عقدت الفرق المشرفة على إعداد دراسات منتدى الرياض الاقتصادي وعددها أربع فرق 13 حلقة نقاش شارك فيها 438 شخصية من الخبراء المتخصصين والمسؤولين الحكوميين المعنيين والأكاديميين ورجال وسيدات الأعمال في إطار التحضير لدورته السابعة الحالية، كما عقدت 70 اجتماعاً موسعاً ودورياً لمتابعة إعداد الدراسات الأربع التي يتبناها المنتدى في هذه الدورة وتعقد تحت رعاية خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- خلال الفترة من 8-10 ديسمبر 2015. ويتبنى المنتدى في هذه الدورة أربع قضايا رئيسية مؤثرة في أوضاع الاقتصاد الوطني والتنموي، تشمل: دراسة تقييم قدرة الاقتصاد السعودي على خلق فرص عمل ملائمة ومستدامة للمواطنين، ودراسة اقتصادات الطاقة البديلة والمتجددة في المملكة "التحديات وآفاق المستقبل"، ودراسة تطوير المنظومة القضائية وعناصر القوة ومجالات التطوير والتحفيز وأثرهما على الاقتصاد الوطني، ودراسة تطوير قطاع تقنية المعلومات كمحرك ومحفز للتنمية والتحول إلى اقتصاد المعرفة. وتبرز أهمية دور الفرق المشرفة في كونها تشكل حجر الزاوية في بلوغ المستوى الأفضل والأجود للدراسة، ومتابعة المكتب الاستشاري المكلف بإعدادها حتى تخرج في أرقى صورة بما يتناسب مع المكانة الجادة والمرموقة التي رسمها المنتدى لنفسه منذ انطلاقة دورته الأولى عام 2002، كإطار وطني ومؤسسة اقتصادية تشخص القضايا الاقتصادية والتنموية الرئيسية للاقتصاد الوطني، بهدف العمل على رفع كفاءته في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية، وتعزيز الشراكة الفاعلة بين القطاعين الحكومي والخاص. ووفقاً للمنهجية التي يتبعها المنتدى فإن مهام الفرق المشرفة تتمثل في متابعة مراحل وخطوات إعداد الدراسة حسب الإطار المتفق عليه مع المكتب الاستشاري الذي يقع عليه الاختيار لإعداد الدراسة وفق معايير وضوابط صارمة تراعي خبرة المكتب وسمعته وأنشطته البحثية، وذلك بالتعاون مع الأمانة العامة للمنتدى التي تمثل المطبخ الذي تصب فيه كل مواد المنتدى، ويخرج منه المنتج النهائي، وهي مراحل تستمر منذ التحضير الأولي للأفكار المطروحة والمقترحات بشأن الموضوعات التي سيستقر الرأي على تبنيها لتكون الموضوع النهائي للدراسة. نخبة من المختصين تشارك ضمن الفرق المشرفة على الدراسات ويقوم الفريق في هذا الإطار بإعداد تقارير دورية وإبداء الملاحظات حولها، والمشاركة في ورش العمل والاجتماعات الموسعة لمتابعة إعداد الدراسة، وعقد اجتماعات دورية مع الاستشاري للغرض نفسه، وحتى يتم الإقرار النهائي للدراسة في صورتها الأخيرة، كما يتولى الفريق مراجعة التوصيات النهائية للدراسة قبل إقرارها من قبل مجلس أمناء المنتدى الذي يعد الجهة المرجعية العليا وصاحبة القرار في مجال إدارة عمل المنتدى وتحديد السياسات العامة والمنهجية التي يتبعها المنتدى. وبعد إجراء المناقشات المتعمقة من خلال نخبة بارزة من الخبراء المختصين والأكاديميين ورجال الأعمال ومسؤولين حكوميين يقر مجلس الأمناء والأمانة العامة للمنتدى والفريق المشرف على الدراسة عدداً من التوصيات والحلول الملائمة التي يضعها المنتدى أمام صانع القرار الاقتصادي، لاتخاذ ما يراه مناسباً نحو تطبيقها. ويرسم مجلس أمناء المنتدى برئاسة م. سعد المعجل السياسات العامة للمنتدى وتتولى الأمانة العامة للمنتدى تنفيذها، ويتابع مع الأمانة العامة كافة خطوات سير الدراسات وحلقات النقاش وأنشطة وفعاليات المنتدى بدءاً من اختيار موضوعات الدراسات وعلى مدى مراحل وخطوات إعدادها ومراجعتها، وحتى عقد الجلسات العامة الرئيسية للمنتدى التي تستقطب جموعاً كبيرة من المتخصصين وأصحاب الشأن في كل قضية ليقول المنتدى كلمته الأخيرة ويصدر توصياته النهائية بشأنها، ومن ثم يرفعها للقيادة الرشيدة حفظها الله. دراسة اقتصادات الطاقة المتجددة: وخضعت دراسة "اقتصادات الطاقة البديلة والمتجددة في المملكة.. التحديات وآفاق المستقبل" لمناقشات معمقة من قبل الخبراء الفنيين والاقتصاديين والأكاديميين والمختصين، وبمشاركة فاعلة من الفريق المشرف وأمانة المنتدى، عبر حلقات النقاش المتخصصة، ومتابعة أمانة المنتدى لحصيلة تلك الحلقات مع كل من الفريق والاستشاري، إضافة لتنظيم ومتابعة مناقشات الاجتماعات، حيث نبه المشاركون في الحلقات إلى الآثار السلبية المترتبة على استمرار اعتماد المملكة على النفط لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه بنفس معدلات الاستهلاك الحالية. وطالب المشاركون بأهمية مواصلة الجهود والخطط المتعلقة بالاستفادة من إمكانات الطاقة البديلة والمتجددة، والحد من الاستهلاك المفرط للثروة البترولية، وتركزت مناقشاتهم حول كيفية الخروج بتوصيات تقترح مبادرات عملية قابلة للتطبيق من أجل تعزيز جهود المملكة لبلوغ موقع الريادة الإقليمية في قطاع الطاقة البديلة والمتجددة. كما استعرض المتخصصون اقتراحات الخيارات الأفضل للمملكة لتطوير القطاع، وتقليل الاعتماد على الطاقة التقليدية للحفاظ على ثرواتها النفطية للأجيال القادمة، وخفض الاستهلاك المتنامي بصورة كبيرة من البترول المستخدم في إنتاج الطاقة وتحلية المياه، والبحث عن أفضل البدائل الاقتصادية لتوليد الطاقة بما يحفظ ثروات المملكة النفطية من الاستنزاف، ويتوافق مع ظروفها المناخية، مع الاستفادة من التجارب الدولية. ولفت د. عبدالعزيز السويلم رئيس الفريق المشرف على الدراسة إلى أن هذه الدراسة تعد الأولى من نوعها التي يبادر القطاع الخاص بإعدادها ممثلاً في المنتدى المنبثق عن غرفة الرياض، حيث كان يقتصر إعداد هذا النوع من الدراسات على القطاع الحكومي، كما لفت البعض إلى ضرورة الاهتمام ببرامج رفع كفاءة استهلاك الطاقة، بالتوازي مع جهود تطوير قطاع الطاقة البديلة والمتجددة. قدرة الاقتصاد على إنتاج الوظائف: كما حظيت دراسة "تقييم قدرة الاقتصاد السعودي على خلق فرص عمل لائقة ومستدامة للمواطنين" بمتابعة كثيفة ونقاش جاد من قبل الفريق المشرف والأمانة العامة للمنتدى خلال حلقات نقاش سير الدراسة التي تهدف الى تشخيص قدرة الاقتصاد الوطني على خلق فرص عمل مرضية ومستدامة للمواطنين، والسعي من أجل صياغة توصيات ومبادرات بناءة وخلاقة قادرة على فتح الطريق لمواجهة هذه القضية. وتهدف الدراسة إلى الإجابة عن السؤال الأهم الذي تريد الخروج به وهو كيف يمكن استغلال قدرات الاقتصاد الوطني الظاهرة والكامنة في خلق فرص عمل ملائمة ومستدامة للسعوديين، إضافة إلى معالجة الخلل الذي تعاني منه سوق العمل والتي تستوعب ثمانية ملايين عامل وافد، بينما يشكو آلاف المواطنين من البطالة؟ وطالب المشاركون بصياغة رؤية استراتيجية متضمنة لعدد من السياسات الاقتصادية والمبادرات لتوليد فرص عمل للمواطنين، كما دعوا إلى بناء شراكات استراتيجية مع المنظمات والمراكز الدولية المرموقة لتخريج قادة سعوديين لإدارة المنشآت الكبيرة، وتعميق الاستفادة من تقنية المعلومات والصناعة المعرفية وتصنيع منتجاتها محلياً. من جانبه أوضح رئيس مجلس أمناء المنتدى م. سعد بن إبراهيم المعجل أن قضية إنتاج فرص عمل للمواطنين تعد واحدة من أهم القضايا التي تحظى باهتمام بالغ من قبل حكومة خادم الحرمين والمجتمع كله، والتي تعمل على تهيئة البيئة الخصبة للموارد البشرية الوطنية لتعزيز تنافسيتها وتأهيلها لامتلاك فرص العمل المتاحة لدى منشآت القطاع الخاص. التحول للاقتصاد المعرفي: واستعرض المشاركون في ورش العمل التحضيرية للمنتدى مراحل سير الدراسة التي يتبناها المنتدى بعنوان "دور قطاع تقنية المعلومات في التحول للاقتصاد المعرفي"، ولاحظوا أن قطاع تقنية المعلومات يعد أسرع القطاعات نموا بمتوسط معدل نمو سنوي 16%، وأن حجم الإنفاق عليه بلغ 42.1 مليار ريال في 2014 بنسبة 35% من جملة الانفاق على قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، كما بلغت مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي 1% اضافة الى مساهمته بنحو 3.8% في النمو الاقتصادي مقابل 5.2% لقطاع الاتصالات. ورصد المشاركون بعض المؤشرات التي تبرز وجود تحسن في مركز المملكة على الخريطة العالمية للاقتصاد المعرفي معتبرين أن قطاع تقنية المعلومات والاتصالات يعد المحرك الرئيس للاقتصاد المعرفي عام 2012، كما أن تفعيل دور القطاع في تسريع الانتقال للاقتصاد المعرفي يتطلب تنشيط الطلب على منتجات القطاع، وتذليل المعوقات وتعزيز روابط القطاع مع القطاعات الأخرى الداعمة لركائز الاقتصاد المعرفي. كما بينوا أن القطاع يواجه عدداً من المعوقات تتمثل في غياب الإطار المؤسسي الموحد مع تعدد الجهات الإشرافية، وكثرة تصنيفات القطاع وقصور البيانات الإحصائية إضافة إلى معاناته من ضعف التوطين التقني للصناعة في ظل تركز نشاط غالبية الشركات في مجال تسويق الأجهزة والمنتجات الأخرى المستوردة. واقع منظومة القضاء: وتابع الخبراء والمتخصصون في الشأن القضائي عبر حلقات النقاش سير الدراسة الرابعة وعنوانها "تطور المنظومة القضائية وعناصر القوة ومجالات التطوير والتحفيز، وأثره على الاقتصاد الوطني"، وتهدف الدراسة إلى تشخيص واقع المنظومة القضائية والبيئة العدلية بالمملكة، والتوصل لتوصيات ومبادرات قابلة للتطبيق تستهدف تطوير المنظومة وسد الثغرات التي يمكن أن تؤثر سلباً في سير العدالة، وما يترتب على ذلك من آثار سلبية على الاقتصاد الوطني وجاذبية البيئة الاستثمارية بالمملكة. وتركز الدراسة التي ينتظر الانتهاء منها قريباً، على ستة محاور تشمل الاهتمام بتطوير الهيكل القضائي، ودراسة واقع التشريعات القضائية والعوامل المرتبطة بها، ودراسة الكوادر البشرية وآلية تطويرها ودعمها، وتطوير البنية التحتية للقضاء، ومواكبة المحاكم السعودية لمعايير الحوكمة العالمية في مجال القضاء، وأخيراً دراسة وتقييم واقع الوسائل البديلة للقضاء لتطوير مرفق القضاء. وفيما يتعلق بارتباط البيئة القضائية بحركة الاقتصاد والاستثمار فقد أكد المشاركون في حلقات النقاش وورش العمل أن البيئة التشريعية السليمة ترسم إطاراً مهماً لبيئة الأعمال، كما أن استقلال القضاء يعد عاملاً محفزاً على النمو الاقتصادي، ولفتوا إلى أن قوة النظام القضائي ومصداقيته تعكسان قوة أنظمة الدولة ومدى جاذبيتها الاستثمارية، وشددوا على أهمية الالتزام بمعايير الحوكمة في المنظومة القضائية بما يضمن الأداء المؤسسي للقوانين وعدالة التطبيق.