حظي الشعر والشعراء في تاريخ الأمة العربية بقدر كبير من التقدير والإجلال والاحترام وكانت القبيلة العربية تحتفل عندما يولد بين أبنائها شاعر مجيد، وكانت تؤبن الشاعر عندما تنتهي به الحياة، ولم يغب ذلك الأمر عن العرب في زمن الجاهلية فكانوا يعلقون القصائد العصماء على جدران الكعبة الشريفة إجلالاً للشاعر وقصائده، ولهذا سميت بالمعلقات، وعندما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم وفي معرض الثناء على ما يصوغه وينثره الشعراء والخطباء من درر قال صلى الله عليه وسلم «إن من البيان لسحرا». ولقد أشاد المصطفى صلى الله عليه وسلم بحسان بن ثابت عندما كان يهجو أعداء وخصوم الدعوة الإسلامية قائلاً له: «أهجهم وروح القدس معك..».. وقوله: «إن شعرك أكثر وقعاً عليهم من السنان». ولقد قام كثير من الشعراء في صدر الإسلام بدور بارز في المنافحة عن الدعوة ووصفوا كثيراً بصورة دراماتيكية مسرحية تلك المعارك وقدموا للتراث العربي كثيراً من الملاحم والشعر الأموي والعباسي والأندلسي يزخر بتلك الملاحم ومنها قصيدة عمورية لأبي تمام في المعتصم وقصيدة صالح الرندي قبيل سقوط الأندلس ولا عجب.. والحالة هذه ان قام الخلفاء المسلمون في المراحل التاريخية المختلفة باحتضان الشعراء وإعطائهم ما يستحقونه من تقدير حتى ان كثيراً من الخلفاء بعث بأبنائه إلى البادية لتنشئتهم على الشعر العربي الأصيل ولقد سار الملك عبدالعزيز رحمه الله على هذا النهج واحتضن الشعراء والأدباء والمفكرين. وكان من أبرز أولئك الشاعر أحمد الغزاوي والشاعر محمد بن عبدالله بن عثيمين صاحب ديوان العقد الثمين، والشاعر محمد العقيلي سواء من داخل المملكة أو خارجها وعليه سار أبناؤه البررة في تقديم الأدباء وتقديرهم وطالما أن الحديث عن النهضة الأدبية والفكرية في المملكة فإن المرء لا يتردد بلسان رطب أن يتحدث عن مهرجان الجنادرية ورائده ومبدعه ذلكم هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي أعاد إلى أذهان الأمة العربية أمجاد سوق عكاظ ومجنة وذي المجاز. لقد احتضن ذلك المهرجان فعاليات ثقافية ومن أهمها جميع أنواع الشعر ولم يبخل على نوع واحد من أنواع الأدب، ولكنه بما تميز به الملك عبدالله من سعة صدر وقلب حنون وطوية نقية وسريرة صالحة ورؤية بعيدة مد ذراعيه إلى جميع شعراء العرب ليسهموا بفاعلية ملموسة في ذلك المهرجان الأدبي الذي امتد سنوات طويلة، وسوف يستمر بمشيئة الله بمزاولة مناشطه الفكرية والأدبية أجيالاً ممتدة وحقباً طويلة.. ولأن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله يأنس بالعلماء وأصحاب الرأي والفكر وذوي الإبداع الشعري والأدبي فإن من المؤمل أن يستمر هذا التقدير وأن تتسارع وتيرته بعثاً لما تكتنزه هذه الجزيرة من ماض تليد واستشرافاً لمستقبل مشرق جديد.