شيء ملفت للنظر حقا ان يكون الفكر المتطرف ينمو والإرهاب يتطور سواء في معطياته او أدواته ونحن كمواطنين نكتفي بالشجب والاستنكار واخيراً نتفرج معتمدين فقط على المكافحة الأمنية التي هي بلا شك حققت نتائج وضربات استباقيه للإرهاب وعملياته وهي مشكورة قدمت جهداً رائعا وأرواح رجالها لإفشال الإرهاب ورؤوسه. نحن نعرف أن نشأة الارهاب ومثله الفكر الضال المتشدد لم يكن بين يوم وليلة بل نتاج فكر تغلغل ونما ونشط في عقول أناس كانوا أسوياء وغير أسوياء حتى وصل هذا الفكر الى التنفيذ الذي عصف بالناس وأفسد حياتهم وأمنهم وصار يشكل تناميه مشكلة في ازدياده وصحوته بعد ان يأخذ غفوة ليعود اقوى وأنكى واشد تدميرا على المجتمع بأسره. ويعجب المتابع من أن إرهابا جاء على مطية الفكر المتطرف والمعادي لا يجد في محاربته منا كمواطنين ما يستحقه من اهتمام ودراسة. نعم يجب إيقافه بالعمل الأمني وكذلك الفكري. هذا الفكر والإرهاب مستمر في تطوره فما ان يتوقف او نوقف أدواته سرعان ما ينجب الفكر أدوات اخرى اقوى وبوسائل أشدّ وطرقا أكثر غرابة من سابقتها. فقد نسينا او تناسينا ان مصدر هذا الفكر جاء من بعض المحاضن للمتطرفين الذين يصطادون ضحاياهم كما جاءت ايضا من بعض التكتلات الجهادية والشبابية في الخارج وأماكن اخرى لا يمكن حصرها وهي معروفة. ومما يؤكد مصداقية ما اشرت اليه من تطور اساليب هؤلاء هو ماحدث مؤخرا من تحول الإرهاب الى قتل رجال الأمن وتفجير المساجد وهذا فيه استراتيجية جديده لهؤلاء رسمت لهم من قياداتهم وبعض عملاء الدول المعادية لهذه البلاد لأن في هذا الأسلوب زرع فتنه بين أبناء الوطن وترويع الآمنين الذين كانوا قبل ذلك ليسوا مستهدفين منهم ومحاولة زرع الشك في أداء الجهاز الأمني الذي كان حصنا ورادعا لهؤلاء. ويشعر المواطن بالاطمئنان له. لذا لابد من معالجة أصل تكوين هذا الانسان ليصبح ارهابيا فيما بعد وهذا التكوين هو الفكر الذي يؤسس للإرهاب ويجعله مقبلا ومندفعا لهذا العمل لتحقيق معتقده الذي صوره له الآخرون بأنه هو السبيل الى الجنة والتخلص من الذنوب. لا بد من وضع استراتيجيه للتربية السليمة ومكافحة الافكار المتطرفة في كافة مراحل التعليم واختيار المسؤلين عن هذه الاستراتيجيه من مدراء تعليم ومدارس وموجهين تربويين واسلاميين وكذلك وزارة الشؤون الاسلامية لخطباء المساجد لتكون الخطبة او الندوة بعيدة عن الشوائب والمذهبيات والفئوية. وتراقب هذه بصرامة وبمشاركة من هيئة كبار العلماء وكذلك اشراك الأسر في تربية النشء ومحاربة التشدد والغلو والاستعانة بالجهات المسؤولة لأن السكوت مثل المساندة لهذا الفكر يجب تجريمه. واذا ما طُبّقت هذه الاستراتيجية بدقة واهتمام فسوف تكون بمثابة التحصين والسد المنيع لعبور هذه الافكار الى عقول ابنائنا وشبابنا. ومن شذ سيكون العمل الأمني الرادع له بالمرصاد ثم يتم تنفيذ الاحكام الشرعية في كل مخالف دونما هوادة او رحمة لأن رسول الله قال: (من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه). غير ذلك لن يكون اي عمل مهما كان غير مجد لقطع دابر الارهاب وشروره وسيظل يطل برأسه علينا بين فترة واخرى.