بريق التراث تعلق بأفئدة ابناء الواحة .. البيت الحساوي القديم الذي يأسر العين ويدهش المخيلة في رموز ومفردات متجددة, حيث السباط والدهليز والحوي والمجلس والكندية والوجار .. هل نسينا هذه الكلمات مع زحمة النمو العمراني الحديث بالاحساء اليوم .. افتقدنا مشهد البراحة وصرخات الأطفال الصغار وهم يمرحون ويلعبون بالتيل والسكينة والحجل.. ربما تلاشت أصوات الحدادين والصغارين من الأسواق القديمة تراها اندثرت من الفكر كل الاشياء القديمة الجميلة وغادرت للجديد والحديث المستورد , كما تحولت الذائقة التراثية الى مجرد ميراث للذاكرة نتذكره أم ننساه؟ ثنائية صيف الشرقية رسم لنا صيف الشرقية (2002) مدينة الهفوف الجميلة ومكانة القصر الأثري العريق (قصر ابراهيم) الذي جمع بمهارة معالم أيام زمان في معادلة ثنائية تضج بما هو قديم وعريق وأجيال جديدة تتطلع للتطور بنكهة تراثية خاصة وصورة الفنون القديمة التي شملت الموروث التقليدي والموقع الحضاري المتأصلة جذوره في لبنات القصر العتيق , حيث الحرف اليدوية والألعاب الشعبية والعادات والتقاليد القديمة المتأصلة كأحد ثوابت تراثنا العريق وكنز الماضي. يشتعل الحماس في قلوب الأطفال مع الزائرين للتطلع الى الموروث والتعرف على الفن والجمال والابداع , فهو بلا شك عدة وريقات من تاريخ لم ينته.. فكيف يمكن استثماره سياحيا؟ ان الصورة التي ظهرت بها المهرجانات هذا العام من خلال تركيز الفعاليات اليومية على المواقع الاثرية والتراث العمراني مع انواع الحرف والصناعات التقليدية والاماسي الأسرية الثقافية والترفيهية .. كلها استقبلتنا منذ اللحظة الأولى وبدأنا معها تجربة ممتعة وشيقة لأشهر معالم البلدة القديمة في تلك المدن وبتزاحم نأمل ان يقنن حسب شهور السنة في الأعوام والسنوات المقبلة حتى يتمكن أبناء المحافظات والمدن زيارة معالم ومواقع الوطن الغالي ومتابعة فعالياته ومهرجاناته ولابد من التنظيم الفعلي لفعاليات المهرجانات السياحية والتي تساعد على تقديم مجموعة صور متزامنة في أوقات متفاوتة بين صيف وشتاء. روعة الحرفيات ان تحول الاهتمام بالفنون الحرفية لما ينتج من منتوجات فنية في عالم الجماليات يدخل الاسواق والمجمعات والمواسم والمناسبات والأمكنة بلا استئذان , نتيجة لروعة التصميم التي يقبل عليها الناس دائما حيث يبدع الحرفي بالتنويع في الاشكال والألوان التي تعطي المكان جمالا وتألقا ذا طابع أثري قديم ولعل نجاح تجمع المهارات اليدوية في المواسم السياحي دلالة على أهميتها التي يمكن ان تواكب وتتماشى مع ايقاع العصر. ان أشكال المنتوجات الحرفية تترجم برسومها التراث والألوان التي تميز القطعة فتجعلها فريدة التكوين سواء بسواء رجلا أم امرأة الا الإمكانات الفنية والمخيلة المتجددة جعلت بعض القرى تعرف بتخصصها التقني في تلك الصناعات التي باتت تقليدا تتخصص به قرية دون سواها. مهن مهددة بالانقراض الصناعات اليدوية تحتاج لاتقان في العمل ومهارة في التزيين برسومات لها نمط خاص , ولكنها للأسف الشديد مهددة بالانقراض , نتيجة تقدم أصحابها بالسن , وعدم حرص ابنائهم على تعلم الحرفة والصناعة التي ساهم المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالحفاظ عليها , مع عرضها في المواسم السياحية التي يمكن ان تنقل مناخ هذه الصناعة للزائر بطريقة تلقائية بسيطة وعشوائية ينقصها المرشد السياحي للتعريف بالصناعة وأدواتها واشهر العوائل التي امتازت بهذه الصناعة , مع ايضاح طريقة الصنع والفرق بينها وبين الصناعات الأخرى وكذلك التشجيع بتدريب بعض الشباب على الحرفة واعداد اشكال جديدة متطورة تواكب مطالب العصر الحديث منها مع الوقوف عند مدى اقبال المشترين على هذه المنتوجات. تعتبر الحرف وسيلة للتعبير متى ما نجح الحرفي في اشباع الذائقة الجمالية من ناحية الشكل والجودة, وهذا بلا شك يعود الى مركز التدريب الذي يمكنه ان يؤهل الحرفي على انتاج متقن ذا متانة عالية يقبل عليها المشترون, لا ان يترنح بين أهداب المستقبل .. فالحرفة جزء لا يتجزأ من التراث وتعبير يجسد خصوصية الأمكنة في صنع أشياء يتناقلها الناس عبر الأزمنة ودرس للاجيال القادمة كي لا نضيعها او نفقدها مستندة على مقومات نجاح عالية فتثمر قطعا متميزة ومبدعة. مركز تدريب ان انشاء اول مركز تدريب للصناعات الحرفية بواحة الاحساء , وعلى مستوى المملكة من أجل الحفاظ على الموروثات التقليدية والشعبية وهوية التراث والضمان استمرار الحرف, فمركز التدريب للمهندس عبدالله عبدالمحسن الشايب يهتم باعداد الكوادر الشابة والتي تتلقى التوجيه المباشر من الحرفي مع استغلال المواد الأولية المتوافرة في البيئة, وتصنيعها بمنتوجات ومصنوعات تستخدم بالمنازل والبيوت وللتزيين الداخل بالمباني العمومية كالأجهزة الحكومية والأسواق المركزية والفنادق.. وضرورة مركز التدريب الحرفي بالاحساء من اجل الحفاظ على جميع الحرف التي اشتهرت بها وتصل الى أكثر من35 حرفة تضعها في دائرة الانتاج والاستثمار على المستوى الاقتصادي , وتحديث المنتوجات لتتلاءم وتناسب متطلبات الأسواق فيستفيد العامل والزائر الذي يمكن ان يحمل معه تذكارا من الواحة.