أقر مجلس الوزراء تمديد حالة الطوارئ القائمة حالياً لثلاثة أشهر مقبلة تبدأ بتاريخ 21 نوفمبر. وكان المجلس قد عقد صباح أمس جلسة استثنائية برئاسة جاك شيراك رئيس الجمهورية، وفي ختام الجلسة أعلن الناطق باسم الحكومة السيد فرانسوا كوبي قرار مجلس الوزراء بتمديد العمل بحالة الطوارئ لثلاثة أشهر أخرى بعد أن طبقت لمدة أسبوعين ينتهيان في 21 نوفمبر الذي سيعد بداية للثلاثة أشهر المقررة. والجدير بالذكر ان حالة الطوارئ معمول بها حالياً في أربعين مدينة فرنسية. ومن المقرر أن يصادق البرلمان الفرنسي على هذه الخطوة رغم بعض التحفظات لأعضائه سواء من اليمين أو اليسار وسيظل في إمكان الحكومة رفع حالة الطوارئ في الوقت الذي تعتقد انه من الممكن رفعها بدون الالتزام بهذا التمديد.. وقد وصف الرئيس جاك شيراك هذا الاجراء بأنه إجراء مؤقت. ٭ إلى ذلك، هناك ما يشبه الإجماع في فرنسا بين المصادر البوليسية و الإعلامية على أن أعمال العنف تشهد انحساراً كبيراً وخاصة في ضواحي العاصمة باريس.. وكانت حصيلة الليلة الثامنة عشرة أقل من مثيلاتها السابقات حيث تقلص عدد السيارات التي تم إحراقها إلى 271 سيارة وكذلك عدد المعتقلين إلى مائة واثني عشر شخصاً وقد تم إحراق 62 سيارة في ضواحي باريس و209 سيارات في بقية المناطق.. في حين كانت الحصيلة في الليلة السابقة 374 سيارة و206 معتقلين. وأشارت مصادر الشرطة إلى جرح خمسة من عناصرها في مناطق متفرقة. وفي مدينة ليون تعرض مسجدها الكبير إلى محاولة هجوم فاشلة بعبوات حارقة أدانها كل المسؤولين الفرنسيين وهو ثالث مسجد يتعرض لاعتداء منذ بدء أعمال الشغب وليس هناك ما يؤكد على أن الفرنسيين المتحدرين من أبناء الجالية الإسلامية المغاربية أو الافريقية كانوا وراء هذه الأعمال التي تستهدف رموزاً إسلامية، مما يوحي بأن اليمين المتطرف قد دخل المعركة مستفيداً من تركيز الجميع هنا على أبناء المهاجرين ونسبة هذه الأعمال لهم وحدهم.. وقد بلغ عدد المعتقلين منذ بداية الأحداث حوالي 2650 شخصاً حكم على 375 منهم بالسجن النافذ. وعن اليمين المتطرف بزعاية جان ماري لوبين ومدى استفادة هذا التيار من أعمال الشغب أو المشاركة فيها وتأجيجها وتحريض الفرنسيين في هذه الأزمة على تصعيد وكشف كراهيتهم لكل ما هو عربي وإسلامي.. على الصعيد نفسه أجرت احدى القنوات الفرنسية لقاء مع هذا الزعيم العنصري حول الأحداث الأخيرة فقال: لو استمع الفرنسيون لطروحاتي منذ ثلاثين عاماً لما وصلوا إلى هذه المرحلة.. ولم يعترف بأن مثيري الشغب فرنسيون، وشكك في امكانية أن يكونوا فرنسيين مثل الآخرين واعتبر قرار وزير الداخلية بطرد الأجانب المشاركين في هذه الأعمال عملاً جيداً. لكنه أشار إلى أن الوزير يحاول الاصطياد في حدائق اليمين العنصري بهذا الإجراء.. وتحداه أن يحصل على صوت واحد من قبيلته المتعرفة، وسمّى المشاركين في أعمال العنف بأبناء جاك شيراك. أما الزعيم الاشتراكي دومينيك ستروسكان الذي كان ضيفاً على إذاعة الجالية اليهودية فقد دعا بطريقة سافرة إلى فرض حالة الطوارئ وفرض حظر التجول على وزير الداخلية نفسه، الذي استغل هذه الأحداث ووظّفها في حملته الانتخابية للانتخابات الرئاسية القادمة التي يعرف الجميع أنه أحد الوجوه اليمينية التي تنافس شيراك الرئيس الحالي في هذه الانتخابات. وتساءلت إحدى المسؤولات الأوربيات على إحدى قنوات التلفزيون الفرنسية عن أسباب هذا الانفجار للضواحي الفرنسية، وقالت ان المجموعة الأوروبية لا تملك إجابات لتفسير هذا الانفجار ولم تكن الحكومة الفرنسية بأحسن حالاً من المجموعة الأوروبية فيما لو امتدت النيران إلى ضواحي المدن الكبرى التي يمكن أن تشتعل في أي لحظة وفي أي مدينة. وعلى صعيد آخر، فقد ساءت صورة فرنسا وتحولت في معظم وسائل الإعلام في العالم إلى بلد عنصري لا يمكنه حل مشاكله ولا التصدي لها إلا بالقمع والإلغاء ولهذا السبب فقد قررت الحكومة الفرنسية عقد لقاء مع ممثلي الصحافة الأجنبية ليشرح لهم الناطق باسم الحكومة السيد فرانسوا كوبي موقف بلاده وكيف ستضع الأمور في نصابها في المستقبل وذلك في إطار استعادة صورة فرنسا التقليدية، بلاد الحرية وحقوق الإنسان.. بلاد الإخاء والعدالة والحرية التي صورتها كثير من وسائل الإعلام تحت ثلاثي آخر هو الظلم والإقصاء والعنصرية.