عندما تعلن أرقام المليارات في العالم يتصدرها العرب والسعوديون منهم في رأس القائمة.. وعندما تعلن الأرقام المالية للأفراد والشركات أيضا فإننا نحن السعوديين بحمد الله نتصدر القوائم دوما.. أثرياء العالم يتنافسون مع أثريائنا على منصات الأرقام القياسية المالية العالمية.. كل هذا أمر يفرحنا وندعو الله في هذا الشهر الفضيل أن يزيد الجميع رفعة وعلواً وأن يكثر لهم الخير وأن يدلهم على سبيل استثمار هذا الخير في تجارة رابحة مع الله.. ومع ارتفاع أرقام المليارات في وطني ترتفع أيضا أرقام البطالة وتتبعها أعداد الفقراء والمساكين وهو أمر يثير في النفس كثيرا من التساؤلات عن هذه النسبة والتناسب غير المنطقي والدافع فعلا للدهشة والتعجب.. ففي بلد يعد من أغنى بلاد العالم وفي وطن تملأ مليارات تجاره بنوك العالم يحتار الفرد منا كيف تزداد نسبة الفقر ويزداد عدد الفقراء.. وفي ظني أنه لو قدم كل فرد منا زكاته بالنسبة المفروضة شرعا وبالطريقة المفروضة شرعا أيضا وللفئات المشمولة في الزكاة شرعا فإننا لن نجد بيننا فقيرا أو مسكينا واحدا ينتظر الزكاة أو الصدقة هذا فضلا عن أننا جميعا لو توسعنا في مد اليد "صدقة" للمحتاج وبذل كل واحد منا بسخاء وأدرك الواحد منا مؤمنا أن الزكاة فرض يخرج التساهل فيه المرء من دينه! وأن الصدقة مفتاح للتوفيق والسعادة ونماء للمال فإن الفقر ربما يمحى من كامل منطقتنا وليس وطننا فقط!!.. ترى لو فعلنا ذلك جميعا.. هل سيكون بيننا أولئك الثمانية المشمولين في الزكاة؟! أكاد أجزم أن ذلك لن يتم مطلقا.. ربما تعب الواحد منا في البحث عن فقير أو مسكين يقبل زكاته.. ربما لا نجد من يستقبل الزكاة غير فئة "العاملين عليها"! أمر محير حقا وعجيب في الوقت نفسه أننا في هذا الوطن لدينا أرقام هائلة من مليارديرات العالم وكبريات شركات العالم ربحا "نسبة وتناسب" ونعيش في وطن لا يوصف إلا بالثراء ولدينا جمعيات خيرية تقترب من الألف جمعية وعدد غير قليل من المؤسسات الخيرية أيضا وكلها تتجه للفقراء والمساكين والمحتاجين وكافة مشمولي الزكاة.. ومع هذا وذاك لا نزال نعاني من وجود شرائح ضخمة من المشمولين بالزكاة في حاجة ماسة لمد يد العون! وهنا يجب علينا التوقف.. ففي عملية حسابية يجريها طفل صغير سنكتشف أن هناك خللا ما يغشى هذه الجهود ويبعثر نتائجها على المدى الطويل الذي نتمناه! هناك أفكار وتوجهات وأحاديث كثيرة منها ما يرتبط بالتحول بالقطاع الخيري من الرعوية إلى التنموية.. إلى الاعتماد على النفس.. إلى الاستغناء عن الآخر.. ومنها ما يتعلق بتطوير آليات البذل والعطاء لكننا لم نلمس حتى الآن انخفاضا في أعداد الفقراء أو تحولا في مسببات الفقر لديهم.. فأين الخلل؟!