يعتقد سكان المدن السعودية أن أمانات مدنهم وبلدياتها تسعى جاهدة وراء البحث عن مخالفاتهم البلدية ومن ثم تطبيق الجزاءات والغرامات رغبة منها في زيادة مداخيلها وإيراداتها، وينزعج هؤلاء السكان من حدة الأمانات والبلديات في المراقبة على ما يعتبرونه أملاكا شخصية لا تخص الأمانة أو البلدية مستغربين تدخلها السافر فيما يعتقدون بأنها حرية عمرانية مكتسبة . فهذا يريد أن يجعل من وحدته السكنية مجموعة من الوحدات، وآخر يريد أن ينشئ من الملاحق والمباني ما يشاء، وذاك مصر على أن يتجاوز ارتداداته، وغيره يجد من حقه أن يتعدى نسبة البناء المسموحة له. أضف إلى ذلك عشرات المخالفات التي يرى فيها المخالفون بأن مخالفاتهم لا تضر أحدا ولا يتأذى منها سوى مراقب البلدية. فلماذا الجزاءات ولماذا الغرامات ؟ إن هذا المفهوم القاصر للمخالف على حدود وحدته السكنية يقتل مدننا بصمت، ويتعدى بأنانيته على حقوق الآلاف من جيرانه. فهو بتلك المخالفة وبدون أن يشعر أخل بكثافة سكان منطقته الطبيعية، وزاد من الضغط على الخدمات، وازدحمت من خلاله الشوارع والطرقات. كيف لا ؟!. ومخططاتنا السكنية تقسم إلى مئات الأراضي فتتحول مئات الأراضي إلي الآلاف من الوحدات السكنية. فيصبح الحي الذي أنشئت خدماته واحتياجاته على أساس عدد معين من السكان غير قادر على خدمة سكانه ولا يلبي متطلباتهم. فعدد السكان قد تضاعف والوحدات السكنية تزداد تقسيما على تقسيم. وبعد كل هذا يردد هؤلاء المخالفون بأن مخالفتهم حرية شخصية. ومن خلال هذا الاعتقاد الجازم بحريته يقاتل من اجل الاستمرار في مخالفته، فتجده يخاطب هذا المسؤول البلدي وذاك المراقب، ويسلك كل الطرق حتى تنتهي مخالفته بلا مخالفة. ضاربا بعرض الحائط مصلحة المجتمع . لذا نجد بأن تطبيق الجزاءات على المخالفين بالغرامة أو الإزالة هو انتصار حقيقي للمدينة واحترام مستحق لسكانها، فليس من حق أي مخالف أن يتجاوز احترام الآخرين، ولن يسامح السكان أماناتهم وبلدياتهم في تجاوز احترامهم. فالمدينة ملك سكانها والنظام فوق الجميع. إن ما يحصل لمدننا اليوم هو انتهاك صريح لحقوقها وحقوق سكانها. فالمخالفات البلدية أصبحت سمة أساسية لمدننا اليوم، والطبيعي في أحيائنا هو المخالف. مما يستوجب علينا أن نطرح التساؤلات حول أنظمتنا العمرانية، ومدى تناسبها للسكان واستخداماتهم . ولماذا لا نجد لها احتراما بين مستخدمي المدينة. وهل هي بحاجة إلى التجديد أو التطوير. ثم نتساءل عن مستوى مراقبي البلديات ومدى كفاءتهم وقدرتهم على فهم معنى المخالفة واهدافها. كل هذه التساؤلات يجب على امانات المدن وبلدياتها أن تجد لها الأجوبة الشافية من خلال تواصلها مع سكانها وارتباطها بكل من يعيش في مدنهم. عسى أن يأتي يوم يرفض المجتمع فيه المخالفة البلدية، ويكون المخالف شاذا في أحيائنا، فتعود مدننا من خلال تنظيمها في عمرانها أكثر احتراما لنفسها ولسكانها. خاتمة تخطيطية: حينما تسن الأنظمة وتشرع التشريعات البلدية للمدينة، لا يكون هدفها تعجيز السكان او إضافة صعوبات عمرانية لهم. بل هي حماية لحقوقهم من تعدي الغير. وتطبيقها يعني المحافظة على المدينة لك وللأجيال القادمة من بعدك