هناك في بعض منازلنا خلف الأسوار تعيش نساء ورجال تجاوزهم الزمن فباتوا جزءاً من الماضي نسيهم الفرح لأن بعضنا في زحمة الحياة نسيهم.. كم من امرأة مسنة تشرق عليها شمس العيد بظلام لأن الفرح لا يولد في غياب الأحبة.. وكم من مسن اثقلته الدموع لأن أبناءه بين نائم ومسافر ومشغول بأفراح زوجته وأهلها في العيد. أتمنى أن تخلو دور المسنين وقت العيد من المقيمين فيها نهائياً حيث إن ذلك اليوم يثير الكثير من شجن هؤلاء الكبار فتنسكب دموعهم بحرقة لأن العيد لم يأت بفرحة ولا ثوب جديد لم يستشعر مع أبنائه طعم حلاوة العيد..لم يكن جزءاً من دائرة الحضور حول أطباق صباح العيد. العيد يشكل فرحة رئيسية للصغار وكبار السن أكثر من غيرهم مع اختلاف الأسباب. أتمنى على الأبناء والبنات ممن شاءت الظروف أن يقيم والدوهم في تلك الدور أن يحتفلوا بالعيد مع والديهم بإحضارهم من المؤسسة ولو لساعات معدودة .. إن العيد ليس فرحاً وحسب بل هو أيضاً بر بمن عجزنا عن الوصول له مع زحمة مشاغلنا التي لم ولن تنتهي. منظر أم سعود وهي تريد أن تكتحل ولكن أبى الكحل أن يستقر على الاجفان الغارقة في الدموع لأن الأبناء نسوا أن العيد ليس فقط خارج المؤسسات الاجتماعية بل العيد للجميع حتى لمن انشغلنا عنهم بقسوة قد يكون ثمنها أكبر من قدرتنا على الإصلاح وقت فوات الأوان. دور المسنين وبعض الغرف في منازل بعضنا تكشف قسوة بعضنا وتكشف أن مساحة العقوق تتسع ولا تضيق للأسف. نعم هناك مساحات كبيرة وكبيرة جداً من البر بالوالدين من الكثير منا ولكن هناك أيضاً مساحات مظلمة يختبئ داخلها عقوق وقسوة يمارسها بعضنا على والديه أو احدهما بحجة انهم كبار ومزعجون. مهما كانت الأسباب فبر هؤلاء واجب على الجميع وإعطاؤهم مساحة مناسبة تليق بهم في افراحنا أبسط ما يمكن أن نفعله تجاه آبائنا وأمهاتنا. نعم قد تكون ظروف القلة تحول دون بقاء والديهم لديهم في المنزل وبالتالي الحاجة لدور المسنين ولكن تواجدهم معنا في الأفراح مثل العيد أمر مقدور عليه كأضعف الإيمان. في مؤسسات المسنين من رجال ونساء صور لا تدفعك للبكاء وحسب بل انها تصيبك بالهلع لوجود مثل هؤلاء الأبناء بيننا ونحن المجتمع المتدين الفرد فينا لا ينام إلا وقد سمع صوت المؤذن خمس مرات وشارك صوت الإمام أصوات أطفاله ومع ذلك لدينا من يستطيع أن ينام أو يأكل أو يفرح ووالده أو والدته يبكي صباح العيد. للرجال اقول : الزوجة التي تشمئز من أمهاتكم أو آبائكم لا خيرة فيهن وللنساء أقول : من لا يدفعك للبر بوالديك لا خيرة فيه. فلنجعل العيد فرحة للجميع ومن لم يمسح دمعة لأبيه أو أمه لا يستحق أن يكون جزءاً من عيدنا.