تابع الجميع ما تم خلال الأيام الماضية من قرار يعتبر تاريخيا وغير مسبوق اتخذه اتحاد كرة القدم على إقامة كأس السوبر السعودي بين الهلال (بطل كأس الملك) والنصر (بطل دوري عبداللطيف جميل) على ملعب (لوفتس رود) التابع لفريق كوينز بارك رينجرز في عاصمة الضباب لندن، ذلك القرار الذي صادق عليه أعضاء الاتحاد السعودي في جدة بناء على أهداف يسعى الاتحاد إلى تحقيقها حسب تصريح المتحدث الرسمي أهمها تسويق اللاعب السعودي المحترف للعالم الخارجي وللدوري بشكل عام والمكاسب المادية من الرعايات والتغطية التلفزيونية للمباراة. الملفت أن القرار لم يكن من القرارات العادية أو الروتينية كما جرت العادة خلال الفترة السابقة، فآلية اتخاذ هذا القرار سليمة ووفق نظام الاتحاد، لكن القرار وخروجه للجماهير بشكل مفاجئ من دون مقدمات أو تسويق مسبق للفكرة أدى إلى تباين الرأي العام للجماهير والكتاب الرياضيين كذلك بشأن هذه التجربة الجديدة والجريئة، اتحاد كرة القدم هو الجهة العليا التي تشرف على جميع أنشطة كرة القدم في الأندية الرياضية وتنظم عملها وبالتالي فإن أي تطوير سيقوم به الاتحاد سينعكس بصورة مباشرة على بيئة الأندية الإدارية. يمكننا القول أن الحكم على هذه التجربة الجديدة ربما يكون من السابق لآوانه حالياً فالأعمال تقاس بالنهايات، ولكن بالإمكان استقراء بعض المؤشرات التي تدعو إلى التفائل إذا ما تم التخطيط الجيد لإنجاح هذا الحدث لتحقيق الأهداف المرجوة التي تم اتخاذ هذا القرار من أجلها، لكونه يتم لأول مرة على مستوى تاريخ الكرة السعودية وعند نجاح التجربة سيتم كسب رعاة جدد سواء للاتحاد أو للفريقين، فكثير من الفرق الأوروبية والآسيوية كذلك انتهجت مثل هذه التجربة لكسب رعاة جدد وتسويق اللاعبين على نطاق عالمي واسع. ولعل من المؤشرات الإيجابية هي تواجد رعاة أعلاميين عدة لهذا الحدث، إضافة إلى وجود شركات راعية لكأس السوبر والتي رسخت الفكرة لدى إدارتي الهلال والنصر، وأن المردود المادي كبير جداً بالمقارنة فيما لو تمت إقامة المباراة داخلياً فمعاناة الأندية الرياضية المحترفة مادياً واضحة للجميع بل تكاد تكون المعضلة المزمنة لكل الإدارات التي غالباً ما يقوم كثير منها بإقامة معسكرات خارجية للاعبين ترهقها مادياً بلا عوائد مجزية فنياً، والنجاح الاستثماري للفكرة لابد أن يواكبه نجاح جماهيري؛ فإقامة مباراة بين فريقين سعوديين من أقطاب الكرة السعودية في العاصمة البريطانية لندن حدث يستحق الاهتمام خصوصاً في شهر أغسطس ومناسبته مع الإجازة السنوية، ولعل من الضروري أن يتم دعم ذلك التوجه من قبل الاتحاد وكلا الفريقين نحو الجماهير والتي غالبيتها من الشباب الذين يصعب عليهم تغطية تكاليف الرحلة بحيث يتم اتقطاع جزء بسيط من تذاكر المباراة وتوزيعه على الجماهير سواء عن طريق السحب عليها كجوائز أو أن يتم ربطها في عضوية النادي كأن تدفع ثمن العضوية وتحصل على تذكرة دخول مجانية، أو أن يتم الاتفاق مع إحدى شركات الطيران على تقديم عدة تذاكر مجانية في مقابل رعاية ذلك الحدث كرعاية مباشرة أو فرعية للمباراة حتى يحصل العديد من الجماهير على فرصة حضور الحدث، ومن ثم يشعر المتابع بأنه محور اهتمام سواء لفريقه المفضل أو من قبل الجهة الإشرافية على كرة القدم وهي الاتحاد. التوجه نحو الجماهير ركيزة أساسية في كرة القدم ونجاح هذه التجربة التاريخية ستكتب في سجل اتحاد كرة القدم وكلا الفريقين، وهي أولى الخطوات التي ستحدد المسار والنهج الذي سيسر عليه الاتحاد والأندية الرياضية مستقبلا لمثل نقل هذه الأحداث والبطولات الرياضية خارجياً، وأن الذي حصل خلال هذا الاجتماع هو قرار وتحدٍ كبير لاتحاد كرة القدم وخطوة متقدمة يسعى من خلالها إلى تحقيق الأهداف التي من شأنها -إذا ما كُتب لها النجاح- سترفع من تصنيف الدور السعودي للمحترفين بين دوريات العالم إلى درجات متقدمة، وما سيصاحب ذلك من انتشار للعلامة التجارية للأندية والعديد من المزايا المادية والمعنوية.