يبدو مشهد الطرق الدائرية والرئيسية في مدينة كالرياض محبطاً أمام مشهد طوابير المركبات التي تزحف في شوارعها زحفاً، حتى يبدو المشوار القريب بعيداً ومكلفاً في نظر من تضيع جل ساعات نهارهم في تلك المشاوير غدواً ورواحاً. فقد تمكنت هيبة الازدحام المخيف من تقديم وقت ساعات المنبه قبل وقتها الفعلي كل صباح بغية الوصول إلى أماكن العمل قبل فوات الأوان، كما أنها تملك سطوة كبيرة على مزاج الناس سالكي تلك الشوارع الغاصة بالمركبات، فتقل الابتسامة ويتصاعد التوتر وتكفهر الوجوه. إلا أن أياماً قلائل في حياة سكان المدن المزدحمة تخرجهم من مزاجهم الصعب هذا، وتجعل مشاويرهم في أطراف المدينة الكبيرة تبدو سهلة وربما يحفها بعض المتعة أحياناً، فما أن تحل مواسم إجازات الأعياد حتى تتنفس المدن الكبيرة الصعداء، ويترك سكانها الهاربون إلى قراهم ومدنهم الصغيرة مساحات كبيرة في طرق المدن المزدحمة، فيشعر السكان بأن مدينتهم كبيرة وواسعة، وتهون عليهم المشاوير التي كانت بالأمس تبدو شاقة ومتعبة، ويجول الرجل منهم بمركبته أطراف المدينة صبحاً ومساء في دقائق معدودة. وتُظهر فترات الإجازات مفاتن المدن الكبيرة، وسهولة العيش بها في ظل سهولة الحركة والتنقل بين أحيائها، حتى ان بعض سكانها يؤجلون بعض مشاويرهم غير الضرورية إلى تلك الأيام التي تتنفس بها المدينة، كما تنشط حركة التواصل الاجتماعي والزيارات في ظل سلاسة الحركة المرورية بين أحيائها المترامية، وتشارك الجهات الحكومية المعنية بالصيانة الناس في استغلال فترات الإجازات من أجل صيانة الطرق والمرافق، الأمر الذي قد يعكر شيئاً من هدوء الطرقات وتدفق المركبات بها، إلا أنه رغم ذلك يبقى مقبولاً مقارنة بالازدحام المعهود في تلك المدن. ويُظهر تحسن مزاج المدن المزدحمة في الإجازات مدى تأثير الازدحام والاختناقات المرورية كمنغص أساسي في حياة سكان تلك المدن، حتى عده مراقبون محبطاً في مجال التواصل الاجتماعي بين سكان أحيائها المتباعدة، فيما يرى اقتصاديون أن له تأثيرا سلبيا على حركة التسوق في المدينة، فكم من مواطن ومقيم أجل رحلة تسوق لمكان في حي آخر كان ينوي التبضع منه هروباً من اختناقات الطرق الرئيسية، وأزمة المواقف حول الأسواق وأماكن التسوق. لكن تحسن مزاج المدن الرئيسية في الإجازات لا يحمل الأمور الايجابية لكل ساكنيها، فسائقو الأجرة، مثلاً تصاب صنعتهم بكساد كبير في تلك الفترة، كما أن الأسواق تفقد جزءاً كبيراً من مرتاديها، الأمر الذي يعدونه ركوداً موقتاً.