على بعد 15 كم غرب مدينة الهفوف، وتحت أعتاب جبل القارة المعروف، وفي منطقة كانت تعد أكثر الأماكن الطاردة للسكان في محافظة الاحساء حيث الزحف المخيف للرمال الذي لم يكتف بطمر المزارع وحسب وإنما حتى المساكن ! في تلك المنطقة التي سخرت الدولة جل إمكاناتها قبل أكثر من ثلاثة عقود (إبان تولي الملك فيصل طيب الله ثراه سدة الحكم في المملكة) لتحسينها والمحافظة على ثروتها الحقيقية المتمثلة في الزراعة بل وزيادة الرقعة الخضراء، من بين رمال ذلك المشروع الذي سمي بمشروع تثبيت الكثبان الرملية، الذي يعد الأشهر على مستوى العالم خرجت من رسالة دكتوراه حاز عليها بتقدير ممتاز الاستاذ الدكتور يحي أبو الخير «أستاذ الجغرافيا» في جامعة الملك سعود ، كما حاز باحث آخر على درجة الماجستير، لما لهذا المشروع من بعد علمي هام وكيفية نجاح الدولة - حفظها الله - في تثبيت تلك البحار من الكثبان الرملية المتحركة! ذلك المشروع تحول اليوم إلى كيان آخر، وباتت تلك المنطقة الطاردة للسكان أكثرها جذباً، وراح السيّاح من داخل المملكة وخارجها يقصدون هذا المكان بأعداد كبيرة، ولأجل ذلك سخّرت وزارة الزراعة إمكانات كبيرة لتهيئته لاستقبال مئات الآلاف من الزوار والسيّاح سنوياً ، فتحولت تلك المساحات الجرداء والرمال القاحلة التي تمتد على مد البصر إلى حدائق غدت المقصد الوحيد لأسر الأحساء، وتحولت طرقاته إلى غابات تحتضن الأشجار فيه بعضها بعضا وتملأ جنباته المجسمات، وبين هذا وذاك انتشرت الحدائق التي تضم ألعاب الأطفال المتنوعة ! وعند قيامك بجولة برفقة العائلة في رحاب هذا المتنزه فستلمس الكثير من الأمور الرائعة، ومنها الاهتمام المتصاعد من القائمين على هذا المكان بالنظافة وتوفير الجو المريح للعائلات وسط حضور مكثف من دوريات الأمن والسلامة التابعة للمتنزه، كما أنك سيستوقفك طيبة أهل الأحساء وأريحيتهم وبساطتهم، فتجدهم يستقبلون من يعرفون ومن لا يعرفون بابتسامة تملأ محياهم، وهذه الطيبة وتلك الأريحية ودماثة الخلق جعلت منهم أهل ضيافة وكرم! مدير المتنزه المهندس محمد الحمام أشار في حديث له مع ( الرياض) إلى أن ما يميز المتنزه أن كل الخدمات المقدمة فيه من نظافة وتشجير وري تقوم بها أيد وطنية 100٪، وفي هذا السياق أكد أن المجسمات التي عملت في المتنزه وعددها ثمانية نفذها كذلك عمالة سعودية من العاملين في المتنزه ! وبيّن الحمام أن المتنزه تبلغ مساحته الإجمالية 4027,6 هكتاراً، ويضم أكثر من 7 ملايين شجره، فيها 11 حديقة بمساحات مختلفة ومسطحات خضراء وملاعب أطفال ودورات مياه ومظلات. واستطرد محمد في حديثه عن المتنزه مخاطباً رجال الأعمال بقوله : المتنزه توجد به بنية تحتية كاملة ، وهنا أشير إلى أنه يوجد بين يدي معالي الوزير 4 مواقع مهيأة للاستثمار أصغر تلك المواقع تبلغ مساحته 250000 م2، تحتاج فقط من رجال الأعمال المبادرة في استثمار مثل هذه المواقع الواعدة، وبالطبع بعد التنسيق مع الهيئة العليا للسياحة، وهنا أشير إلى أن محافظة مثل الاحساء سكانها يربوا على مليون ونصف هي منطقة جاذبة للاستثمار. ووجه المهندس محمد دعوته للخطوط السعودية إلى تسيير مزيد من الرحلات إلى الاحساء لجذب السياح من الداخل، فنحن في متنزه الاحساء نستقبل أسبوعياً رحلات سياحية تنظمها شركات سياحية قادمة من البحرين الشقيقة في حين أننا لا نستقبل مثلها من داخل المملكة ؟! وهنا يتجدد ومع مرور السنين تلو السنين ومع تزايد السكان المطّرد، يتجدد طرح السؤال القديم من أهالي الاحساء: متى نرى المشاريع الاستثمارية التي تنتشل السياحة في المنطقة كغيرها من مناطق مملكتنا الحبيبة؟! أهالي الأحساء وهم يطرحون مثل هذا السؤال يشيرون إلى أن الأحساء تتوفر فيها كافة مقومات السياحة ولكنها تخلو من السياحة والسائحين !! وارجعوا سبب ذلك إلى غياب تلك المشاريع الجاذبة والتي تردد الهيئة العليا في السياحة أكثر من مرة أنها ستنفذها في الأحساء والتي على حد تعبير الهيئة (أنها منطقة واعدة سياحياً)! إلا أنه على ما يبدو أن من سيولدون من أبناء الأحساء هم من سيستمتعون بتلك المشاريع !!!.