كنت كعادتي عندما يجافيني النوم ويعاندني في ساعات الليل المتأخرة، ولا أجد من أتبادل أطراف الحديث معه، أقوم بتصفح المواقع الإخبارية والصحف الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية، وقع بصري فجأةً على خبرٍ آلم قلبي وكتم أنفاسي وهزّ جسمي وكياني عندما قرأته، ألا وهو خبر هدم إيران للمسجد الوحيد للسنّة في طهران، وبعدها عرجت على الهاشتاق الذي سطّره الغيورون على أماكن الطاعة والعبادة التي حرّم الله المساس بها أو إيذاءها أو تدنيسها وتخريبها، والذي حمل عنوان:#إيران_تهدم_مسجد_السنّة_الوحيد، وقرأت ما كُتب وسُطّر من كلامٍ راقٍ ومعانٍ بالغة، تعبّر عن مدى الحُزن وعُمق الأسى على قيام إيران بذلك العمل الذي يُعتبر من الأعمال التخريبية البشعة التي تُحارب الإسلام وتعاديه، بل هو من أعمال الظُلم الذي حرّمه الله على عباده المؤمنين وأوجب على من قام به الخزي في الدُّنيا والعذاب في الآخرة، كما قال تعالى في كتابه الكريم (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).(سورة البقرة 114)، فما قامت به إيران، تلك الدّولة التي تتظاهر بالإسلام وتنسب نفسها إليه، هي من تُحاربه في الباطن وتعاديه، وتنتهك حُرُماته وتتعدّى على أركانه وواجباته، تهدم مسجداً يُذكر فيه اسم الله، وتُقام فيه أركان الإسلام وتُؤدّى فيه فرائضه، ضاربةً في ذلك أعظم الأمثلة في بيان عدائها وكرهها ومحاربتها للإسلام الذي تدّعي كاذبة بانتمائها له وصلتها به، فاتحةً بذك العمل الخبيث مجالاً لأعداء الإسلام وكارهيه من دُعاة العُنف والطّائفية، لبث روح الفُرقة ونشر الكراهية والعداء بين المسلمين، وفي المقابل، أقرأُ خبراً يثلج الصّدر، ويبعث في النّفس الرّاحة والطُّمأنينة، ألا وهو تواصل أعمال التّوسعة المباركة في الحرمين الشّريفين في مكةالمكرمة وفي المدينةالمنورة في بلدنا الكريم، المملكة العربية السعودية، وتواصل أعمال البناء والصيانة والنظافة في كافة مساجدنا العامرة بذكر الله وطاعته، بفضل الله ثم بفضل الجهود اللامحدودة من قيادتنا الحكيمة وحكومتنا الرشيدة، وفقها الله، وعبر تأريخها الطويل في خدمة بيوت الله وخدمة قاصديها داخل وخارج المملكة، مما كان له أكبر الأثر في نفوس المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، خصوصاً في هذه الظّروف العصيبة التي يعجُ فيها العالم بالأفكار المتطرّفة والتكفيرية، والأعمال الإرهابية المروعة، والتفرقة المذهبية الطّائفية المقيتة، والتي يحتاج فيها المسلمون إلى التّوافق والتّلاحم والتعاطف، لا إلى الفُرقة والطّائفية والمذهبية، وهُنا يتّضح ما قامت وما سعت إليه إيران، من فُرقة وتأجيج للمذهبيّة والطّائفية بذلك العمل الخبيث الدنيء، ولا عجب! فهو ديدنها وذلك تأريخها وشأنها كجمهورية للقتل والتخريب والتّفرقة والظُلم، وكل ذلك في سبيل محاربة الإسلام الذي تدّعي بانتسابها إليه وتتشبّث به أمام وسائل الإعلام وتضحك عليه خلفها،،، لقد كشفت عن وجهها القبيح الذي طالما غطّته بوشاح الإسلام النظيف العطر، وبان عداؤها وظهر قُبحها وتبيّنت نواياها وانكشفت أسرارها، وأصبحت هي وعبدة الشياطين ومن معهم من الدواعش في خندقٍ واحد واضح وبيّن. (فاعتبروا يا أولي الأبصار).