لطالما شاهدنا إساءات وألفاظاً سيئة من جماهير كرة القدم وهذا يحدث في معظم مدرجات كرة القدم في العالم، إذ إن جماهير "المستديرة" من مختلف الثقافات والانتماءات، ولا يمكن السيطرة على ما تتفوه به أو ما تكتبه في مدوناتها وحساباتها الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يعني هذا أننا نبرر الإساءات التي تصدر منهم، لكنهم في النهاية ليسوا مسؤولي أندية ولا لاعبين ولا إداريين، كما أنهم ليسوا قدوة للأجيال التي تتابع المباريات واللاعبين. إذا عدنا بذاكرتنا قليلاً سنشاهد كمية هائلة من الألفاظ النابية والبصق والتعارك بالأيادي والاتهام بالرشاوي من لاعبين ومسؤولين رياضيين أمام شاشات التلفاز حتى اصبح سجلهم حافلا بالايقافات الانضباطية والبطاقات الحمراء. إن استفزاز المشجعين للاعبين ليس بجديد لدينا، لكن هذا الأمر علّقه البعض بجماهير الهلال الذين ظهروا في الواجهة بمواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو وهم يقولون للاعبي النصر "جحفلي" وهي ليست بكلمة سيئة ولا تحمل في طياتها معنى بذيئاً، إذ إنها لا تتعدى التذكير بهدف مدافع الهلال محمد جحفلي في الدقيقة الأخيرة من نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين للموسم المنصرم، والذي توّج به "الزعيم" بطلاً لأغلى البطولات. كلمة من أربعة حروف أصبحت اليوم تشكل هاجساً للنصراويين، وشبحاً يطل على نجوم "فارس نجد" وهم يخوضون مواجهات لا علاقة للهلال بها، حتى أن بعض عشاق النصر ربطوا مستوى الفريق السيئ ونزيفه للنقاط بمتلازمة "جحفلي" التي تلاحق لاعبي الفريق. المفارقة العجيبة والمضحكة أن من يشتكي من جماهير الهلال ويكيل لهم الشتائم ويتهمهم باستفزاز اللاعبين هم من كانوا يهتفون بأقبح الألفاظ ضد قائد الهلال ياسر القحطاني وسوقوها في مواقع الأندية الخليجية وحتى الإيرانية والاوزبكية وتأييد الفاظ المشجعين ضد المهاجم ناصر الشمراني وهو يمثل المنتخب السعودي، كما أنهم من لاحق أسطورة الكرة السعودية وقائد الهلال الأسبق سامي الجابر بالألفاظ العنصرية، فضلاً عن الإساءات لنواف العابد وسالم الدوسري وغيرهم من نجوم الأندية الأخرى ولاعبي المنتخب. والمفارقة الأخرى أن الفرق التي تشتكي من "جحفلي" لاتزال تعاني من إيقاف لاعبيها بقرارات انضباطية بسبب اشتباكهم مع جماهير الأندية المنافسة وبصقهم عليها. لا أبرر تصرف الجماهير تجاه أي لاعب، ولكن من الأولى أن يلام اللاعبون والمسؤولون على تجاوزاتهم، وتتخذ لجنة الانضباط قرارات صارمة ضد الجماهير التي تتعالى أصواتهم بالعبارات السيئة، ثم بعد ذلك نلتفت لظاهرة ملاحقة اللاعبين واستفزازهم وتصويرهم، ومن المخجل أن تأتي الشكاوى والتذمر ممن استمرأوا الهتافات المسيئة والبصق والضرب وتشجيع الفرق الايرانية.