إيلان بابيه، ربما يكون المؤرخ اليهودي الأشهر لتاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي. قبل شهرين، نشر كتابًا شارك في تأليفه مع الكاتب والمفكر اليهودي الأميركي ناؤوم تشومسكي وحمل عنوان "عن فلسطين On Palestine" والكتاب عبارة عن دراسة عن المحادثات العبثية بين الحكومة الإسرائيلية والجانب الفلسطيني. وقد لخّص هدف إسرائيل منها بالقول إنها تريد تفريغ البلاد من أهلها لتكون خالصة لليهود. والمؤلف معروف بمعارضته للسياسات الإسرائيلية، وهو أستاذ في جامعة إكستر البريطانية، ومن مواليد حيفا في عام 1954، وقد نشر كتبًا عديدة عن القضية الفلسطينية والمسألة اليهودية، منها "التطهير العرقي في فلسطين"، وأزمة غزة. ولأنه مقتنع بأن حكومات إسرائيل، سواء الحالية أو القادمة، يسارية كانت أم يمينية، ستعمل على تحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم لدفعهم إلى مغادرة وطنهم بأي ثمن، فقد دعا العالم إلى جعل أمن ما تبقى من الفلسطينيين وحماية سلامتهم، أولوية قصوى. ويرى هذا المؤرخ أن سياسة التطهير العرقي سوف تنصب على من يُعرفون ب "عرب 48"، الذين يتعرضون للتضييق ومصادرة الأراضي وهدم البيوت. وبينما كانت المفاوضات القديمة تدور بين حركتين "وطنيتين" تدّعيان ملكية الأرض، أصبحت الآن بين مجتمع مستوطنين وسكان البلاد الأصليين الذين تريد إسرائيل تقزيم مطالبهم وطموحاتهم الوطنية فيما تبقّى من الضفة الغربية وفي قطاع غزة. والمنظور الجديد للمفاوضات أكثر شمولية ويتعامل مع فلسطين كلها والفلسطينيين جميعهم ضمن سلّة واحدة ولم يعد يتعامل مع خيار الدولتين وهو ما أعلنه بنيامين نتنياهو في حملته الانتخابية الأخيرة ما أثار انتقاد الرئيس الأميركي باراك أوباما. وما يراه هذا المؤلف أن إسرائيل لا يمكن أن تعترف بأي حق للفلسطينيين إلا من خلال الضغط الشديد، كما حدث مع نظام الأبارثايد في جنوب أفريقيا، وقال إن سلاح المقاطعة أثبت فاعليته ويجب استخدامه ضد إسرائيل. ويعتقد الكاتب أن ما تبقّى من العقد الحالي حتى عام 2020 ستكون سنوات حاسمة وستشهد المزيد من التوسع في المناطق التي يقال إنها خاضعة لما يسمى بالسلطة الوطنية الفلسطينية وتشديد السيطرة العسكرية عليها وإصدار المزيد من القوانين العنصرية وشن اعتداءات عنيفة جديدة على قطاع غزة، وتقطيع أوصال الضفة الغربية بالمزيد من الجدران والحواجز والبؤر الاستيطانية وعزل هذه المناطق عن المركز الروحي في القدس. كل ذلك ضمن مخطط المشروع الاستيطاني الصهيوني لاحتلال فلسطين التاريخية إلى الأبد. وهذا ما يستدعي أن يعمل المجتمع الدولي منذ الآن على حماية الشعب الفلسطيني، وهو ما عبّر عنه القرار الذي قدّمته المملكة وباكستان في بداية الشهر الجاري لمجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان في جنيف. ويقول إيلان بابيه إن العالم مشغول في مقاتلة تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية وينسى معاناة الفلسطينيين الذين يعيشون في أكبر سجن عرفه التاريخ وجريمتهم الوحيدة هي أنهم فلسطينيون يرفضون الفناء كما تريدهم إسرائيل بحسب مقولة رئيسة الوزراء السابقة غولدا مائير "فلسطيني ميّت أفضل من فلسطيني حي"!!. والخطير في ما قاله هذا المؤرخ هو أن ما سيحدث للفلسطينيين يعتمد على ما يجري في سورية والعراق، في تلميح إلى طرد الفلسطينيين في أجواء هذه الفوضى السائدة وفتح الخطوط مع بعض الفصائل المقاتة في سورية لتنفيذ هذا المخطط.