تنهي الايدي الماهرة عملها في احد مشاغل الفنون فتحول الواح الزجاج لوحات تصور مناظر طبيعية تنبض بالحياة وتسحر العيون بينما تتثنى الخطوط العربية وتتعانق فتجعل المرايا لوحات تنطق بالابداع وتزينها آيات من القرآن الكريم والحكم الماثورة. وهذه الابداعات الراقية هي ثمرة جهود مدير المشغل ومالكه الفنان الاردني محمد ابوحجير المتخصص بالرسم على الزجاج والحفر على المرايا وهي حرفة قديمة جديدة تكمن جدتها في اتجاه بعض الشبان المبدعين الى ممارستها ضمن سلسلة الصناعات والحرف اليدوية في الاردن. وقال ابو حجير لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان اللوحات المرسومة او المحفورة على المرايا والزجاج تلاقي اقبالا طيبا من المشترين ويزداد الطلب عليها في فصل الصيف موسم الاجازات والزواج والهدايا وفي شهر رمضان المبارك ومناسبات الاعياد. واضاف ابو حجير موضحا مسيرته نحو ممارسة هذا الفن الرفيع انه من مواليد دولة الكويت وقد انهى دراسته هناك ثم عاد الى الاردن ليتخصص في هذا المجال وليؤسس مشغله قبل عشرة اعوام. واكد ان هذه الروائع الفنية تبقى تحفة خالدة تعكس روعة الفن والجمال وتجسد ابداعات مهنية تصوغها ايدي العاملين في المشغل بقيادته وتحت اشرافه ان كل لوحة أرسمها او آية كريمة أحفرها على صفحات الزجاج اوالمرايا تعبر عن هوية تراثية تبعث الفخر والاعتزاز وتشكل جزءا من نفسي وعقلي لانها نابعة من عشقي لهذا الفن الرفيع والسهل الممتع والممتنع في آن معا. وعن سر المتعة والامتناع شرح قائلا ان المتعة لها مصدران أولهما انجاز العمل الفني والثاني بيع المنتج وعلامات السرور التي ترتسم على محيا المشترين لامتلاكهم تحفة فنية تبقى على الايام بثمن معقول لان اسعارنا مدروسة. اما سر الامتناع فيكمن في ان هذا العمل سهل بطبيعته غير ان الصعوبة الحقيقية تكمن في اختيار العمل الفني وافضل الطرق لتنفيذه من تكبيرالاصل او تصغيره ليلائم رغبات المشترين واستعدادهم لدفع ثمن ما يطلبونه او ما يروقهم من اعمالنا الفنية المتنوعة المعروضة للبيع سواء في المشغل او المعارض ومناسبات التسويق التي نشارك فيها والتي كان آخرها كرنفال الصيف (القرية العالمية) قبل بضعة اشهر. وتابع قائلا ان الوجه الآخر للصعوبة يتمثل في ضرورة امتلاك الفنان العامل في هذا المجال لمزايا شخصية ابرزها الذوق الفني الرفيع وسعة الخيال وحسن الاختيار وتحسس رغبات الناس على تباين فئاتهم الاجتماعية ومشاربهم وثقافتهم اضافة الى ميزة الصبر والتصميم على الانجاز والحرص على دقة الموعد في تنفيذ الاعمال الفنية المطلوبة. وحول مجالات استخدام منتجاته قال ابو حجير ان بعضها يباع بصفته لوحات فنية تزين المنازل والمكاتب وتضفي على اجوائها مسحة من الجمال الهادئ والدعوة الى التأمل وتذوق الجمال غير ان استعمالها الاساسي في تزيين مداخل المنازل الفخمة والمؤسسات. كما تستعمل الالواح المحفورة او المرسومة في صنع القسامات الداخلية المصنوعة من الزجاج والمرايا كنوع من الديكور الراقي اضافة الى تزيين الابواب الداخلية ومرايا الحمامات والمغاسل وجدران البيوت الحديثة والقديمة الغنية والفقيرة سواء بسواء. وعن اسعار منتجاته قال انها مدروسة بعناية وتتراوح بين خمسة دنانير اردنية و50 ديناراً وبعض الاعمال الفنية يتجاوز ثمنها هذا الحد ويعتمد السعر على حجم العمل الفني ومدى تعقيده وتركيبه الفني والدقة المطلوبة في تنفيذه والوقت اللازم لانجازه فكلما كان التصميم الفني معقدا وغنيا بالزخارف والألوان كلما غلا ثمنه. والحديث عن الاسعار قد يوهم البعض ان العاملين في الحرف الفنية والمهن التقليدية يجنون ارباحا طائلة لكن الواقع مختلف تماما اذ ان لكل مهنة متاعبها وصعوباتها كما اوضح ابو حجير ان ابرز الصعوبات هي تحكم تجار منتجات الصناعات الحرفية والتراثية بالاسعار. وقال ان هؤلاء التجار يشترون اعمالنا الفنية بأثمان رخيصة ويبيعونها باسعار مرتفعة فتكون الارباح الكبيرة لهم وارباحنا ضئيلة مايضعف الموارد المالية للحرفيين ويحول دون تطوير اعمالهم او توسيعها واستخدام التقنيات الحديثة لزيادة الانتاج وتحديثه ليناسب الاذواق كلها وزيادة حجم المبيعات. وتابع ان الصعوبات الاخرى تتمثل في منافسة الاعمال الفنية المقلدة التي تباع باسعار زهيدة اضافة الى متاعب التسويق والترويج لاعمالنا الفنية محليا وخارجيا في الدول العربية الشقيقة خاصة دول مجلس التعاون الخليجي التي نأمل منها تسهيل اجراءات الدخول اليها لتتيح للحرفيين الاردنيين التواجد في اسواقها واقامة معارض مشتركة لهم والبيع المباشر للجمهور وتعريفه بنوعية منتجاتنا بكل انواعها. وعما اذا كانت هنالك جهة مسؤولة تتبنى الحرفيين العاملين في الصناعات التقليدية قال ابو حجير انها موجودة بالفعل وهي (الرابطة الاردنية للحرف اليدوية) التي تجمع شمل الحرفيين والفنانين في مجال الحرف والصناعات اليدوية والتقليدية وتسهل اشتراكهم في المعارض الداخلية والخارجية. واضاف قائلا انه بعد انشاء الرابطة اصبح الوضع افضل قليلا مما كان عليه لانها انهت تحكم التجار من خلال تعريف الفنانين والحرفيين ببعضهم البعض وتعزيز تعاونهم وجمع شملهم ما اكسبهم قوة في التفاوض وتحديد الاسعار العادلة لمنتجاتهم لكننا لا نزال في مرحلة البداية. وقال انه وامثاله من العاملين في الحرف اليدوية يأملون من الرابطة توفير معرض دائم لمنتجات الحرفيين الاردنيين من جميع التخصصات وتقديم تسهيلات مالية لهم ليتمكنوا من تطوير مهاراتهم ومنتجاتهم وفتح آفاق جديدة امامها لزيادة دخلهم ما يدفعهم الى الابداع ولو تم ذلك لأصبحت اوضاعنا ممتازة.