لم أكن أتوقع حلاً لمشكلة عانيت منها دهراً ويعاني منها غيري وهي إرجاء قراءة العديد من الموضوعات المنشورة (على الورق) عبر النشرات أو المجلات أو الصحف للعديد من المختصين وآراء الكتاب والمبدعين وحوارات المتحاورين والتي تهمني أو يدفعني الفضول للاطلاع عليها ، فأعمد إلى الاحتفاظ بها حتى تراكمت فوق بعضها البعض منتظرة وقت الفراغ الذي لم يأت وربما طال انتظاره، لا لشغل أجبرني ولا انشغال أخذني بل لأني مثل غيري في هذا الزمن مشغول بلا شغل. لست الوحيد الذي يعجبه طرح كاتب أو غرابة موضوع أو جمال فكرة أو أسلوب جيد جديد إنما العديد من الناس مثلي، والكثير يحتفظ بالموضوع وقصاصة من المكتوب لعله يجد الفراغ ليقرأه على مهل في وقت قادم يستمتع فيه بالقراءة ، لأن قراءة ما تطرحه الأقلام بين أعين القراء يحمل الكثير من المتعة عند قراءته بهدوء وروية . لكنه في وقت الاستعجال لا يقرأ منه سوى لمحة أولى ولا يراه بعد النظرة التي نظرها، لأنه قد تراكمت فوقه ومعه وبجانبه موضوعات وطروحات مشابهة زاحمته على وقت الفراغ، وربما تكدست الأوراق حتى ضاع بينها ودفنته إلى الأبد ، وربما تذكرناه يوماً فأخذنا نبحث عنه الساعات الطويلة أملاً في وجوده، ونحن نردد عبارة :(أتذكره. أتذكره. أظن أني أحتفظ به لقد كان هنا أو أنه هناك) هذه حالنا مع المقالات والموضوعات التي تعجبنا في زمن الطباعة الورقية التي لا خيار غيرها. يضاف إلى هذا البحث المضني والذي ينتهي عادة باليأس من وجود ما احتفظنا به منذ زمن إثارة الحساسية في العينين والأنف وما يعقبه من السعال والدموع والعطاس، إنها فعلاً معاناة لكن لابد منها فيما مضى. واليوم جاء الحل الذي لم يكن في الحسبان، وربما لم يفكر فيه من قبل أحد منا وهو الأرشيف العام في المواقع وبوابته عبر الإنترنت، حيث تتوافد أعداد الصحف والمجلات، وتفرغ المعلومات وتخزن لتتوفر عبر شبكة جاهزة في كل وقت، مع وسائل حديثة للبحث، لا غبار حولها ولا معها ولا حراسة على أبوابها ولا حاجة لفطنة أو فراسة للوصول إليها. فالبحث بالكلمة توصلنا إليها وتذكر طرفا من المقالة والموضوع كفيل بأن تحضره لنا. وما نعاني منه اليوم هو فقد ثروة كبيرة من إنتاج الأقلام في فترة ما قبل الانترنت، حيث لا حضور لها في هذا الميدان، إلا أن تفرغ من جديد أو يعاد نشرها وحيث ذهب الكثير منها إلى ظل النسيان أو غاب أشخاصها معها أيضا فإن الأفكار لا تزال باقية فياليتنا نعيد ما كان في النشرات الورقية لكي تدخل عالم الانترنت وميدان الحضور الدائم المريح.