قبل نهاية العام 2012 بأيام، فاز أحمد عيد بمنصب رئيس اتحاد كرة القدم، في وقت كان الهولندي فرانك ريكارد يشرف على المنتخب السعودي استعداداً للمنافسة على لقب «خليجي 21» في البحرين، وهو الاستحقاق الذي خرج منه «الأخضر» بخُفي حنين إثر فشله في تجاوز الدور التمهيدي، ليعلن عيد عن إقالة ريكارد، وحينها لم يُحمّل الشارع الرياضي عيد واتحاده الجديد مسؤولية الاخفاق على الرغم من أنهما كانا مسؤولين عن إدارة تسيير الأعمال قبل الانتخابات. لم يستقر «الأخضر» على مدرب منذ تلك الفترة، إذ ظل يُكلف المدربين واحداً تلو الآخر بدءًا بالإسباني لوبيز كارو الذي بقي لقرابة العامين، ثم الروماني كوزمين أولاريو، فالوطني فيصل البدين، في مشهد يدل على ضياع البوصلة، ليبقى الفريق الوطني تائهاً يبحث عن مدرب يعيده لمساره الصحيح وهو ما لا يمكن أن يحدث في أي نادٍ ينافس في الدرجات الدنيا فضلاً عن الأندية المحترفة، إذ لا يمكن لمشجعي أي فريق أن يتحملوا بقاء فريقهم بلا مدرب لأيام، فكيف ببقاء المنتخب الوطني بلا مدرب لأكثر من عامين؟؟ لا أحد يتحدث عن هذا العبث الذي عمّق جراح الكرة السعودية في المنافسات الإقليمية والدولية، في ظل استئثار اخفاقات اتحاد الكرة ولجانه في تسيير أمور الكرة السعودية بالأضواء كافة، إذ لا يبدو أن الاتحاد «المنتخب» في طريقه لتعديل أخطائه وتصويب مساره فيما يتعلق بالقضايا التي تخص الأندية فضلاً عن المنتخب، فأهم لجانه وأتحدث هنا عن لجنتي الحكام والانضباط اللتين ترزحان تحت سياط النقد، ولم تعد أي منهما تحظى بثقة الشارع، في حين يكتفي رئيس الاتحاد بمحاولات التهدئة والخروج بتصريحات الهدف منها فقط امتصاص الغضب. نحن أمام اتحاد لم يستطع حتى الآن تأمين الاستقرار لرأس هرم كرة القدم السعودية، وأعني المنتخب الأول الذي ظل يتلمس طريق العودة إلى واجهة الكرة الخليجية على الأقل منذ أكثر من عقد، فضلاً عن التواجد الآسيوي والتأهل إلى كأس العالم، فاتحاد الكرة الذي يعيش عامه الثالث مستمر في تكليف المدربين والتلكؤ في حسم هذا الملف الحساس، ولا أسوأ من ذلك إلا محاولة استنساخ تجربة لا تختلف كثيراً عن تجربتنا مع الهولندي ريكارد، إذ كان اتحاد الكرة على مقربة من التعاقد مع الأرجنتيني مارسيلو بيلسا مدرب مرسيليا الفرنسي، وحينئذ ترددت أنباء عن أن حضور طاقم بيلسا المعاون للإطلاع على الأوضاع في المملكة سيكلف نحو نصف مليون دولار، قبل أن يقرر المدرب الأرجنتيني البقاء مع فريقه الفرنسي، والأمر ذاته ينطبق على مواطنه سابيلا الذي سيكلف التعاقد معه لو تم عشرات الملايين. إنه من المُهين أن يعجز أول اتحاد منتخب ولأكثر من عامين عن التعاقد مع جهاز فني مُحترم يتسلح بطموحات كبيرة من أجل إعادة كرتنا لسابق عهدها، ومن المؤسف أن هذا الاتحاد لا يتعلم من مخرجات تجربة ريكارد المريرة بل ويحاول استنساخها من جديد، من خلال التعاقد مع مدربين يبحثون عن تنمية ثرواتهم على حساب الكرة السعودية وجماهيرها التي سئمت الاخفاقات والتعامل معها عبر المهدئات الوقتية كما يفعل اتحادنا الموقر.