في سبتمبر 1997 تعرض خالد مشعل (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس) لمشاجرة مصطنعة من رجلين غريبين في أحد شوارع عمّان. وقد تمكن أحدهما من الهرب بعد غرس إبرة صغيرة في رقبته في حين نجح مرافقه الخاص في إخضاع الثاني لحين حضور الشرطة.. وبعد التحقيق اتضح أن الرجلين من عملاء المخابرات الاسرائيلية دخلا الأردن لاغتيال المشعل بمادة مجهولة حيرت الأطباء. غير أن فضح المؤامرة وارتباط الأردن بمعاهدة تفاهم أمني مع اسرائيل (ناهيك عن تدخل الرئيس كلينتون شخصياً) أجبر إسرائيل على ارسال ترياق خاص أنقذ حياة المشعل في اللحظات الأخيرة.. وحسب ما جاء في كتاب الملكة نور (ذكريات غير متوقعة) فإن المادة السامة التي هوجم بها المشعل كانت عنصراً كيماوياً مركباً يسمى «فنتانيل 2» يصعب اكتشافه أو علاجه. ولو لم تفضح هذه المحاولة لكان بوسع اسرائيل إنكار أي صلة لها بموت المشعل!!. ٭ وهذه الأيام يحيي الشعب الفلسطيني الذكرى الأولى لاغتيال ياسر عرفات بطريقة (لا تختلف كثيراً) عن المحاولة السابقة.. وكانت الشكوك حول تسميم عرفات قد ظهرت منذ إصابته بالمرض ونقله الى مستشفى بيرسي بباريس في نوفمبر 2004. ولم تكد السنة تنتهي حتى تراكمت الشواهد على تسميمه بواسطة مادة مجهولة وضعت في طعامه الخاص. ورغم أن أحداً لم يتحدث عمن فعل ذلك (!؟) إلا أن التقرير الفرنسي تضمن فقرة تشير الى دخول «المرض» عبر جهازه الهضمي إثر تناوله وجبة العشاء في 12 اكتوبر ,2004. وكررالتقرير الصادر عن السلطة الفلسطينية نفس الكلام - قبل أسابيع قليلة - وتحدث عن وفاة عرفات بسبب مرض (أدخل) عبر جهازه الهضمي في ليلة الثلاثاء 12 أكتوبر 2004!!. .. ورغم المصطلحات المتحفظة في كلا التقريرين إلا أن كلمات غامضة مثل (المرض - أدخل - عبر الجهاز الهضمي) تشكل في نهايتها جملة مباشرة تشير الى أن (أحدهم دس له السم في طعامه الخاص). ورغم أن التقرير الفرنسي لم يثبت أي سبب واضح للوفاة ذاتها إلا أن الأطباء الفرنسيين كانوا على ثقة بتسممه بمادة مجهولة اعتماداً على أعراض معروفة للتسمم (مثل سرعة تكسر الصفائح الدموية، والانهيار المفاجئ لوظائف الكبد، ووجود بقع حمراء تظهر وتختفي بسرعة). ٭ ومن المعروف عموماً أن (القتل بالسم) من الخيارات المفضلة لأجهزة المخابرات العالمية؛ فلو تم (مثلاً) اغتيال ياسر عرفات بقذيفة موجهة لما سلمت إسرائيل من ثورة شاملة للشعب الفلسطيني - ناهيك عن تشويه سمعتها عالمياً -. في حين يتيح لها السم اغتياله بطريقة هادئة متدرجة توحي بوفاته بشكل طبيعي (وهي الطريقة التي أعتمدها الانجليز لتسميم نابليون خوفاً من ثورة الفرنسيين، ولجأ إليها المحافظون الروس للتخلص من الزعيمين أندروبوف وشيرنينكو بعد عام 1982)!!. .. والاستخبارات الاسرائيلية بالذات تملك سموماً غير معروفة لا تظهر في الدم ولا يمكن كشفها بالتحاليل المعروفة. وهي نتاج مختبرات عسكرية تم جمعها في السبعينيات تحت مسمى المعهد الاسرائيلي لتطوير السموم والاسلحة البيولوجية (ضمن قاعدة زيونا على بعد 10 كليومترات من تل أبيب).. ومن المناسبات التي فضحت فيها نشاطات المعهد تحطم طائرة ركاب اسرائيلية فوق امستردام (عام 1992) اتضح نقلها عناصر كيماوية محرمة تدخل في صنع مواد سامة وأسلحة بيولوجية فتاكة. ووفق ما تسرب من الصحف الإسرائيلية ذاتها فإن مختبرات زيونا تسبق بأشواط نظيراتها الأميركية والأوروبية مما يفسر عجز أطباء بيرسي (وهو أفضل مستشفى عسكري في فرنسا) عن اكتشاف السر الحقيقي لوفاة عرفات!!. .. للأسف.. «لعبوها صح»..!!