هناك مفاهيم خاطئة يتداولها الناس وأصبحت لديهم مسلمات لا تقبل النقاش ولا الفصال وذلك مشياً على ما ذكره سابقوهم من إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون او ما يردده العامة (الأولين ما خلوا للتالين شيء!!).. وسنعرض لشيء منها في هذا المقام: الأول: اذا جاءت الجلطة لا سمح الله فهناك وقت تستطيع العلاج فيه بالأسبرين في اقرب مستشفى ولذلك لا داعي للفحوصات الوقائية؟؟ والحقيقة ان حوالي 40% من جلطات القلب تحدث على شكل وفاة مفاجئة او ما يسمى موت الفجأة وهذا لا يعطي فرصة على الاطلاق للذهاب الى المستشفى فممكن تحدث اثناء النوم او في المسجد او السوق او اثناء الأكل او في مواقف السيارات.. إلخ، والمحظوظ منهم من يكون بقربه شخص لديه وعي بالإنعاش القلبي الرئوي وبقربه صاعق كهربائي او يستطيع استدعاء الإسعاف في الوقت المناسب. الثاني: إذا ما معك ألم في الصدر.. فما معك جلطة؟ الحقيقة: ان الألم أحد اعراض الجلطة المتأخرة فالجلطة تبدأ بانسداد الشريان ثم تغير انبساط القلب ثم تغير انقباضه ثم تغيرات التخطيط ثم الألم وكثير من المرضى تصيبهم الجلطة وهم لا يحسون بألم وهم يشكلون 30%من مجموع الجلطات مثل كبار السن والنساء ومرضى السكري وقصور الكلى. وقد تكون اعراض الجلطة ضيقاً بالنفس او اغماء او خفقاناً او بدون اعراض يتذكرها المريض خصوصاً إذا كانت خفيفة. الثالث: إذا تستطيع طلوع الدرج من غير ألم فما معك جلطة!! الحقيقة ان ذلك كله يعتمد على حدة الجلطة وشدة تضيق الشرايين ولكن غالبية مرضى الجلطات الحادة يستطيعون المشي وطلوع الدرج.. فالجهد في حد ذاته ليس شرطاً ينفي الجلطة من عدمه او يثبتها في حال وجوده. الرابع: ألم الظهر.. او الابهر.. يعني انه من القلب؟ الحقيقة ان الابهر علمياً كما هو معروف الشريان الكبير الذي يأخذ الدم من البطين الايسر الى باقي انحاء الجسم.. ولكن عند العامة يعني الألم الذي بين لوحي الكتف وهو في الغالب الم عضلات وهو من النادر ان يكون بسبب تضيق شرايين القلب. الخامس: النغزات من القلب!! النغزات يقصد بها ألم لثوانٍ في القفص الصدري وينتقل من محل لآخر وهو ليس من القلب حيث إن الغالبية العظمى منها اما من عضلات الصدر او ارتجاع المريء او القلق النفسي وطريقة التشخيص بوصف المريض أولاً وثانياً بفحصه وثالثاً بعمل الفحوصات اللازمة التي تنفي وجود امراض عضوية في القلب. من الممكن أن يحدث ألم الجلطة على الجانب الأيمن وحده ولكنه نادر السادس: إذا أحسست بألم الجلطة فمن الأفضل ان تسوق سيارتك لأقرب طوارئ؟ الحقيقة ان الدراسات العلمية المحلية التي اجريناها أوضحت ان حوالي 90% من مرضى الجلطات القلبية الحادة لدينا يأتون الى الطوارئ على سياراتهم او سيارة أحد الاقارب او الاصدقاء !؟ والاسوأ من ذلك كله ان يأتوا بقيادة سياراتهم على الرغم من ان بعضهم تتواجد مراكز الاسعاف "الهلال الاحمر جوار بيوتهم!! وهم بلاشك عندهم وجهة نظر ان الإسعاف يتأخر في الوصول الى حولي 15 دقيقه.. بينما السائق في 6 دقائق يصل لأقرب اسعاف.. وفي المقابل يجب ان يعرفوا ان المهم هو سرعة وصول الصاعق الكهربائي الى المريض بغض النظر ماهي الطريقة التي وصل فيها المريض بالإضافة الى خطورة ذلك على المريض حيث إن واحداً من كل ثلاثمئة حالة تستخدم هذه الطريقة يتوقف قلب المريض فيها اثناء قيادة المركبة في الطريق مما يسبب ضرراً لنفسه ولمستخدمي الطريق الآخرين. وفاجعة لمن يسوق به قد تؤدي به إلى سرعة مفرطة يضر بها نفسه والآخرين وفي نفس الوقت لم يساعد المريض.. وقد رأيت من اوقفه المرور لرعونة قيادته رغم انه كان مصاباً بالجلطة.. ولم يخطئ افراد المرور البتة في ذلك حيث حافظوا على حياته وحياة الاخرين وهذا يختلف تماماً عندما يكون المريض في سيارة إسعاف مجهزة بأشخاص يمكنهم التعامل مع مثل هذه الحالات وفي نفس الوقت لا تسبب الضرر لمستخدمي الطريق الآخرين. والنقطة الأهم في ذلك أنه قد يبدأ الأشخاص المدربون في الإسعاف مذيبات الجلطة قبل الوصول إلى المستشفى مما يقلل من مضاعفات الجلطة المحتملة. غالبية آلام الصدر ليست من القلب لكن أخطرها على الإطلاق منشؤه القلب السابع: إذا احسست بألم فاصبر ساعة او ساعتين إذا ما راح.. روح للإسعاف!! يجب ألا يتأخر ويتردد المريض في استدعاء الإسعاف. حيث إنه في العالم أجمع يتأخر مرضى الجلطات في استدعاء الاسعاف. وهذا خطأ فقد رأينا بعض حالات الجلطات يأتي بعد 12 ساعة أو يوم أو يومين وهو يكابد الألم لعله يذهب!! أو (يستحي ان يذهب للطوارئ ويطلع ما فيه شيء) كما قال لي أحد المرضى.. والصحيح أن تستدعي الإسعاف وتترك للمختصين الحكم.. فإن تخطئ في استدعاء الاسعاف لألم ليس من القلب أهون بكثير من أن تخطئ في عدم استدعاء سيارة الاسعاف وأنت تعاني من الجلطة. والخلاصة: إن آلام الصدر في الكبر يجب ألا يستهان بها وتؤخذ على محمل الجد حتى يثبت عكس ذلك.