تعد العيدية واحدة من أهم مظاهر الاحتفال بالعيد عند الأطفال، فجميعهم يتلهفون قدوم العيد وهم محملون بأحلام جميلة، وتدغدغ أفكارهم فكرة الحصول على العيدية من خلال زيارات مكوكية سريعة في أيام العيد الثلاثة لأقارب يغدقون عليهم الحنان والمال والحلويات بسعادة ورضا، ويحصلون على عيدياتهم ذات الورق الجديد التي يحرص الآباء على توفيرها قبل العيد، ولكن بعض الأهالي يترك لأطفاله الباب مفتوحاً للحصول على عيدياتهم ولو كان عن طريق الإلحاح وإحراج الأهل بداعي العادات الاجتماعية، مما يجعل الأمر يبدو تسولاً إجبارياً، وعادة تكدر صفو حياة المعسرين من الأقارب، كما تخلق لدى هؤلاء الصغار سلوكاً غير سوي مؤثراً في حياتهم لاحقاً، عدا ذلك أصبحت العيدية الآن هما مكلفا على البعض حيث يتبارى بعض الآباء بتوزيع الهدايا القيمة من أجهزة الكترونية كالأيباد والجوال وغيرها وفقدت شكلها ومحتواها المعنوي الذي كانت عليه في السابق. ميزانية مستقلة يرى المواطن يحيى العنزي (أب لخمسة اطفال)، أن نقود العيدية تتطلب ميزانية مستقلة عن مصاريف العيد، لاسيما مع كثرة الأطفال في العائلة وبين الأقارب، مشيراً إلى أنه يقدم الهدايا والنقود في نفس الوقت إلى أطفال العائلة، ويحاول أن يقسم المبلغ المخصص لعيدية كل طفل ليكون كافياً لشراء هدية، وكذلك ليكون لديه بعض المال لشراء ما يرغب من حلويات. وأضاف العنزي ان العيدية تتطلب ميزانية خاصة، لاسيما أنه لا يمكن تقديم أي هدية عادية للطفل في هذه المناسبة، علاوة على أن كثيرين من الأطفال اليوم باتوا أصحاب طلبات كثيرة وتطلعاتهم زادت، ولا يمكننا أن نكسر بخواطرهم في مثل هذا اليوم السعيد، معتبراً مسألة العيدية من أساسيات العيد وعاداته ولا بد من المحافظة على هذه العادات، كما لا بد من الحرص على كيفية غرس هذه العادات في نفوس الأطفال كي يحافظوا بدورهم عليها حين يكبرون. موقف محرج فيما يروي عبدالرحمن المهنا - أب لولدين - موقفا محرجا وقع فيه قبل سنة ويقول: ان العيدية تحولت عند بعض الأطفال إلى تسول ولكن بأسلوب جديد تحت مسمى عيدية ويضيف أنا لا أحبذ سلوك بعض الأطفال، حيث يقومون بإحراج الكبار بطلب العيدية والقصد منها الفلوس اما بالتلميح أو بالتصريح، وأذكر أنني في أحد الأيام التقيت بقريب لي ثاني أيام العيد عند احدى البقالات، وكان معه ولده فسلمت على قريبي وقبلت الصغير، ولكن يبدو أن الصغير كان منتظراً أكثر من قبلة وبدأ بتلمس جيبي وهو يبتسم، وما كان منه إلا قال بصوت مرتفع "عمي عطني عيدية"حينها أُحرجت كثيراً، لأنني كنت لا أملك من النقود سوى ما سأشتري به من أغراض البقالة فاضطررت إلى أن أعطيه جزءا من هذه النقود. ويواصل لا بد من مراقبة أولادنا في هذا اليوم تحديداً يجب أن تكون أكثر من أي يوم آخر، ويجب أن نعزز فيهم قيم الحب والعطف على الآخرين، وصلة الرحم وزيارة الأهل والجيران، وتأكيد أن العيدية ليست بالقيمة المادية، وإنما بتقديم الحلوى والمكسرات، أيضاً يجب تعويد الطفل بألا يطلب عيديته الا من الناس الذين يتعارف أن يعطوه وأن يحترم خصوصية الآخرين. فرصة لا تعوض الصغير محمد البواردي 12 سنة يرى ان العيد بالنسبة له هو يوم مهم جدا لجمع النقود، ويقول: أفرح كثيرا لقرب يوم العيد، فهو بالنسبة لي فرصة لا تعوض، أستطيع فيه جمع أكبر قدر ممكن من النقود قد تصل إلى 1000 ريال، وأشتري أي شيء يخطر على ذهني وليس لوالدي أي تدخل بكيفية صرفها فأنا الذي جمعتها بنفسي، أما عن طريقة جمع العيدية فيوضح بعد أن أقوم الفجر وأرتدي ملابسي الجديدة أتجه مع والدي واخوتي لصلاة العيد ومن ثم نذهب إلى زيارة جدي لمعايدته، ومن بعدها تبدأ الزيارات المستمرة للأيام الثلاثة للعيد للأقارب والأهل وحتى أنني أزور الذين لا أذهب إليهم عادة في الأيام الأخرى، وبعض الأقارب يقومون بتوزيع كعك وحلويات، وهذا ما لا يعجبني، والبعض الآخر يقومون بتوزيع نقود لا بأس بها، وهذا الشيء يفرحنا جميعاً نحن الصغار. ويضيف كما أنتظر قدوم أعمامي وأخوالي لمعيادتنا في بيت جدي مساء أول يوم العيد، حيث يقومون بإعطاء كل واحد منّا ما لا يقل عن 100 ريال، وهذا الأمر يسعدنا جميعاً. أما الصغير صالح الحميد - 10 سنوات - فيرى أن العيدية أجمل ما يحصل في العيد، ويؤكد حرصه في العيد على زيارة أكبر قدر ممكن من الأقارب والأهل من أجل جمع أكبر قدر من العيدية. ويشير إلى أنه يحب الأوراق النقدية ذات الفئات الكبيرة مثل ال 50 وال 100 ريال فهي تمكنه من شراء ما يريده من ألعاب وحلويات وهذا ما يجعله ينافس إخوته للحصول على عيدية أكثر. ترسيخ الألفة والمحبة تعتبر السيدة أم وليد الغامدي – ربة منزل ولديها خمسة أبناء - أن العيدية لها أهمية كبيرة في ترسيخ الألفة والمودة بين الأهل والأقارب وتعميق صلة الرحم بينهم، وهي عادة اجتماعية تنبع من مبادئ ديننا الحنيف، ولكن في وقتنا الحالي طرأ العديد من المظاهر السلبية على معنى العيدية ومفهومها، وأصبح السلوك الممارس من قبل بعض الأطفال أيام الأعياد غير مستحب اجتماعياً، ففي السابق كان كبار العائلة "الذكور" يصطحبون أطفالهم معهم أثناء زياراتهم للأهل والأقارب في صباح العيد، والأطفال مستمتعون بما يحصلون عليه من "عيدية" ضخمة في نظرهم حسب القدرة المادية للأسرة، وهذا المبلغ لا يستطيع أن يحصل عليه في الأيام العادية، أما ما نلاحظه ونرصده في وقتنا الراهن من تصرفات وسلوكيات لبعض الأطفال فهو تحويلهم العيدية إلى نوع من التسول الإجباري المفروض على الأسر التي يذهب إليها الطفل لتلمس العيدية التي يحصل عليها كيفما كان، هذا السلوك نابع من ذات الطفل أحيانا وأحيانا أخرى يصبح مفروضاً عليه من قبل أسرته، فهو يحب أن يمتلك مقداراً من المال في هذا اليوم المسموح به أي شيء، ولن ينهره أحد، ولن يدخل في بند الحياء أو الخزي. وتحذر أم وليد نحن أمام عادات اجتماعية مغلوطة وقيم اجتماعية متغيرة تحول مظاهر العيد من القيم الإيجابية إلى قيم سلبية جعلت يوم العيد يوماً للتسول، وأصبحت العيدية مطمعاً ومغنماً يتسابق إليه الأطفال نحو جمع أكبر قدر من المال. تحمل المسؤولية وتؤكد حنان الرشيد - أخصائية اجتماعية - بأن للعيدية فوائد ومزايا نفسية تعود على أطفالنا، فهي تغرس معنى العطف والرحمة على الآخرين إذا اقتطع الطفل جزءا من عيديته لفقير أو ليتيم، كما أن اعطاء العيدية من الأقارب هو إظهار الحب والود للأطفال، حيث تزداد الألفة الأسرية والترابط بين الأقارب، كما أن العيدية من فوائدها الإيجابية تعليم الأطفال تقديم الشكر والعرفان، والشعور بالامتنان لذويهم وأقاربهم الذين قدموا لهم العيدية، كما يتعلمون كيفية إنفاق النقود فيما هو مفيد ونافع وضروري، بالإضافة إلى تدريبهم على تحمل المسؤولية إذا وظفت بشكل جيد ففيها تعليم لمعنى الادخار، حيث يمكنهم ادخار جزء من نقودهم لشراء بعض متطلباتهم، وعلى الآباء عدم انتقاد أطفالهم أمام الاخرين في طريقة صرفهم للعيدية واتهامهم بالإسراف والتبذير، لأن هذا يفسد سعادتهم بها، وبدلاً من ذلك نصحهم بلطف في هذا الأمر بالذات حتى تتكون لديهم شخصيات قوية مستقلة تتعلم كيف تصرف أمورها بنفسها مع الوقت، ولا مانع من أن يكون للأهل دور في مشاركة أطفالهم في التخطيط لإنفاق العيدية بشرط أن يكون القرار الأخير للطفل حتى يحقق رغباته. وتضيف كما يفترض بالأهل الحرص على تعليم أبنائهم القيمة المعنوية للعيدية، وأنها لا تؤخذ إلا من الأهل والأقارب، حتى لا تصبح عادة سيئة لدى الأبناء تجعلهم يطلبون العيدية بأنفسهم ومن منازل أناس لا يعرفونهم، فهذا سلوك غير سوي يكسب الطفل سمات شخصية غير إيجابية تدفعه لاتباع أي وسائل للحصول على المال مستقبلاً، فينعدم لديه الشعور باحترام الذات أو تقديرها، كما وينعدم لديه الشعور بالخجل الطبيعي في هذا الأمر، مما يجعله يتمادى مستقبلاً في سلوكيات أسوأ. الصغار اصبحوا اكثر اهتماما بمبلغ العيدية الاسر تجهز هداياها للاطفال لتكتمل فرحتهم بعض الاطفال يطلب عيديته مالاً تناول الاطفال وجبة العيد لا يشغلهم عن التفكير في العيدية