قبل أكثر من أربع سنوات وتحديدا يوم الأربعاء 14 من ذي القعدة 1432ه الموافق 12 اكتوبر 2011م في العدد 15815 من هذه الصحيفة المتألقة وفي هذه الزاوية كتبت مقالا حول السنة التحضيرية وهي "التقليد" الأكاديمي الجديد الذي انتهجته في ذلك الوقت جامعات الوطن الحكومية منها والخاصة أيضا من خلال تعديل خططها الأكاديمية لتشمل في جميعها ما يسمى بالسنة التحضيرية وذلك بهدف إكساب الطلاب المستجدين ذكورا وإناثا عددا من المهارات التي ترى جامعات المملكة كافة أنهم يحتاجون إليها وفي ذلك "أحيانا" غمز ولمز يرتبط بمستوى تأهيل خريج التعليم العام وأنه في كثير من الأحيان لم يصل إلى المستوى الذي يمكنه من المضي قدما بالدراسة الجامعية بنجاح وتميز! هذا الشعور أدى إلى عدم الاعتراف الكامل بالشهادة الثانوية العامة بطريقة أو بأخرى الأمر الذي جعل الجامعات تفرض على المتقدمين للدراسة فيها الحصول على درجات مرتفعة في اختبارات جديدة تتعلق بالقياس والتحصيل! وبغض النظر عن أهمية أو جدوى أو مناسبة تلك الاختبارات أو السنة التحضيرية في الجامعات وفي كافة الأقسام أو معظمها ودون الولوج في قضايا تتعلق بالمهارات التي يتم تدريسها حاليا ومدى حاجة الطالب المستجد لها أو مناسبتها أو أهميتها لتخصصه الجامعي المستقبلي إلا أن طرح هذا الموضوع من زاوية اقتصادية فقط تتعلق بتكلفة الطالب الجامعي على الدولة من خلال تشغيل برنامج السنة التحضيرية من قبل القطاع الخاص خاصة إذا وضعنا في الاعتبار عدد الطلاب الجامعيين الحاليين والمستقبليين من الذكور والإناث وكذلك مدى جودة أداء القطاع الخاص في مجال تشغيل برامج السنة التحضيرية.. وهنا يجب في نظري أن نتوقف قليلا وأن نناقش القضية من جوانب متعددة دون "الاستسلام الكامل" لرغبات الجامعات ومؤسسات التعليم العالي سواء كانت حكومية أو خاصة أيضا!. وعند البدء بمناقشة موضوع السنة التحضيرية في جامعات المملكة من الناحية الاقتصادية يقفز إلى الذهن تساؤل يتعلق بالتكلفة المالية المتفاوتة "جدا" حيث تصل في بعض الجامعات إلى عشرين ألف ريال للطالب الواحد وقد تزيد بينما لا تتجاوز في جامعات أخرى بالمملكة الثمانية آلاف ريال!. وهنا يجب التوقف للتعرف على أسباب التفاوت الكبيرة تلك وما هي مسبباتها؟! وما مدى منطقية تلك المسببات؟! ثم إن النظر إلى تكلفة الطالب الجامعي على ميزانية الدولة تجعلنا أيضا نطلب الحوار والنقاش حول أهمية وجدوى تنفيذ السنة التحضيرية من خلال القطاع الخاص وعند الغوص في مسألة السنة التحضيرية التي أجزم أنها أقضت مضجع المخططين لميزانية الدولة يتبادر إلى الذهن تساؤل حول إمكانية استفادة الدولة اقتصاديا من تطبيق هذا المفهوم الجديد وذلك من خلال تأسيس شركة تعليمية شبة حكومية تساهم فيها المؤسسة العامة للتقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وكذلك صندوق الاستثمارات العامة وتطرح نسبة من أسهمها للاكتتاب العام تتخصص في تنفيذ برنامج السنة التحضيرية لكافة الجامعات السعودية وستكون مثل تلك الشركة التعليمية "في نظري" أكثر جودة من الشركات المنفذة للسنة التحضيرية في جامعات المملكة حاليا! كما أنها باعتبارها شركة شبه حكومية ستعمل على التركيز على النوعية والجودة في الأداء أكثر من تركيزها على الجانب الربحي فقط! وهو ما تمارسه كثير "إن لم أقل" جميع المنشآت الخاصة العاملة في المملكة سواء في المجال التعليمي أو في غيره.. فهل تتبنى وزارة التعليم باعتبارها الجهة المعنية مباشرة عن هذا الموضوع مثل هذا الطرح لتوجه من يقوم بدراسته؟ ومع ابتهاجي بإعلان معالي وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل أن الوزارة تعمل حاليا على دراسة موضوع السنة التحضيرية فإنني أتطلع إلى أن تتركز دراسة الوزارة حول التالي: أولا: لماذا تتفاوت تكلفة الطالب الجامعي بين جامعات المملكة فيما يتعلق بالسنة التحضيرية؟ ثانيا: ما هي المهارات الأساسية التي يحتاجها الطالب المستجد بالفعل؟ ثالثا: ما مدى نجاح الجهات المشغلة للسنة التحضيرية بجامعات المملكة؟ وكيف تتم عملية ترسية المناقصات عليها؟ أعني ماهي المعايير التي يتم اشتراطها والتركيز عليها في هذا الخصوص "وكنت قد اقترحت مجموعة من المعايير خلال عملي مستشارا عاما لإحدى الجامعات الحكومية في الوطن العزيز" رابعا: ما جدوى تأسيس شركة وطنية للقيام بهذه المهمة ومنحها حق امتياز التنفيذ الدائم؟ خامسا: لماذا لا تقوم الجامعات بتنفيذ برامج السنة التحضيرية الخاصة بها بمفردها؟ أتصور أن برنامج السنة التحضيرية بجامعات الوطن الحكومية يحتاج من وزارة التعليم لوقفة "حقيقية" حازمة تجعل منه برنامجا يخدم المعرفة وليس برنامجا "للكسب" المادي فقط! ودمتم.