لقد مر 36 عاما على آخر وباء عالمي، ويعتقد كثير من المختصين أن حصول وباء جديد هو مسألة وقت، ومع أن شدة الوباء لايمكن التنبوء بدرجته إلا أنه عند ظهوره مع عدم وجود أدوية فعالة أو لقاح يمنع العدوى قد يكون شديدا وشاملا. كما يعتقد أن يستمر الوباء لمدة طويلة وأن يحدث على شكل موجات كل عدة أشهر كما حدث في أوبئة سابقة وقد يكون هناك شح كبير في الموارد والمستلزمات الطبية والكوادر الصحية بحيث تصبح السيطرة الكاملة على الوباء غير ممكنة، ولهذا لابد من الاستعداد الكامل والتحضير الجيد وتوقع الأسوأ لاقدر الله لإمكانية حدوث وباء عالمي خطير، مع تعاون جميع الدول والإعلان عن أي حالات بشرية أو حيوانية والحصول على تعاون كافة الجهات الحكومية والأهلية لتطويق هذا الوباء قبل أن يستفحل لدرجة كبيرة لايمكن بعدها التحكم فيه. واعتماداً على المعلومات التاريخية فإن وباء الإنفلونزا يظهر عادة بمعدل 3 - 4 مرات كل قرن عندما تظهر أنواع جديدة من سلالات الفيروس وتبدأ بالانتقال من شخص لآخر ومن بلد إلى آخر. وظهر خلال القرن الماضي وباء الإنفلونزا الأسبانية في عام 1918 - 1919م مسبباً وفاة 40 - 50 مليون نسمة، تبعه وباءان ظهرا في عام 1957 - 1958م و1968 - 1969م. ويتوقع المختصون ظهور وباء جديد في الوقت الحالي. ويجمع الخبراء على أن القضاء السريع والحاسم على كل ثروة هونج كونج من الدواجن في عام 1997م ساعد في الحد من ظهور وباء عالمي عام. ويعتقد أيضا أن تطعيم العاملين والمتعرضين لفيروس إنفلونزا الطيور بلقاح الإنفلونزا البشري هام جداً للحد من ظاهرة تمازج الجينات بين نوعي الفيروس مما يمنع ظهور سلالات جديدة قد تكون السبب في حدوث الوباء العام. يضاف إلى ذلك حماية العاملين والمخالطين للدواجن من العدوى بأخذ الاحتياطات اللازمة مثل الملابس الواقية والكمامات والقفازات. وفي حالة ظهور إصابات ينصح بأن يأخذ العاملون الأدوية المضادة للفيروس كعامل وقاية حتى إذا لم يصابوا بالمرض. ومن المعروف أن المملكة تستقبل أكثر من 270 نوعا من الطيور المهاجرة من آسيا معظمها من الطيور« الدخل» والبط (النحم) ومثلها من الدول الأوروبية التي قد تختلط بالطيور المحلية وتنقل إليها المرض حيث يقدر بعض الخبراء أن مساحة المملكة الكبيرة وموقعها الجغرافي في ممر الطيور المهاجرة واعتدال مناخها في فصل الشتاء بالنسبة لدول شمال الكرة الأرضية أدى إلى أن تصل نسبة الطيور المهاجرة إلى المملكة إلى 10٪ من مجموع هجرات الطيور في العالم وهذه النسبة تمثل مئات الآلاف من الطيور المختلفة. كما تصل إلى المملكة سنوياً آلاف من طيور الزينة والقنص إما مباشرة أو عن طريق دول الخليج العربي الأخرى ويكون مصدرها دول موبوءة بمرض إنفلونزا الطيور مثل روسيا وتركيا. وبالرغم من مشاريع الدواجن الكبيرة مقفلة ويستبعد أن يظهر فيها الوباء إلا أن أغلب المشاريع الصغيرة والتابعة للمزارع الريفية(وتقدر ربما بما يصل إلى 70٪ من الدواجن) مفتوحة وقابلة للعدوى باختلاطها بالطيور المهاجرة أو دواجن أخرى مصابة. ومن المهم أن تقوم السلطات الصحية بإعداد الخطط المدروسة والمتكاملة لمواجهة إمكانية حصول الوباء عالميا وأن تكون هذه الخطط فعالة لمراقبة وتعقب الفيروس والتعامل الحازم مع أية حالات تظهر بين الدواجن ومعالجة وعزل أي حالات بشرية تظهر لديها الإصابة مع مراقبة الوضع الصحي العالمي وعمل إجراءات شبيهة بما تم عمله وقت انتشار مرض «سارز» من كشف على المسافرين القادمين وملاحظة من يعاني من ارتفاع درجة الحرارة أو أعراض تنفسية. لأن المملكة تقع في قلب العالم وتستقبل أكثر من مليوني حاج دفعة واحدة ومن كافة أقطار الدنيا وخاصة من دول ظهر فيها الفيروس بين الدواجن والبشر مثل أندونيسيا.