تنوّع الموروث الشعبي في مناطق المملكة يبدع لوحة جميلة تعكس صورة طالما ازدانت بها المدن واستحضرتها في مناسباتها، ولعل العيد كأهم مناسبة تطرق أبواب الناس كل عام فرصة من أجل إظهار جزء من الموروث الذي تحتفظ به ذاكرة المعاصرين لأعياد الماضي الذين ما لبثوا يستغلون هذه المواسم ليحثوا الجيل الجديد ويشحذوا هممهم وعزيمتهم التي بدأت تتخذ مسلكاً يغلب عليه طابع الحديث والأكثر حداثة، وصياغة مفاهيم جديدة. المؤسسات الرسمية المسؤولة عن تنظيم فعاليات العيد تقوم بجهد لافت في سبيل الحفاظ على ذاكرة القرى والمدن في شتى المناطق، فعلى الرغم من تبدل ثقافة الجيل الجديد من جهة طريقته في التعبير بالاحتفال بالعيد، إلا أن المسؤولية كبيرة في الإبقاء والترويج لأفراح تلك القرية أو المدينة، التي تميّزها وتعتز بها، واليوم ومع قدرة وسائل التواصل الاجتماعي على الربط الشبكي المجتمعي، يمكن أن يكون المواطنون أنفسهم أداة فاعلة من أجل تسويق هذا الموروثات. ولقد رأينا كيف يبدع القائمون والمشرفون على بعض المناسبات في إشهارها مستغلين قوة وإغراء تكنولوجيا الاتصال. تشتهر مدن معينة حول العالم بكرنفالات ومهرجانات تقام بشكل سنوي وتشكل دعماً مالياً لا يُستهان به، تحمل تلك المناسبات السنوية موروثاً شعبياً ليس بالضرورة ترفيهياً خالصاً؛ بل حتى على مستوى التثقيف لتلك المنطقة، ولأجل ذلك فإن الموروث الذي تحييه بعض المناطق خلال العيد مثل "التحلوي" أو "قرقيعان" جزء أصيل من ثقافة الفرح التي تأبى على النسيان، والحفاظ عليها مهم، وإهمالها هو فقدان لذاكرة المنطقة وعاداتها. جزء من الحفاظ على الموروث يفترض أن يقوم به وجهاء تلك المناطق، فهو جزء من دورهم وواجبهم تجاه منطقتهم لا سيما رجال الأعمال منهم الذين يجدر بهم رعاية المناسبات التي من شأنها ترسيخ عادات وتقاليد اشتهرت بها تلك المناطق وارتبطت بمواسم الأعياد أو حتى ارتبطت بمواسم حصاد أو صيد، فالموروث روح وهوية. إن الموروث الشعبي جزء من التراث الوطني الذي يجدر بنا أن نعتني به ونحرص على توثيقه والاهتمام به وعدم تعريضه للانقراض، فالكثير من العادات والتقاليد المرتبطة بالمناسبات أو المواسم اندثرت إما بفعل التطور السريع الذي مرت به المملكة أو بسبب غياب الدعم والتوجيه.