ينعم المسلمون طيلة العام بمواسم للطاعات ومناسك للعبادات تطهر نفوسهم وتذهب سيئاتهم وتنقي سرائرهم فمن صيام يوم عاشوراء إلى الأيام البيض من كل شهر إلى صيام شهر رمضان وقيامه وليلة القدر التي هي خير من ألف شهر إلى يوم عرفة وعشر ذي الحجة فهي وغيرها فرص ربانية شرعها الله عز وجل لعباده ليطهرهم ويرفع درجاتهم بها فهو سبحانه غني عن العمل الصالح كما قال تعالى: {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد} (15: سورة فاطر) وقال سبحانه في آية أخرى {من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد} (46: سورة فصلت) وقال في موضع آخر موضحاً هذا المعنى بصورة جلية {ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين} (6: سورة العنكبوت) وذلك يعني ان كل الأعمال الصالحة والطاعات والقربات ومنها الجهاد الذي يبذل فيه الإنسان أغلى ما يملك، الله غني عنها كلها وإنما يعود خير ذلك على المسلم وحده وقد ورد في الحديث القدسي (يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلاّ نفسه).. الحديث، إذن فهذه مواسم للطاعات وفرص للأعمال الصالحة ينبغي على المسلم عدم التفريط فيها. وموسم الحج مجال رحب للعمل الصالح وتكفير الذنوب والسيئات قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) ومن وفق لأداء الحج المبرور وقبله الله منه فقد فاز فوزاً عظيماً ورجع إلى أهله وبلده كأنه ولد من جديد طاهراً نقياً وتلك البشارة الدنيوية وأما جزاؤه في الآخرة فالجنة ونعيمها ولا ريب فقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه: (الحج المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنة) ومن فرص الطاعات العظيمة المتوافرة في الحج يوم عرفة الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: (أفضل الأيام يوم عرفة)، إذن ما هو واجب العلماء والدعاة وطلبة العلم في هذا الموسم العظيم؟ إن عليهم دوراً مهماً في إرشاد الناس إلى النسك الصحيح الموافق للمنهج الذي سنه الرسول صلى الله عليه وسلم لأن العمل الصالح لا يقبله الله إلاّ إذا توافر فيه شرطان الاخلاص والمتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام، وكثير من حجاج بيت الله الحرام ينقصهم العلم والدراية بأداء النسك على الوجه الشرعي وهنا يأتي دور الدعاة والمرشدين لتوجيه الحجيج إلى النسك النبوي الصحيح وفي ذلك أجر كبير لدخوله في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدال على الخير كفاعله) وقوله: (بلغوا عني ولو آية) وإرشاد الحجيج وتوعيتهم تدخل ضمن الدلالة على الخير وابلاغ العلم عن رسول الله. ولأن الحجيج يمكثون في الديار المقدسة - عادة - أياماً وبعضهم أشهراً فهي كافية لتصحيح المفاهيم وإرشادهم إلى أمور دينهم وما أشكل عليه من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإزالة ما علق في أذهان البعض من الشوائب والبدع والمفاهيم الخاطئة عن أمور العبادات والاعتقاد فالدين النصيحة، والحج فريضة قلما يتسنى للمسلم تكرارها خاصة من القاطنين خارج هذه البلاد لكثرة المسلمين - ولله الحمد - ومحدودية الزمان والمكان إضافة إلى عناء السفر وبعده وتكلفة الحج ونفقته وذلك يعني ان الجهود الدعوية والإرشادية تعتبر متجددة ولازمة كل عام ومن المهم الاستعداد لاغتنامها وذلك ما نشاهده من جهود لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على وجه الخصوص، سائلين الله عز وجل ان يبارك تلك الجهود ويسدد الخطى ويجعل هذا الحج سهلاً ميسراً على عباده وان يتقبل منهم ويجعله حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً، إنه سميع قريب. ٭ رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة