في الوقت الذي بلغ فيه حجم إنفاق دول مجلس التعاون الخليجي على تقنية المعلومات 4,2 مليارات دولار للعام بحسب الدراسات التي توقعت أن يرتفع حجم هذا الإنفاق إلى 7,9 مليارات دولار في العام الحالي، و في الوقت الذي تتصدر فيه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة قائمة الدول الخليجية المنفقة على هذا القطاع، بدا واضحا بحسب كل المؤشرات أن سوق تقنية المعلومات في منطقة الخليج بشكل خاص ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على وجه العموم تعد واحدة من أكثر أربع مناطق في العالم سرعة في النمو والتطور سنويا إلى جانب الصين وأوروبا الشرقية والوسطى والهند. وفي حين تشير توقعات المراقبين إلى ارتفاع معدلات الإنفاق على تقنية المعلومات في منطقة الخليج العربي، حيث تجاوز حجم الإنفاق على هذا القطاع في دولة الإمارات - على سبيل المثال - مليار دولار خلال العام الماضي، يبدو جليا توجه أنظار مختلف كبرى شركات تقنية المعلومات في العالم لأسواق هذه المنطقة التي شهدت في السنوات الأخيرة طفرة تقنية هائلة وشهدت دولها تناميا في مختلف قطاعات تقنية المعلومات. ولكن هذه الطفرة إلى أين.. كيف تنظر هذه الشركات إلى قطاع تقنية المعلومات في المنطقة وماذا قدمت كبرى شركات التقنية لهذا القطاع في العام المنصرم.. وما هي الإستراتيجيات التي رسمتها لتطوير هذا القطاع وضخ المزيد من الاستثمارات فيه خلال العام الحالي.. كل هذه الأسئلة طرحتها «الانترنت والاتصالات» على عدد من مدراء هذه الشركات لتسليط الضوء على مستقبل قطاع تقنية المعلومات في المنطقة.. بداية تحدثنا إلى علي فرماوي- المدير الإقليمي لمايكروسوفت الشرق الأوسط الذي أكد لنا أن العام المنصرم قد شهد استكمال العديد من مشاريع تقنية المعلومات والاتصالات التي تقدم دليلاً واضحاً على النشاط الكبير الذي يتمتع به قطاع البرمجيات في الشرق الأوسط والذي استطاع توفير العديد من التطبيقات البرمجية المتطورة للمشاريع الكبرى في القطاعين العام والخاص في المنطقة. و تابع فرماوي حديثه لل «الانترنت والاتصالات» قائلا: «بينما يعتقد البعض بان هذا النمو الهائل لقطاع تقنية المعلومات في المنطقة، سيدخل هذا القطاع مرحلة من النضج، أعتقد أن المهارات والمعارف الضرورية التي ستقود الموجة المقبلة من النمو باتت متوفرة لتنشيط المزيد من الاستثمارات. ويرى المدير الإقليمي لمايكروسوفت الشرق الأوسط أن شركات تطوير التطبيقات الإقليمية قد وفرت مجموعة من أرقى تطبيقات الحكومة الإلكترونية، على مستوى المنطقة والعالم، كما شهدت السوق تنفيذ عدد كبير من المشاريع المتطورة الناجحة التي يمكن تعميمها على العديد من مناطق العالم العربي، وذلك بالاعتماد على كفاءات محلية ولصالح شركاء إقليميين. وحول قطاع التعليم في المنطقة يقول علي فرماوي «في الوقت الذي تقوم فيه معظم حكومات المنطقة بتطوير مشاريع إلكترونية، فإن قطاع التعليم في دول المنطقة يشهد نشاطاً ملحوظاً بفضل التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص والسعي المتواصل إلى تطوير أساليب استثمار التقنية لتعزيز قدرات قوة العمل في المنطقة ومساعدتها على تحقيق أرقى مستويات الأداء، فقد أدرك صناع القرار في المدارس والجامعات في معظم الدول العربية الطاقات الكامنة لتقنية المعلومات ودورها الفاعل في تسهيل العملية التعليمية وتزويد الطلاب بما يحتاجون من مهارات ومعرفة». ويتابع فرماوي حديثه ل «الانترنت والاتصالات» قائلا: «على سبيل المثال، لدى مايكروسوفت في الوقت الحاضر صفوف افتراضية في كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، كما تم ربط المدارس في الأردن بشبكات إلكترونية تساعدها على التعاون والتنسيق، وقد حققت تجربة جامعة الإمارات في التعليم الالكتروني نجاحاً كبيراً وأثبتت جدواها العملية، و لقد عمل شركاؤنا جاهدين بالتعاون مع صناع القرار والأكاديميين في السنوات الأخيرة، على تحقيق هذا التقدم في قطاع التعليم، وسوف نلمس جميعاً النتائج الإيجابية الكبيرة لهذه الجهود في السنوات المقبلة». وأما على صعيد الشركات الكبيرة، فإن مايكروسوفت ترى أن الإنفاق الاستثماري على التقنيات الجديدة لا يزال محدوداً، إذ لا تزال هذه الشركات تتطلع إلى إيجاد وسائل تتيح لها تحقيق نتائج أفضل من الاستثمارات التي وظفتها في التقنيات الموجودة لديها حالياً، وعليه يمكن القول إن عمليات المكاملة والتطبيقات الشبكية وتعزيز الخوادم وتحديث البرمجيات لعبت جميعها دوراً أساسياً فيما تحقق من نتائج مشجعة خلال العام الحالي. هذا و قد استطاعت مايكروسوفت - بحسب فرماوي - من خلال إطلاق نظام ويندوز لتشغيل الخوادم Windows Server System العام الماضي إيجاد فرصة كبيرة للشركات للحصول على بنية أساسية شاملة ومتكاملة للخوادم قادرة على أداء وظائف متعددة وتتيح للعملاء تطوير ونشر وتوزيع وتشغيل حلول ذكية وسريعة لقطاع الأعمال، «أعتقد أن الحد من التعقيدات وتعزيز التكامل بين الحلول والتطبيقات وتقليص التكلفة، أصبحت جميعها المحرك الرئيسي لأسواق الأعمال هذه الأيام». وحول تطوير مشاريع الحكومة الإلكترونية في المملكة بشكل خاص ومنطقة الخليج على وجه العموم قال فرماوي «سوف تشهد السنة المالية لهذا العام 2005 انعكاسا واضحاً لفائض الموازنات لدى حكومات دول مجلس التعاون الخليجي على تطوير مشاريع الحكومة الالكترونية في المنطقة وذلك بسبب ارتفاع عائدات النفط، وقد بدأنا نلاحظ ذلك فعلياً في عدد من هذه الحكومات، وفي الوقت الذي تستمر فيه شركات مثل مايكروسوفت في الوفاء بالتزاماتها، فإن القسم الأكبر من الإنفاق الحكومي على هذه المشاريع سيصب في مصلحة شركائنا في المنطقة والذين يقومون حالياً بتطوير أرقى تطبيقات الحكومة الإلكترونية». هذا ومما لا شك فيه أن التركيز على القطاعات الاقتصادية غير النفطية كالسياحة والعمران والمصارف وغيرها من الخدمات في دول مجلس التعاون، مصحوباً بالتوسع الجغرافي الذي تشهده الأسواق سوف يمنح بكل تأكيد دفعاً قوياً للاستثمارات في تقنية المعلومات لدى الشركات الكبيرة والمتوسطة الحجم، ولكن هذه الشركات ستكون أكثر حذراً في استثماراتها وسوف تبحث عن التجارب والتطبيقات والمشاريع التي أثبتت جدواها بالتجربة العملية من أجل تلبية احتياجاتها. و يختتم المدير الإقليمي لمايكروسوفت الشرق الأوسط حديثه ل «الانترنت والاتصالات» قائلاً: «لقد أسست شركة مايكروسوفت مركز «التطبيق التجريبي للمفاهيم» بتكلفة مليون دولار لتلبية حاجات هذه الشركات، والذي سيتيح للعملاء والشركاء تحقيق أعلى عائد ممكن على استثماراتهم في تقنية المعلومات. وفي الوقت الذي حدد فيه قطاع التعليم أولوياته، فإنه من شأن تكاليف تطوير وتطبيق حلول التقنية في الفصول الدراسية واعتماد التعليم الالكتروني أن تنخفض رغم الارتفاع الكبير المتوقع للطلب على هذا النوع من التطبيقات من قبل المؤسسات التعليمية. وفي القطاع التربوي، تم اختبار واعتماد هذه التطبيقات ولا يحتاج تعميم التعليم الالكتروني على بقية المؤسسات إلى أكثر من تعديلات محدودة، وسوف يكون شركاؤنا في طليعة المتعاملين مع هذا القطاع نظراً للتجارب الناجحة التي شهدناها في المملكة والإمارات ولبنان والأردن والبحرين. وحول فرص النمو لقطاع تقنية المعلومات في سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة تحدثت «الانترنت والاتصالات» إلى نديم جارودي، مدير التسويق الإقليمي للمنطقة العربية في كمبيوتر أسوشييتس، الذي أكد على أن فرص النمو كبيرة للغاية، خاصة وأن 80٪ من شركات المنطقة تقع ضمن هذه الفئة، كما أنها تستأثر حالياً بنحو 50٪ من حجم الإنفاق على تقنية المعلومات في المنطقة العربية والذي تقدره شركة أبحاث السوق «آي دي سي» بحوالي 6,9 مليارات دولار في عام 2004 وحده. يقول جارودي «كان من الطبيعي أن تلجأ شركات تقنية المعلومات العالمية التي تزاول نشاطها في المنطقة إلى تطوير منتجات تستهدف قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة وإلى تعديل حلولها بما يلبي الحاجات المتزايدة لهذا القطاع، ونعتقد في «كمبيوتر أسوشييتس» أن مجموعة منتجاتنا وخدماتنا تناسب تماماً الشركات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة، وبصورة خاصة حل «الحماية الشاملة» المبتكر الذي طورناه مؤخراً». وحول النمو الذي تتوقعه كمبيوتر أسوشييتس لأعمالها يقول نديم جارودي «لقد بدأت الشركات في المنطقة العربية باعتماد حلول «كمبيوتر أسوشييتس» منذ 10 سنوات تقريباً، وتوجد حالياً مئات الشركات والمؤسسات التي تطبق حلولنا في القطاعات الرئيسية، بما فيها القطاع الحكومي والتعليم والاتصالات والطاقة. وبالتالي، فإننا ننطلق من قاعدة عملاء متينة، ندرك أنه يتعين علينا تعزيزها إذا ما أردنا تحقيق معدلات النمو المرجوة لأعمالنا. وهذا يعني أننا سنركز على المدى القريب، إلى المتوسط، على تجنيد طاقات بشرية عالية التأهيل وبناء شبكة واسعة وراسخة من الشركاء تتيح لنا تزويد عملائنا بالدعم اللازم وفق أفضل المستويات العالمية». وقد أظهرت استراتيجية التوسع التي اتبعتها كمبيوتر أسوشييتس في المملكة والمنطقة مؤخرا مدى اهتمامها بالنمو الذي تشهده هذه الدول و هذا ما أشار إليه نديم جارودي «لقد قطعنا شوطاً طويلاً في إطار سعينا إلى بناء قدراتنا الداخلية، وذلك من خلال افتتاح مكتبينا في المملكة ومملكة البحرين ومركز اتصالاتنا الإقليمي في لبنان ومقرنا الإقليمي في مدينة دبي للإنترنت في دولة الإمارات العربية المتحدة، وخصصنا كذلك فريقاً يتمتع بخبرات طويلة لتطوير قنوات التوزيع، وهم منشغلون حالياً في توفير وتدريب الكوادر البشرية ومنح التراخيص للشركاء في كافة أنحاء المنطقة. هذا وتتلخص إستراتيجية كمبيوتر اسوشييتس كما يشير إليها جارودي «في استقطاب مستخدمي التقنيات المتطورة وتحويلهم إلى عملاء دائمين لشركتنا متيحين لهم استثمار جميع إمكانات الدعم الفنية والتعليمية والاستشارية التي توفرها «كمبيوتر أسوشييتس»، وأما بالنسبة لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، فإننا نعتزم توفير حلول منخفضة التكلفة وسهلة الاستخدام تتيح لهذه الشركات الاستفادة من المزايا التقنية المتوفرة للشركات الكبيرة، ويقدم حل «الحماية الشاملة» خير دليل على ذلك، إذ سنعمل من خلاله على توسعة وتعزيز شبكة شركائنا العالمية والإقليمية في كلا القطاعين بشكل يدعم التزامنا تجاه عملية التطوير في المنطقة. أما نضال أبو لطيف، المدير العام لشركة أفايا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيرى أن نمو المنطقة سيتواصل خلال عام 2005 في منطقة الشرق الأوسط، خاصة مع الانتعاش الذي يشهده اقتصاد العديد من دول المنطقة في ظل أسعار النفط المرتفعة، ويؤكد على أن هذه الدول قد بدأت تقطف ثمار المشاريع الكبيرة التي أطلقتها في مجالات التعليم والحكومة الإلكترونية وتنويع الاقتصاد وتشجيع التطوير بكل مجالاته، وبالتالي من المتوقع أن يستمر النمو في قطاعات عدة وليس في قطاع تقنية المعلومات وحده. وفي حديثه ل «الانترنت والاتصالات» يقول أبو لطيف «من المتوقع أن ينمو قطاع مراكز الاتصال في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بنسبة 30٪ خلال العام الحالي، كما أنه من المتوقع تضاعف تطبيقات الاتصال عبر بروتوكول الإنترنت خلال الفترة نفسها، ومن هنا تجد أن أفايا تقدم في هذا المجال حلولاً متكاملة لمراكز الاتصال متعددة الوسائط تتيح خدمة العملاء عن طريق الهاتف أو الإنترنت أو أي طريقة أخرى يستخدمها المتصل، وتتمتع تقنية الاتصال عبر بروتوكول الإنترنت بالعديد من المميزات، منها انخفاض تكلفة البنية التحتية وأعمال الصيانة لأنها تستخدم شبكة موحدة، بالإضافة إلى الحلول الجديدة التي تصبح متاحة مع شبكات بروتوكول الإنترنت. كل هذه الميزات تدفع العديد من الشركات إلى الاستفادة من انخفاض تكلفة البنية التحتية والصيانة والتحول التدريجي إلى هذه التقنية المتطورة». هذا ويعتمد نظام الاتصال عبر بروتوكول الإنترنت تطبيقات وحلولاً تتيح للموظفين العمل في محيط آمن موثوق وبكفاءة عالية، وتستطيع الشركات إنجاز عملية التحول إلى بروتوكول الإنترنت بشكل تدريجي مع المحافظة على 85٪ من أنظمتها الموجودة أساساً نظراً لتوافق منتجات أفايا مع كافة الأنظمة التقنية الأخرى بفضل المعايير المفتوحة التي تعتمدها. وترى أفايا أن الفرصة متاحة لها الآن لتحقيق معدلات نمو قياسية في المنطقة العربية، خاصة في المملكة، يقول نضال أبو لطيف «يعتبر سوق المملكة من أهم الأسواق التي نزاول فيها نشاطنا، حيث بدأ العديد من الشركات والمؤسسات المالية بتحويل أنظمة تقنية المعلومات ومراكز الاتصال لديها إلى أنظمة اتصال عبر بروتوكول الإنترنت، وهذا ينطبق أيضاً على سائر دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة في كل من قطر والبحرين والإمارات ومصر، وفي ضوء النمو السريع الذي تشهده المنطقة العربية في كافة المجالات، نجدد في أفايا التزامنا بدعم هذا النمو من خلال الأبحاث والتطوير إلى جانب ما نوفره من خدمات ومنتجات مبتكرة في أسواق المنطقة. هذا وتتسابق الشركات العاملة في مختلف قطاعات تقنية المعلومات في المنطقة نحو تطوير أساليب خدمة العملاء والارتقاء بمستوياتها، الأمر الذي لعب دوراً كبيراً في زيادة الطلب على تقنيات مراكز الاتصال لما لها من مساهمة فاعلة في تحديد احتياجات ورغبات العملاء والاستجابة لها ومواكبتها.