كوثر حكايتها مع الوطن ليست حكاية امرأة كافحت في ميادين العمل لتحقق إنجازاً مهنياً أو فكرياً يضاف لانجاز المرأة السعودية، حكايتها حكاية تاريخ وطن وسيرة انتماء تعجز المرتبكين والمشككين بانتماءاتهم لهذا الوطن، حكاية تعري المطالبين بإحياء تاريخ امة عن طريق مسح تاريخ الوطن، لم تكن تضحيتها في سبيل الوطن صدفة أو مخاتلة فرص كما يعمل الطامحون للمناصب العليا، ولكن تضحية حب وطن واخلاص في الانتماء، بنت وطن أصيلة دفعت ثمن اصالتها "دم ابنها وحرقة جوفها". أم من هذا الوطن، تربت وعملت ان تكون امّا لكل الوطن، فرسالتها في عزاء ابنها الذي اغتالته يد الغدر، رسالة للتاريخ والولاء والتسامح ونبذ الكراهية. تقول هذه الأصيلة في رسالتها التي عزت بها كل الوطن مخاطبة أم الانتحاري: "كما أعزي أم قاتل ابني وأعظم لها الأجر.. أنا على معرفة تامة أن قلبك الآن كقلبي حزين وباك، كما أعزي بهذا الفقيد الكبير كل أهلي وإخوتي وأبناء عمومتي وأبناء وطني الغالي، مصابي مصابكم، وكلنا في خندق واحد". كلمات لا تخرج الا من قلب عرف الانتماء وذاق حلاوة التضحية في سبيله، حتى لو كانت هذه التضحية فقد ابن. المواطنة كوثر علمتنا ان الكراهية لعنة تصيب قلوب الحاقدين على اوطانهم، لعنة تنفجر وحشية وغضبا بوجه كل من أحب وطنه، فكانت هي المحبة وأمّا لمحب، لا تغضب لمذهب ولا من مذهب، تغضب فقط من أجل وطن وأبناء وطن، كتبت وأزعجت العنصريين، قطعتها الالسن الحاقدة وصمدت بقناعة وطن، لا يتزحزح عن تاريخ، وقدسية صنعت مجده وهيبته وريادته، الفخر بموقف كوثر وطنية، ، موقف يبني مجد وطن ويخلق مشهدا جديدا من مشاهد الاخلاص في سبيله، فالتمذهب الحقيقي للوطن وليس لانتماء متطرفين وحاقدين على وجودهم واوطانهم، فحب الوطن بوابة الاخلاص للدين، هكذا تعلمنا من موقف الرائعة كوثر. كوثر بموقفها كرمتنا جميعا ابناء هذا الوطن الذين لا فرق لديهم بين مذهب ومذهب، ولكن نحتاج ان نقول لها شكرا أختنا المواطنة، لقد تعلمنا منك ان حب الوطن مقدم على ما سواه، لا يتقدمه انتماء ولا يتأخر عن انتماء، نحب موقفك لأن به درس وفاء للوطن، أخلصت فكرا وقناعة وانتماء لوطنك، وعرفنا اخلاصك لكل العالم وليس في بلدك فقط، فأصبح هذا الموقف حجة وطن نضرب بها كل الخائنين والمتربصين شرا بهذا البلد. لمراسلة الكاتب: [email protected]