قبل سنوات تحدث اللاعب المصري الشهير محمود الخطيب عن ذكرياته في الملاعب، ومن ضمن ما تحدث عنه رحلاته مع الأهلي القاهري لخوض منافسات البطولة الأفريقية وما يعانيه مع رفاقه من ظروف سيئة في الاقامة والتنقلات، فضلاً عن انعدام الأمن احياناً خلال المباريات، وروى في حديثه قصة عن محاولة التأثير على اللاعبين بالسحر والشعوذة قبل إحدى المباريات أمام أشانتي كوتوكو الغاني، وكيف أن مسؤولي الفريق ولاعبيه استطاعوا تجاوز الأمر، حديث الخطيب هذا جاء بعد سنوات من اعتزاله وقيادته الأهلي لانتزاع الألقاب من أدغال افريقيا وسط ظروف لم تكن صحية للعب كرة القدم.وبالأمس تحدث رئيس نادي الهلال الأمير عبد الرحمن بن مساعد عما واجهه فريقه في إيران من هتافات ومشاكسات معتبراً تلك التصرفات «وقاحة» و «صفاقة» يصعب معها التوجه إلى ايران مجدداً، قبل أن يعتبر رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم محمد بن همام أن ما حدث في إيران أمر لا يستحق الاكتراث لأنه يحدث في ملاعب العالم بصفة دائمة، ومع احترامي لمبادرة مسؤولي نادي الهلال في التصدي لتصرفات المشجعين الايرانيين نيابة عن الأندية السعودية، إلا أن الأمر تم تضخيمه بطريقة غير منطقية من شأنها التأثير على معنويات اللاعبين مستقبلاً، لأن ما حدث لا يعدو هتافات اطلقتها قلة كان هدفها التأثير على معنويات النادي المنافس، ويكفي أن أفراد الشرطة الايرانية تعاملوا بحزم بلغ درجة العنف مع هؤلاء المشجعين، ولو عرضنا المحصلة النهائية لرحلات الأندية السعودية الى ايران لوجدنا أن البعثات الأربع ذهبت وأدت مهمتها من دون يتعرض أحد من أفرادها إلى الأذى، ما يجعلنا نتسأل عن هذه الحماسة المفرطة لمسؤولي نادي الهلال في الحديث عن تصرفات المشجعين الايرانيين.وحقيقة أتفق مع محمد بن همام في قوله إن الهتافات المسيئة تحدث في ملاعب العالم وهي جزء من الحضور الجماهيري، ولو نظرنا بواقعية الى الأمور لوجدنا أن ملاعبنا مليئة بالهتافات الخادشة للحياء والتي تمس ذمم وأعراض اللاعبين والحكام، فضلاً عن الهتافات المذهبية والعنصرية ورمي عبوات المياه الفارغة والأحذية على اللاعبين والحكام، بخلاف تهجم رؤساء بعض الأندية على الحكام، ما يجعلنا نؤكد على ضرورة تهيئة اللاعبين لأداء مهمتهم تحت الضغط، على اعتبار أنهم محترفون ومن واجبهم التعامل مع استفزازات الجماهير في أي مكان وزمان طالما أن حياتهم ليست في خطر، لا أن نؤثر في معنوياتهم سلباً من خلال تصريحات مبنية على تشاؤم لا مبرر له من شأنها أن تعطي انطباعاً بأن اللاعب السعودي لا يمتلك القدرة على مواجهة الضغط الجماهيري، مع احترامي الشديد هذه كرة القدم ومن أراد أن يدخل إلى عالمها لابد أن يدرك أنها قائمة على مؤثرات داخلية وخارجية وإلا ما فائدة الحديث عن عامل الأرض والجمهور قبل أي مباراة.. أرجو أن يتعلم لاعبونا ورؤساء أنديتهم من تجربة اللاعبين والمسؤولين المصريين والجزائريين في التهيئة لمواجهة جمهور الخصم، إذ ليس من المنطق أن نهدر الوقت في تخويف اللاعبين من الجمهور الايراني فالجغرافيا يصعب تغييرها وقدر انديتنا أن تخوض مبارياتها في إيران سنوياً وهذه حقيقة يجب أن نتعاطى ونتأقلم معها.طلال الحمود[email protected]