ليزا تشيني هي مساعدة وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط.. وقد جاءت إلى المملكة في أواخر الأسبوع الماضي وعقدت مؤتمراً صحفياً في القنصلية الأمريكية قالت فيه كلاماً كثيراً نشكرها على بعضه.. وكان ضمن ما ذكرته ان أمريكا مهتمة بإيجاد دولة للفلسطينيين.. وهذا الأمر سبق ان شدد عليه الرئيس الأمريكي بوش. ومن حيث المبدأ، فإن هذا الموقف الأمريكي جيد.. لكن المشكلة في التفاصيل.. إذ لا يكفي ان يكرر المسؤولون الأمريكيون القول بأن أمريكا تؤيد قيام دولة فلسطينية دون ان نعرف ما هي هذه الدولة التي تؤيد أمريكا قيامها. فإذا كانت تتحدث عن جيوب متفرقة من الأراضي التي يسكنها فلسطينيون وسط بؤر استيطانية إسرائيلية منتشرة كالخلايا السرطانية فإن هذه الدولة لا معنى لها.. فهي لا تحمل من مفهوم الدولة سوى الاسم، وستكون إسرائيل مطلقة اليد لعمل كل ما تريده تحت ذرائع يمكن اختلاقها بسهولة.. إذ يكفي ان تطلق مجموعة فلسطينية قذيفة صغيرة على إحدى المستوطنات أو ان يقوم شاب بتفجير نفسه في حافلة أو موقف للسيارات لكي تجتاح إسرائيل هذه «الدولة»!! لقد رأينا ماذا فعلت الحكومة الإسرائيلية بعد الانسحاب من غزة.. فما ان انسحبت القوات الإسرائيلية من هناك حتى عادت مجدداً لتقتحم غزة بكل قسوة.. وقد قتلت وجرحت وخربت دون ان يكون لدى السلطة الفلسطينية أي قدرة على عمل أي شيء.. فهل هذا هو نمط «الدولة» التي يتحدث عنه المسؤولون الأمريكيون!؟ أمريكا تعلم ما هي الحدود الدنيا التي يجب ان تتوفر لأي كيان كيما يسمى دولة.. أما إذا كانت الفكرة التي يتحدثون عنها هي مجرد اسباغ هذه المسمى على الأراضي التي سيُسمح للفلسطينيين العيش عليها دون ان يكون لها من سمات الدولة شيء يذكر فإن هذا لن يحل المشكلات التي يعاني منها الفلسطينيون.. بل ان مثل هذا الجهد هو جهد ضائع ومدمر وسيضع البذور للمزيد من المشكلات! والخلاصة هي ان ليزا تشيني قالت كلاماً طيباً في شكله ومظهره.. وكل ما نتمنى هو ان يضاف للشكل مضمون وجوهر.. فمشكلة فلسطين، سواء صدقنا الأمريكيون أم لم يصدقوننا، هي أم المشاكل.. وما لم يأت من يملك الحل المنصف لهذه المشكلة فإن المنطقة لن تذوق طعماً للسلام طال الزمن أو قصر.