على الرغم من تفشي الأمية في مجتمعنا البدوي سابقاً ويندر وجود المتعلم، إلا أن الأهالي في السابق لديهم حسابات فلكية متعددة على مراقبتهم لطوالع النجوم ومنازلها والتي عرفوها بخبرتهم وما تعلموه من سابقيهم، وجاء اهتمامهم بالحسابات الفلكية بسبب ارتباط هذه الحسابات بشؤون حياتهم المعتمدة كلياً على الرعي والبحث عن المرعى المناسب. فراقب أسلافنا الظواهر الطبعية ومطالع النجوم نظراً لارتباطها بالظروف المناخية والتي تعني لهم الشئ الكثير من رياح وأمطار وشتاء وصيف وربيع وخريف، فعرفوا بداية كل فصل والرياح السائدة فيه والأمطار من عدمها، كل ذك من خلال مراقبتهم للنجوم من غير دراسة ولا مراصد فلكية. فبالإضافة لمعرفتهم للبروج المختلفة على اختلاف الفصول، والمعروفة على نطاق واسع وعلى اختلاف اللهجات والمسميات في شبه الجزيرة العربية، فإن لأجدادنا تقسيما خاصا بنجوم الثريا، وهو ما يسمى بالقران ومعناه : أن نجوم الثريا تأتي بجوار القمر في أدنى مسافة ممكنة مرة كل شهر بتسلسل فردي، فتقارن الثريا القمر في 25 ويسمى قران خمسة وعشرين «يونيه - حزيران»، وهو دخول فصل الصيف، ثم تبتعد عن القمر لتظهر مرة أخرى في الشهر التالي لتظهر مرة أخرى في الشهر التالي لتقارنه في 21 «أغسطس - آب» ويسمى قران 21 واحد وعشرين وبذلك ينتهي فصل الصيف ويقال : آب اللهاب يذوب المسمار على الباب، كناية عن شدة الحر ويظهر نجم سهيل في أواخر أغسطس آب ويقال : «إذا طلع سهيل لاتأمن السيل» أي أن الجو تغير ودخل موسم الأمطار ويقال : «عشرة من آب تذوب المسمار على الباب، وعشرة من آب تطيح الأرطاب، وعشرة من آب ينفتح من الشتاء باب». بعدها يدخل فصل الخريف فتقارن نجوم الثريا القمر في 19 ويسمى قران تسعة عشر «سبتمبر - أيلول» ويقال : «أيلول سيروا ولا تقيلون» كناية عن لطافة الجو، وفي الشهر التالي تقارنه في 17 ويسمى قران سبعة عشر «أكتوبر - تشرين الأول» وفيه يكون الوسم الذي يستبشرون فيه عند نزول أمطاره بموسم ربيعي جيد، وظهور الكمأ «الفقع»، وفي الشهر التالي تقارنه في 15 ويسمى قران خمسة عشر «نوفمبر - تشرين ثاني». وبعد ذلك يدخل فصل الشتاء وتقارن الثرياء القمر في 13 ويسمى قران ثلاثة عشر «ديسمبر - كانون أول»، وفي الشهر الذي يليه تقارنه في 11 ويسمى قران أحد عشر «يناير - كانون ثاني»، وفي الشهر التالي تقارنه في 9 ويسمى قران تاسع «فبراير - شباط» ويقال : «قران تاسع برد لاسع» كناية على شدة البرد فيه، ويقال أيضاً : «في شباط يبيس العصيد على المسواط» كناية عن شدة البرد.وهناك تقسيمات معروفة لفصل الشتاء فيبدأ بجويريد وهو رياح تجرد الشجر من أوراقها، ثم تأتي المربعانية 40 يوم وهي ذات برد شديد وتكتسي الأرض بالثلج الخفيف الناعم ورياحها تعرف بالصريم، وبعد المربعانية تأتي ثلاثة أسابيع تعرف بسعد ذبح وسعد بلع ويقال: - سبعة سم : أي قارسة البرودة. - سبعة دم : أي أنها من شدة برودتها يشاهد على أنوف الجمال الدم. - سبعة يسيل الدسم أو مايسيل : كناية على البرد أخف وطأة من سابقه. وبعدها يأتي سعد السعود، وفيه برد الطويلين أي برد الإنسان والنخل وقيل الإنسان والبعير، وقيل برد الطويلين إذا جلست تحت الشجر تذريك وإذا خرجت تبرد، وبعدها سعد الخبايا، وفيه أسبوع خجوج، ويقال : «برد الشايب والعجوز والولد ينقز نقوز، وفيه يرتفع البرد ويدفأ الجو». وبعد ذلك يدخل الربيع وتقارن الثريا القمر في 7 ويسمى قران سابع «مارس - آذار» ويقال : «قران سابع مجيع وشابع» كناية عن أن النبات في بداية ظهوره ويقال في اذار : «آذار شريقات وأمطار» أي أحياناً يكون مشمساً وأحياناً ممطراِ، ويقال أيضاً : «شمس آذار تظهر الأفعى من الغار، ومطر آذار يظهر العشب من تحت الأحجار، وفي آذار يقصر الليل ويطول النهار ويدفأ الراعي بلا نار»، وفي الشهر التالي تقارنه في 5 ويسمى قران خامس «أبريل - نيسان» ويقال : «قران خامس بالربيع طامس، كناية عن اخضرار الأرض وكثرة النباتات»، وفي الشهر التالي وفي 3 ويسمى قران ثالث «مايو - أيار» هو اخر شهور الربيع، وبعد ذلك تختفي نجوم الثريا مدة 25 يوماً في الفترة المسماة بخفوق الثريا، وتظهر بعد هذه المدة في أول الصيف أي في قران 25 ويقال : «قران حادي على القليب ترادي» كناية عن أن المياه تورد من القلبان «الآبار» لإنعدام الأمطار، إيذاناً بدخول فصل الصيف. (ملاحظة / تكون مواعيد اقتران الثريا بالقمر بالأشهر الهجرية التي تتوافق الأشهر الميلادية المحددة سابقاً، لأن الأشهر الميلادية ثابتة بمرور فصول السنة الأربعة). ونلاحظ في تحديد الفصول عند الأهالي اختلافه عن التحديد الفلكي العلمي لها ذلك أنهم متى ماشعروا بالحر وتبدل الجو يكون قد دخل الصيف عندهم، ومتى اعتدل الجو وتبدل حاله عن الحر يدخل الخريف وهكذا لبقية الفصول .. ونجد أن فارق توقيت دخول الفصل عندهم لا يتعدى 3 - 16 يوما عن دخوله فلكياً.