ضبط شخصين في حائل لترويجهما مواد مخدرة    الرياض تحتضن منتدى الاستثمار الرياضي 2025 الاثنين المقبل    الشباب مستاء من «الظلم التحكيمي الصارخ» أمام الاتحاد في كأس الملك    هيئة العقار تدرس وضع حد لرفع الإيجارات    جناح مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في بولونيا يحظى بإشادة الزوار الإيطاليين والمبتعثين    المملكة تدين بأشد العبارات اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي للمسجد الأقصى    احتفالات العيد بالطائف تكسر حاجز نصف مليون زائر وسط جهود تنظيمية فاعلة    ميلوني: يجب على الأوروبيين "الدفاع عن أنفسهم" حال اندلاع حرب تجارية مع أمريكا    صقر فقد في الأسياح وعثر عليه في العراق    مرات تحتفل بعيد الفطر بالعرضة السعودية والأوبريت والألعاب النارية    معايدة خضيراء بريدة.. أجواء من الفرح والاكلات الشعبية والألعاب التراثية    الصحة العالمية: كل فرد مصاب بالتوحد هو حالة فريدة بذاته    السفير الرقابي يقيم حفل استقبال ويشارك رئيس الجمهورية بصلاة عيد الفطر المبارك    أمطار رعدية وزخات من البرد ورياح نشطة على عدة مناطق بالمملكة    فاطمة الفهرية التي أسست أقدم جامعة في العالم؟    وزارة الصحة الأمريكية تبدأ عمليات تسريح موظفيها وسط مخاوف بشأن الصحة العامة    خالد عبدالرحمن يشعل أولى حفلات العيد بالقصيم    مجمع الملك سلمان للغة العربية يُطلق برنامج "شهر اللغة العربية" في إسبانيا    عقد قران المهندس أحمد حسن نجمي على ابنة محمد حمدي    المملكة ترحب بتوقيع طاجيكستان وقرغيزستان وأوزباكستان معاهدة الحدود المشتركة    الخواجية يحتفلون بزواج المهندس طه خواجي    نواف بن فيصل يُعزّي أسرة الدهمش في وفاة الحكم الدولي إبراهيم الدهمش    المملكة: حماية الأطفال في الفضاء السيبراني استثمار استراتيجي    محافظ البكيرية يرعى احتفالات الأهالي بعيد الفطر    القادسية والرائد للبحث عن بطاقة التأهل الثانية    ساكا يهز الشباك فور عودته من إصابة طويلة ويقود أرسنال للفوز على فولهام    رجال أعمال صبيا يسطرون قصص نجاح ملهمة في خدمة المجتمع وتنمية الاقتصاد المحلي    مدرب الشباب ينتقد التحكيم عقب الخسارة أمام الاتحاد    القيادة تعزي حاكم أم القيوين    العيد يعزز الصحة النفسية    الاتحاد يقلب الطاولة على الشباب ويتأهل لنهائي أغلى الكؤوس    8 دول في أوبك+ تجتمع الخميس وتوقعات ببدء خطة رفع الإنتاج    أخضر الصالات يعسكر في فيتنام استعداداً لتصفيات كأس آسيا    تجربة سعودية لدراسة صحة العيون في الفضاء    محافظ الطوال يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك في جامع الوزارة ويستقبل المهنئين    باحثون روس يطورون طريقة لتشخيص التليف الكيسي من هواء الزفير    جوارديولا يُعلن مدة غياب هالاند    وادي الدواسر تحتفي بالعيد السعيد وسط حضور جماهيري غفير    أمير منطقة تبوك يلتقي اهالي محافظه تيماء    إصابة الكتف تنهي موسم «إبراهيم سيهيتش»    جمعية " كبار " الخيرية تعايد مرضى أنفاس الراحة    أكسيوس: ترمب سيزور السعودية مايو المقبل    أكثر من 122 مليون قاصدٍ للحرمين الشريفين في شهر رمضان    أقصى الضغوط... ما قبل «التطبيع الشامل»    "أمانة الطائف" تنهي استعداداتها لعيد الفطر المبارك    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بعيد الفطر    جمع مهيب في صلاة عيد الفطر في مسجد قباء بالمدينة المنورة    إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة بيشة تُنهي استعداداتها .    مختص ل «الرياض»: 7% يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي خلال الأعياد    محافظ الجبيل يستقبل المهنئين بالعيد ويزور المرضى المنومين    ترامب: لا أمزح بشأن سعيي لفترة رئاسية ثالثة    إنجاز إيماني فريد    نتج عنه وفاتها.. الأمن العام يباشر حادثة اعتداء مقيم على زوجته في مكة    بين الجبال الشامخة.. أبطال الحد الجنوبي يعايدون المملكة    عيد الدرب.. مبادرات للفرح وورود وزيارات للمرضىع    توقعات بهطول أمطار غزيرة على 7 مناطق    العيد انطلاقة لا ختام    الرئيس عون: لبنان دخل مرحلة جديدة بعد عقود من العنف والحروب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استدعاء الطائفية في مواجهة واقع متفجر..!
نشر في الرياض يوم 18 - 05 - 2015

بين عاصفة الحزم وإعادة الأمل.. تتحرك قضايا كبرى في المنطقة، وتستبد بالمشهد حلقات الصراع بين القوى الفاعلة والمؤثرة في مسرح الاحداث. إلا ان هناك حلقة مهمة في مسار تلك التطورات جديرة بأن تكون همنا الاول واهتمامنا الاكبر.. بل إنها القضية الوطنية الاولى التي تتراخى دونها القضايا الاخرى.
إن تلك القضية او المسألة او الضرورة.. لا تعني سوى منعة الذات وقوة الامكانية والاستعداد لصد العدوان.. وصلابة البناء الداخلي لمواجهة الازمات.
إن الانهماك في الخلافات الجارية بين اطراف الجماعة الوطنية أيا كانت توجهاتهم او قناعاتهم لتَتضاءل امام ذلك الاستحقاق الاكبر..
ما يجب ان نصارح انفسنا به، أننا يمكن ان نكون افضل واقدر وأمكن بمقوماتنا البشرية والمادية لنصنع قوة ضاربة تمزج بين الخبرة العالية في التدريب والاستعداد للمواجهة، وبين توفير السلاح النوعي بل وصناعته وتطوير ترسانة من الخبرات والامكانات دون الارتهان لمصدر وحيد.. وتوجيه الامكانات المالية لبناء قوة عسكرية مدعومة ببرامج تطوير لا تعرف التوقف او الاسترخاء
إن وطناً لا يقوى على حماية نفسه.. بكل ما تحمل هذه العبارة من حمولة وأبعاد.. لمن الصعب ان نتصور قدرته على حماية أية مكتسبات اخرى.. بل ان كل القضايا الاخرى التي تثير الجدل والصخب اليومي يجب ان تتوارى امام قضية الوجود الذي اساسه صلابة المواجهة اذا استدعى الأمر، واستدعاء الارادة، وامتلاك الوسيلة، وبناء الذات بناء يرتسم خطى الامم الناهضة التي تحمل بيد معول البناء وبأخرى سلاحها لتدافع عن وجودها وكيانها ومصالحها.
ولعل طرح تلك المسألة على شكل نقاط يعزز التركيز على الابعاد التي يجب ان تكون مدار الاهتمام والعمل الجاد.
أولى تلك النقاط: أن مصالح القوى الكبرى في المنطقة، هي الفاعل الاكبر في مواقفها وحضورها ورسم سياساتها.. فتلك العلاقات لا تعرف صديقا دائما ولا عدوا دائما.. فها هي تعيد رسم خريطة ربما قادت الى تحالفات من نوع جديد..
لا ترى الولايات المتحدة الامريكية عدوا لها في المنطقة سوى الجماعات الاسلامية المتطرفة، التي ادخلت المنطقة في كابوس ربما يطول. وجعلت حسابات الادارة الامريكية رهن تلك المعركة الطويلة مع القاعدة او داعش او سواهما.. ممن يحمل ذات الافكار وينحو ذات الوسيلة ويدمر امكانية التعايش في منطقة تنام على بركان الطوائف المأزومة بالتاريخ والحاضر والمستقبل.
إلا أنها اليوم تتجاهل خطر الجماعات الشيعية المتطرفة، التي تتحرك بلا هوادة لفرض الأمر الواقع، حيث يطرد فيه مكون كبير (العرب السنة)، بل وتمارس عليه جرائم ترقى أحيانا للإبادة، وتحت ذرائع تبررها داعش أو القاعدة.. إلا أن مخططها أوسع من حدود المراحل الآنية، فالمخططات البعيدة تطمح لتشكيل كيانات جديدة تصنع تحالفاتها على مقومات وحضور ووقود الطائفة القاتلة والمقتولة في آن.
داعش والقاعدة، لا يمكن ان تعيشا او تستمرا وتمارسا كل هذا الجنون في المنطقة لولا ان هناك صراعات خفية ليس بين قوى اقليمية فحسب، انما ايضا عبر قوى كبرى تتصارع في منطقة انفلت فيها عيار العقل والوعي الانساني لتصبح رهن الوعي الطائفي القاتل.
وهذا التوصيف يجب ان يجعلنا نحاذر الانجراف خلف الوعي الطائفي.. لأنه معول خطير لهدم كيانات الاوطان، التي لا يمكن إلا أن تعيش بكل طوائفها ومكوناتها. إلا انه يتطلب العمل الجاد لحماية الداخل، وإلا أصبحنا في خطر محدق، تقوده ايران لتشعل المنطقة بحروب الطوائف تحت ذريعة وشعارات مظلومية تاريخية تستقي منها جماعات التطرف وقودها المعنوي واستلابها المعرفي.
لن يردع المشروع الايراني وأذرعه في المنطقة سوى قدرتنا على حماية بلادنا.. وهذا يجب ان ينزع عنا الاسترخاء أو الثقة المطلقة بالحلفاء الدوليين.
ولن يقاتل لحماية الوطن سوى ابنائه، ولن يدفع من دمه وعرقه وجهده الا ابناء وطن لا يرون لهم مستقبلا دونه.
ما يجب ان نصارح انفسنا به، أننا يمكن ان نكون افضل واقدر وأمكن بمقوماتنا البشرية والمادية لنصنع قوة ضاربة تمزج بين الخبرة العالية في التدريب والاستعداد للمواجهة، وبين توفير السلاح النوعي بل وصناعته وتطوير ترسانة من الخبرات والامكانات دون الارتهان لمصدر وحيد.. وتوجيه الامكانات المالية لبناء قوة عسكرية مدعومة ببرامج تطوير لا تعرف التوقف او الاسترخاء وتخضع لبرامج زمنية تراقب بدقة وتحكم بفعالية.
القوة التي يحسب لها حساب في منطقة تتعرض لخطر كبير يستهدف التفتيت والتقسيم.. ليست تلك التي تملك مقومات اقتصادية ومصادر ريعية كبيرة ووفرة مالية فقط.. انها ايضا تلك التي تملك القدرة على حماية مقومات وجودها من عدوان ينتظر فقط نضج الظروف الملائمة للانقضاض.
القوة الذاتية تحمي المصالح الاقتصادية وتحمي البناء الاجتماعي وتعزز حضور الذات في مشهد التنمية.. إنها العلاقة التبادلية المحسوبة بدقة بين قوة الردع الذاتية وقوة اقتصاد وتنمية لا تتحقق الا بتحصين الذات، في عالم يسوده الاضطراب وتنشط فيه مخططات الإضعاف والتفتيت والاستنزاف.
أما ثاني تلك النقاط: فهي مسألة اللحمة والتماسك الداخلي. وسيكون من الخطورة ان يعمل البعض على اثارة مشاعر مواطنين آخرين مهما اختلفت طوائفهم؛ إذ لا يسر العدو الطائفي الاكبر في المنطقة أكثر من اثارة تلك النزعات المغرقة في الاذى او التخوين او الاتهام لطائفة اخرى تشكل جزءا من النسيج الوطني.
ليس أخطر علينا من اثارة إحن ومحن التاريخ في مواجهة واقع متفجر. وليس اكثر خطورة من نزعة البعض لتصور مشهد الصراع باعتباره طائفيا وحروبا طائفية فقط.. بينما هي في حقيقتها صراعات حول الهيمنة والسيطرة والمصالح، وما الطائفة سوى وقود لها.. وهي وقود فعال جاهز للتفجر طالما حملت عقول ساذجة ملامح الطائفة في كل فعل أو رد فعل.
إننا بحاجة لميثاق وطني.. يجعل احترام الانتماء الطائفي مبدأ، طالما لم يستخدم لترسيخ الكراهية والبغضاء، أو اثارة نزعة التمزيق والتخوين.. ويعمق دائرة المشاركة الوطنية ليجتمع الناس حول مصالحهم وعلاقتهم الايجابية وشعورهم بأن الوطن ليس لطائفة او فئة بل لجميع مواطنيه.
إلا ان هذا الشعور لا يمكن تعزيزه الا بعاملين: اولهما تعزيز حضور المواطنة حقوقا وواجبات. فحماية نسيج الوطن يتطلب تعزيز الشعور بأن الوطن لجميع مواطنيه، وأن العدالة ناجزة وأن الثروة ليست حكرا على البعض دون الآخر، وان تحقيق مصالح الناس مهما اختلفت الوانهم وانتماءاتهم اولوية لتعظيم الثقة وترسيخ مبدأ العدالة والانصاف.
العامل الثاني، تجريم التعرض للطائفة من حيث هي انتماء طائفي. مشكلتنا ليست مع الطائفة بحد ذاتها بل مع نظام طهران الذي يحاول الهيمنة باسم الطائفة.. ويسعى لتدمير النسيج العربي في العراق وسورية ولبنان واليمن باسم الطائفة.. هذا الوعي سيزيد الشعور بالمناعة تجاه مخططات التفتيت التي تتقوى بإثارة النزعة الطائفية وتوظيفها.
ومع الاعتراف انه لا يمكن القضاء على نزعة طائفية تستبد بالبعض لدرجة الاستغراق وربما حتى الارتماء في احضان المتآمرين على الوطن.. مهما بدت ملامح الانجاز الوطني.. إلا ان اإضعاف اولئك وجعلهم اقلية هامشية في وسط يستشعر مكاسبه واحترام حقوقه والوفاء باحتياجاته.. وتعزيز مشاركته في بناء بلده وصناعة قراره والدفاع عنه.. سيكون خير رد على اولئك وسيجعل من الصعب كسب المزيد من الطيف العام لحافة الوعي الطائفي القاتل.
لمراسلة الكاتب: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.