لم يكن المشهد الإعلامي والجماهيري الساخط على نتائج الألعاب الأولمبية في السابق، مختلفا كثيرا الآن في التعاطي مع التصدر السعودي لجدول الترتيب العام للميداليات، مع ختام منافسات دورة الألعاب الخليجية الثانية، في مدينة الدمام أخيرا، بعد حصد 115 ميدالية، منها 57 ميدالية ذهبية و35 فضية و23 برونزية في 14 لعبة تضمنتها الدورة، وهي كرة القدم وكرة السلة والكرة الطائرة وكرة اليد وكرة الطاولة والسباحة وألعاب القوى والبولينج والكاراتيه والجودو والفروسية والهجن ورفع الأثقال وكرة الهدف للمكفوفين. وعلى الرغم أنه لا يمكن القفز على أن ماتحقق للاعبينا ومنتخباتنا في هذه الدورة هو إنجاز بحد ذاته، من دون النظر إلى أن مشاركتنا كانت بأكبر وفد في الدورة بين الوفود الخليجية وفي كل الألعاب، حتى أن بعض الألعاب شهدت مشاركة ثلاثة منتخبات أو أربعة خصوصا الألعاب الجماعية، إلا أنه لابد أن يمثل ما تحقق نقطة بداية ليس إلا، نحو مزيد من المنجزات في الدورات المقبلة، سواء الخليجية أو الآسيوية أو العالمية. في ألعاب القوى وهي الرياضة التي لاتزال تمنحنا الكثير من الضوء والأمل وبعض الذهب، حقق فرسان هذه اللعبة أربعة أرقام قياسية في هذه الدورة، على مستوى الدورات الخليجية، لتظل في كل مرة مشعل نور يضئ منصات الألعاب الأولمبية باللون الأخضر، فحضرت ألعاب القوى السعودية كعادتها بمزيد من التميز، الذي ننتظر المزيد منه في كل استحقاق ومحفل. اللافت في هذه الدورة تحديدا حضور الدعم والاهتمام من المسؤولين في اللجنة الأولمبية السعودية، وهو ما يفترض أن يستمر مستقبلا أكثر وأكثر، مع توفير موارد متعددة لدعم جميع الألعاب، وتشجيع المنتخبات واللاعبين البارزين واحتوائهم ضمن برامج طويلة الأمد بإشراف متخصصين، لنجني معهم الكثير من المنجزات. ما تحقق للرياضيين السعوديين في دورة الألعاب الخليجية فرديا وجماعيا من نجاحات متنوعة على مستوى الدورة، لابد أن يكون نقطة بداية في طريق طويل لتكرار الإنجازات الأولمبية مستقبلا بل وتجاوزها، نحو التطور والتطوير وكسر الأرقام القياسية، التي تحمل معها طموحات كبيرة وتطلع للمستقبل، فالنتائج الحالية تمثل كشف حساب مجاني، لا يمكن للمسؤولين في اللجنة الأولمبية أو في اتحادات الألعاب المختلفة تجاهله، بل المفترض تحليله والتعمق في معطياته، ودراسة تفاصيله بدقة. غياب منتخب الكرة الطائرة مثلا عن تحقيق ولو ميدالية برونزية، بين أربعة منتخبات أخرى مشاركة فقط في الدورة، يفترض أن يضع علامات استفهام وتعجب كبيرة، حول ماهية العمل الذي يقوده اتحاد الطائرة؟ وهل مخرجاته الحالية تتوافق مع هذا العمل؟ ماهي الأسباب وراء هذا الغياب المخجل عن منصة التتويج مع أربعة منتخبات فقط؟ وما الذي يرجى من عمل كهذا في محفل أكبر؟! فالإحساس بالمسؤولية، ثم الاعتراف بالأخطاء، والتصحيح الشامل، هي أهم الحلول التي لابد من فرضها أمام مثل هذه المخرجات الهزيلة. فضية منتخبي القدم والسلة لم تكن مقنعة أيضا مع أفضلية استضافتنا لهذه الدورة، وتضاءل عدد المنتخبات المشاركة، لذا فلا فرق بين ماتحقق لهاتين اللعبتين ولعبة الكرة الطائرة، من إخفاقات غير مقبولة بل ومحبطة، إذا ما نظرنا لحجم وقوة الاستحقاقات الآسيوية والعالمية، وحتى الخليجية والعربية الأقل حضورا وتنافسا، ننتظر حضورا أقوى ونتائج أفضل، من الواقع الذي تعيشه هذه الألعاب الجماعية بالتحديد. رعاية الشباب واللجنة الأولمبية عليهما الكثير من مسؤوليات البحث والتخطيط لدعم كل المواهب القادرة على صناعة الأبطال في الألعاب المختلفة، وفي مقدمتها الألعاب الفردية، فحتى المال وحده لايكفي بعيدا عن حضور الفكر والعمل والمتابعة، فمن المحبط لنا كسعوديين أن ننظر إلى سلم الترتيب العام في أي استحقاق، لنرى الكثير من الدول التي تقل عنا في الإمكانات البشرية والمادية وتعدد الملاعب، تتزين بالذهب والفضة، فيما نحن نندب حظنا، لأن حضورنا باستمرار يكون على خجل إن حدث في الأصل. يقول رئيس اللجنة الأولمبية العربية السعودية الأمير عبدالله بن مساعد ذات تصريح: "نتائج المنتخبات السعودية ووضعها لايرضي أي طموح على الإطلاق، سنعمل على مراجعة شاملة لعملنا في الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وخصوصاً في الأمور المادية، وبالتالي ستكون هناك استقلالية للاتحادات الرياضية، حتى تكون الميزانيات حقيقية، وتصرف في مكانها الطبيعي". المنتخب السعودي لليد توج بالذهب البولنج السعودية ظهرت بصورة مميزة وحلت اولا