بمثل ماكان الشعور بالصدمة لأعمال الشغب التي اجتاحت الضواحي البائسة والفقيرة للعاصمة الفرنسية باريس خلال الأسبوعين الماضيين كذلك كان الرد المضطرب للرئيس الفرنسي جاك شيراك وحكومته. ويبدو أن شيراك وأعضاء حكومته ليس لديهم فكرة عما يتعين عليهم القيام به أو إلى من يجب التحدث إليه بل إن تخبطهم يظهر المشاكل العميقة التي تكتنف الاضطرابات الحالية والطريقة الفاشلة لاستيعاب المهاجرين في المجتمع فضلاً عن إظهارها بان النخب السياسية والوزراء الراغبين اكثر في الانتخابات الرئاسية والتي لا يزال أمامها عامان غير قادرين على أن تكون لديهم إجابات للمشاكل الراهنة المشتعلة والحارقة بالمعنى الحرفي للكلمة. ولا يمكن غض النظر عن أعمال الشغب والتي يبدو أنها اتسعت في حجمها وعنفها على حد سواء منذ اندلاعها في السابع والعشرين من أكتوبر ففي عشرات المدن والبلدات والضواحي عمد الشباب الفرنسي من اصول عربية وافريقية إلى حرق السيارات والمحلات التجارية والمباني العامة واشتبك مع رجال الشرطة وقوات إطفاء الحرائق وتعرض عابرو السبيل للضرب وفقد أحدهم حياته الآن وانه من المرجح أن تزيد موجة العنف الجنائي هذه من مظالم مسلمي فرنسا البالغ عددهم خمسة ملايين مسلم بل وانها قد وصفت بالفعل بالدهماوية واعمال الرعاع من قبل وزير الداخلية نيكولاس ساركوزي وهو مرشح رئيسي في انتخابات الرئاسة مما يعتبر مصدر خزي وعار على نحو خاص لأن الرجل ضمن سياسيين فرنسيين قلائل يرغبون في الاعتراف بأن النموذج المثالي للتوحد والانصهار للجمهورية والذي مضت عليه قرون والذي يتجاهل وجود مجموعات وجاليات عرقية ودينية أضحى غير عامل منذ سنوات. والآن فان ساركوزي وهو أحد الزعماء الحكوميين والذي تجرأ بالدعوة إلى انتهاج طرق حاسمة وعلى النمط الأمريكي قد اختار بان يشعل موقفا خطرا وان يضحي بمصداقيته التي كسبها بجهد كبير وسط المهاجرين. وجاء الصوت الحكومي الرئيسي الآخر من متحفظ ومن رئيس الوزراء الأرستقراطي دومينيك دو فيلبان المنافس الرئيسي لساركوزي في ترشيح الرئاسة ليمين الوسط الحاكم وبالرغم من أن السيد فيلبان يبدو بأنه غير راغب في الانعتاق من نموذج التوحد والتكامل والانصهار الفاشلة فانه يتعين عليه على الأقل أن يعترف بأهمية إجراء اتصالات مع زعماء يحظون بالثقة في ضواحي واحياء المهاجرين كما انه تحدث عن مواجهة الظروف والأوضاع الصعبة التي يعيشها المهاجرون في مناطق سكنهم بما فيها من ارتفاع معدلات البطالة بينهم على نحو فاضح وتزايد حدة التوتر بينهم وبين الشرطة ومن سوء الحظ فانه غير قادر على تقديم أي شيء محدد في هذا الوقت بينما تشتد فيه الحرائق والنيران اشتعالاً. ٭ (نيويورك تايمز خاص بالرياض)