كان سباق الاستخبارات السوفياتية مع الغرب وخاصة ال«سي.آي.ايه» حاداً وعنيفاً، لأن الحرب على هذه الجبهة الحساسة، تقوم عليها تقديرات الحروب بأشكالها المختلفة، مثل غزو أفغانستان، وفيتنام من قبل الدولتين، أو تغيير نظم تلحق بإحدى القوتين.. تلك المنافسات أفرزت عقولاً جبارة على مستويات عليا من الإدراك، والتنظيم وإدارة الأزمات الخطيرة، بما فيها رفع الاحتياطات الأمنية، إلى الحدود القصوى خشية الضربة الاستباقية، إلا ان زوال الاتحاد السوفياتي وتسيّد أمريكا على القرارات الدولية، وإعلانها الحروب والأزمات السياسية، جعل أجهزة الاستخبارات الأمريكية خارج السيطرة، وقد كانت محتاجة إلى غزو العراق وأحداث 11 سبتمبر حتى تنكشف الحقائق، وهنا بدأت الفضائح تتسرب حين فند سفيرحقق في قضية امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، هذه التهمة ليجيء الانتقام من أجهزة الاستخبارات بكشف اسم زوجته ودورها كعميلة في الجهاز، مما فجر فضيحة كبرى على مدير مكتب نائب الرئيس تشيني، وقد تلحق برقاب شخصيات كبيرة بالبيت الأبيض والاستخبارات وأجهزة أخرى بمن فيها نائب الرئيس.. القضية الأخرى ما سُمي بالمواقع السوداء أي تلك السجون التي كان يستخدمها الشيوعيون في أوروبا الشرقية في عمليات التعذيب والإبادة، والتي ظلت ميدان الحرب على السوفيات حين تحولت المنافي إلى سيبيريا ورعب السجون إلى واحدة من أخطر تجاوزات حقوق الشعوب والبشر، والتي ربما تحولت إلى جزء من أزمة زوال الاتحاد السوفياتي، غير أن وراثة أمريكا لتلك المجاهل السرية والمرعبة واستخدامها سجوناً لأعضاء القاعدة وغيرهم حتى لا يطال الاتهام أو معاقبة القانون أجهزة الاستخبارات الأمريكية، باعتبار المواقع السوداء خارج الأراضي الأمريكية، كشفت أن السوفيات كانوا مدرسين أبويين للأمريكان في وراثة تلك المواقع المكروهة.. ليس سراً أن تكون أجهزة الاستخبارات الأمريكية سلطة عليا داخل السلطة المركزية وأن تعمل على ارتهان وسائلها وأخبارها بشكل مغاير للقانون الأمريكي، وهنا الحدث الأخطر فيما لو صارت بيانات تلك الأجهزة مضلّلة لتفتح نار جهنم بحروب نووية، أو بيولوجية لمجرد وجود أشخاص لديهم سوداوية كره الشعوب وحضارة البشر..