتصال الحديثة إنما أوجدت لخدمة الناس وتواصلهم، وتسهيل أعمالهم، وليس لترويج الإشاعات والإساءة للغير. سلاح ذو حدين كما يرى د. عبدالرزاق بن حمود الزهراني -أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية-، أن مواقع التواصل الاجتماعي مثلها مثل غيرها من وسائل الإعلام فهي سلاح ذو حدين فيمكن استخدامها في الخير كما يمكن استخدامها في الشر، فمن جوانب الخير فيها، انها تجعل الشخص على صلة مباشرة بما يجري حوله في العالم وفيه الكثير من المعلومات والمعارف والآداب، ومن سلبياتها انها تنشر الإشاعات والأخبار الكاذبة وفيها تضليل وخداع وتزييف للوعي وخاصة لصغار السن، ويجب أن تقوم الأسر بنشر ثقافة التثبت والتحقق عملا بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) صدق الله العظيم، وأعجبني في هذا السياق قول الشاعر الشعبي الكبير عبدالرحمن بن عراق الزهراني: أناملك صارت تشابه لسانك- توصل بها كلمة وتوصل بها أخبار. لاقيل فالماضي لسانك حصانك- ترى الأنامل ذا الزمن سيف بتار. د. عبدالقادر الحميري د. عبدالرزاق الزهراني تناقل الإشاعات وأضاف: تشكل الإشاعة خطرا كبيرا على الفرد والمجتمع وتأخذ أبعادا عدة وتتراوح خطورتها على المتلقي تبعاً لحجم ونوع الاشاعة، وقد ازدادت خطورة الاشاعة مع ازدياد مصادر المعلومة، من تناقل الاشاعة في المجالس إلى تناقلها عبر مواقع وبرامج التوصل الاجتماعي وشبكة الانترنت عموماً، فاختلفت طبيعة ونوع وسرعة الإشاعة عمّا كانت عليه في السابق، مما حتّم على السلطة التشريعية في المملكة سنّ أنظمة تحدّ من خطورة الاشاعة ونقلها ومعاقبة من يقوم بخلق الإشاعة أو حتى نقلها، فبخلاف أحكام الشريعة الإسلامية التي تحرّم نقل الاشاعة الكاذبة عن سوء النية وتحريم الاضرار بالآخرين، وما يترتب على ذلك من معاقبة القائم بتلك الافعال بعقوبات تعزيرية تتناسب مع الواقعة المعروضة عليه وذلك من قبل القضاء الشرعي، مؤكدا أن من العقوبة تزداد في حق من قام بإنتاج الاشاعة وكان مصدرها الاول، فقد نصت المادة الخامسة من النظام على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص يرتكب أياً من الجرائم المعلوماتية التالية ومنها إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية أو الآداب العامة أو حرمة الحياة الخاصة أو إعداده أو إرساله أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي؛ ولا شك أن هناك انواع من الاشاعات تمس النظام العام خصوصاً مع ما تمره به مملكتنا الغالية من أحداث داخلية وخارجية لا تخفَ على الجميع. مع التأكيد على أن إيقاع أي عقوبة نظامية أو تعزيرية على من يقوم بإنشاء الإشاعة أو ترويجها ونقلها يشترط فيه توفر القصد الجنائي، وهو العلم بعناصر الجريمة مع اتجاه الإرادة إلى تحقيقها أو قبولها أو هو اتجاه إرادة الجاني نحو ارتكاب الجريمة مع العلم بتوافر أركانها، ويقع عبء إثبات نفيها على المتهم. الاشاعة خطر على الفرد و المجتمع