الصداقة هي بلسم العلاقة في هذه الحياة. والصديق يتعدى وجوده وقت الضيق كما يقال. وهي اعمق واعم واشمل، حتى أن الصديق أحيانا يكون اقرب اليك من الأخ والحياة وتجاربها يجعلك تفرز علاقاتك وصداقاتك وتختار الخل الوفي من الأصدقاء والأقرباء وإضافة لما تصنعه العلاقات بين الناس من الأصدقاء فإن المواقف والمحن تصنع الأصدقاء من الرجال الاقوياء والأوفياء. والصداقة الحقة هي التي تأخذ صبغة المواثيق والعهود غير المكتوبة بين اثنين جمعت بينهما المحبة وأحيانا الصفات والسلوك بالاضافة الى التوافق الروحي والنفسي ليكونا كالروح والعقل الواحد بجسدين منفصلين والصداقة لا تغيب كما تغيب الشمس ولا تذوب كما يذوب الثلج مادامت المحبة والوفاء باقيين بين الاصدقاء ولا ينهاران إلا اذا كانت مبنية على مصلحة او مآرب قد تنتهي أو تتعثر في وقت من الأوقات لكنها قد تزداد وتتعمق وقت النوائب والملمات لأنها مرتبطة بالمشاعر والأحاسيس والمحبة، فلولا الحب ما تكونت العلاقات الإنسانية وألف الإنسان أخاه الإنسان بعيدا عن لونه وعرقه، لأنّ الرابط أسمى من ذلك ويتعلق بالمشاعر والحياة والفكر وايضا الإبداع. وكلها يجمعها الحب. هذه الكلمة ذات المعاني الكبيرة والشاملة التي زينت للإنسان حياته ومعاشه على هذا الكوكب. ولعل علماء الاجتماع والأنثربولوجيا أسهبوا في عرض العلاقات الانسانية وأهميتها في الروابط الاجتماعية للإنسان والشعوب قاطبة. وهذا يؤكد على أن جانب العلاقات والصداقة يمكنها أن يساهم بإيجابية في تسيير وتسهيل العلاقات والحياة ومتطلباتها بين البشر والشعوب، ووصل ذلك إلى الدول والكيانات المختلفة فأسس علاقة متناغمة يسودها التفاهم والمحبة. لكنا نريد ان يلعب الحب والمحبة الدور الأكبر في تكوين العلاقة أو الصداقة فالمبني على المحبة والمشاعر أصدق وأقوى من المبني على المصالح سيما أن المصالح ليست مستديمة تتغير بتغير الظروف والأهداف فيقول المثل البدوي الشعبي (من أحبك على لقمة أبغضك على فقدانها) وما يصدمك كإنسان صادق المشاعر وتنطلق في صداقتك للآخرين من الحب والمشاعر هو تنكر البعض لهذه الصداقة بدون سبب. وتكون الصدمة أقوى وأشد اذا لاحظت أفول وتراجع الصديق الذي صدقت معه وتبين لك فجأه جحود القريب الذي أعطيته من مواقفك وساندته وقت حاجته. هنا يصيبك الذهول ولا تجمع أوراقك في حينه لتفحص الاسباب وتحبس الأنفاس وعندما تتجلى لك الحقيقة بأنها افول صديق وجحود قريب غيرهما الزمن والحياة وتداعياتها، يتأكد لك أن الصداقة رابطا قويا أنفس واغلى من أن نحولها الى مصلحة دنيوية. إنها أغلى وأنفس من المال والياقوت والزمرد في قاع البحر. إنها جرعات من المحبة والمشاعر والحياة والتواصل بين الآخرين. وهل هناك أغلى من هذه النفائس تحقق للإنسان راحته وسعادته على كوكبه. والله المستعان.