لا شكّ أنّ النجاحات المتوالية لمواسم الحج تتجاوز في اعتبارها مجرّد إنجازٍ تنمويٍّ إلى تجربة رائدة عالمياً في علم إدارة الأزمات استحقت البحث والدراسة قد أذهلت العالم! وأذكر إبان دراستي الجامعية ولا يزال عالقاً في ذهني في معرض تناولنا لأحد المقررات في إدارة الكوارث والأزمات الدهشة التي كان ينقلها لنا الأستاذ الجامعي الأجنبي غير السعودي وأنّه لا توجد حتى الآن في العالم تجربة لأي دولة تحاكي تجربة المملكة وتعد أنموذجاً متفرداً تطلبه عدد من دول العالم. هذه هي السعودية التي تحتضن سنوياً ملايين الحجاج والمعتمرين طيلة العام في مساحة لا تتجاوز أرقاماً معدودة وأن تقود غمار هذا التنظيم العظيم ومثل هذا الحشد بكل هدوء وأمان وقد توافدوا وتجمّعوا وأدّوا مناسكهم جميعاً في هدوء وأمان وطمأنينة. حينما نذكّر بذلك فليست المملكة بحاجة ولا تنتظر جزاءً أو شكوراً بقدر التنويه أنّ السعودية لا تستهدف من إنجازاتها إغاظة أحد، حتى وإن شعرت بعض القوى الإقليمية بالانكسار من هذا الإنجاز التنظيمي الكبير ممن لم يتورّعوا عن امتطاء حتى بعض الحوادث لأغراض سياسية. على أعقاب حادثة سقوط رافعة الحرم ورغم انتصار ملك الحزم للشهداء والمصابين والأمر باتخاذ إجراءات التحقيق العاجل والمحاسبة في زمن قياسي؛ ليس الغريب في بعض وكالات الإعلام المدعومة استخباراتياً أو بعض قنوات الجهات المعادية إعلامياً إنّما في بعض الأصوات التي استغلت الحادثة لتنفّس عن حقدها وتمارس حساباتها في تويتر دور النائحات المستأجرات والمفارقة المضحكة كان من بينها من يطالب قبيل إعلان ملك الحزم -حفظه الله- أوامره على إثر الحادثة بتعويض الضحايا والتحقيق في الحادثة والمحاسبة ولكن بعد صدور الأوامر لم نرَ سوى الصمت المطبق! نتفّهم جيداً لمَ حين تحقّق وتحصد المملكة النجاحات المتوالية تنموياً سبب غيظ البعض؛ ولكن العجب حينما تُؤمّن المملكة أمنها القومي والوطني نقف ملياً نتأمل في حال أولئك الذين كانوا ولا يزالون يقللون من هذه القيمة العظيمة والحجر الأساس لأي تنمية لأي دولة في العالم، فدون الأمن لن يتحقق الاستقرار، ودون استقرار لا يمكن أن تتحقق تنمية، ولهذا نجد مبرراً منطقياً وفق هذه المعادلة لمَ تشعر تلك الأصوات والأدوات بالقهر بدليل ضيقها وسخريتها من استشعار المواطن والشعب السعودي لهذه القيمة وأولويتها عنده كما تعكسها بعض العبارات المتداولة - "كالله يأمنّا في وطننا" "والحمد لله على نعمة الأمن والأمان" "- على لسان كبار السن والتي توارثوها من أجدادهم ويغرسون معانيها وينقلها عنهم أبناؤهم وأحفادهم في توارث للولاء والوفاء عجيب من أفراد هذا الشعب لقيادته! تعيش المملكة ومعها أكثر من مليار مسلم هذه الأيام أيام عشر الحجة المباركة وتستعد لاستقبال أيام موسم جديد من مواسم الحج ويوم العيد الأكبر؛ ولا يمكن أن يكون البلد في هذه الأيام إلا آمناً كما هي صفته في العموم وعُهِد عن المملكة أنّ جميع إمكاناتها وقواها الأمنية مسخرة لخدمة بيتي الله الحرام وقاصديهما وكيف تعمل على مدى أحد عشر شهراً من أجل هذه الأيام التي يأتي بها الحجاج لآداء مناسكهم. إنّ الشعائر هي ملك لجميع المسلمين؛ تدرك المملكة وتؤدي واجبها في ذلك بكل اقتدار وتفرّد، وليست ضمن إطارٍ وإغاظات سياسية، ولكن المشكلة في بعض الأيديولوجيات التي تسيّس كل شيء، أو المنضوين وراء الرايات السياسية المتخفية ممن يحاولون استغلال أي حدث أو موقف وإن تماس مع أمن الوطن ذاته الذي يسكنونه وينعمون به أو أقدس بقاع الأرض ومحاولة التشكيك البائسة والمكشوفة في قدرات المملكة وإمكاناتها، كل ذلك ضمن محاولة استثارة الرأي العام وإدارة عاطفية محاولين البلبلة والتحريض والظفر ولو بثغرةٍ تخدم أجندتهم السياسية، غير أن هذا الأسلوب بات قديماً ومكشوفاً ولا يجدي! طاب لكم الأمن والأمان وتقبل الله مناسككم وكل عام وأنتم بخير.